ما عقوبة عقوق الوالدين في الدنيا؟، سؤال أجابت عنه دار الإفتاء المصرية من خلال صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، حيث حذرت الإفتاء من عقوق الوالدين وبيان عاقبته في الدنيا والآخرة.
ما عقوبة عقوق الوالدين في الدنيا؟
أوجب اللهُ تعالى ورسولُهُ صلى الله عليه وآله وسلم بِرَّ الوالدين والإحسان إليهما في مواضع كثيرة؛ منها قوله تعالى: ««وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَٰنًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ ٱلْكِبَرَ أَحَدُهُمَآ أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّۢ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا». وجاء عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه- قَالَ: «سَأَلْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ قَالَ الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا، قَالَت: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ، قَالَ ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ»، رواه البخارى.
وقالت الإفتاء في بيانها ما عقوبة عقوق الوالدين في الدنيا؟، إن الله تعالى نهى عن عقوق الوالدين، وجعل عواقبه شديدةً ووخيمةً؛ ففيه عقوبة في الدُّنيا قبل الآخرة؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال: «بابانِ مُعجَّلانِ عُقوبتُهما في الدنيا: البَغْيُ، والعقُوقُ» رواه الحاكم.
وتابعت الإفتاء: جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عقوق الوالدين مانعًا من دخول الجنَّة؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال: «ثلاثةٌ لا ينظرُ اللهُ عزَّ وجلَّ إليهم يومَ القيامةِ: العاقُّ لوالِدَيهِ، والمرأةُ المترجِّلةُ، والدَّيُّوثُ. وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْرِ، وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى» رواه النسائي.
أثر طاعة الوالدين والبر بهما
أولًا: نيل البركة في العمر، والسعة في الرزق، وذلك يكون بعدّة صورٍ، منها: البركة في استغلال العمر بالطاعات والعبادات، ونيل التوفيق من الله تعالى، أو يكون بأنّ الملائكة عندما تعلم بأنّ العبد يصل رحمه، فتقوم بتغيير عمره بسبب وصله للرحم، حيث قال الله تعالى: (يَمحُو اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثبِتُ).
ثانيًا: نيل الدعاء المستجاب من الوالدين، ومما يدل على ذلك قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «ثلاثُ دَعَواتٌ مُستجاباتٌ، لا شكَّ فِيهِنَّ: دَعوةُ الوالِدِ على ولدِهِ، ودعوُةُ المسافِرِ، ودعوةُ المظلُومِ»، وذلك إكرامًا للوالدين من الله تعالى.
ثالثًا: برّ الوالدين يدل على كمال الإيمان، كما أنّه من حسن إسلام العبد، كما أنّه من الطرق الموصلة إلى الجنة في الحياة الآخرة، وبه يرتفع ذكر العبد في الحياة الدنيا والآخرة.
رابعًا: برّ الوالدين يعدّ من أسباب تفريج الهموم والكروب، وكشف الابتلاءات.
عقوبة عقوق الوالدين في الدنيا والآخرة
أولًا: استحقاق لعنة الله لمن سب والديه أو لعنهما: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَلْعُونٌ مَنْ سَبَّ أَبَاهُ، مَلْعُونٌ مَنْ سَبَّ أُمَّهُ، مَلْعُونٌ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ، مَلْعُونٌ مَنْ غَيَّرَ تُخُومَ الْأَرْضِ، مَلْعُونٌ مَنْ كَمَهَ أَعْمَى عَنْ طَرِيقٍ، مَلْعُونٌ مَنْ وَقَعَ عَلَى بَهِيمَةٍ، مَلْعُونٌ مَنْ عَمِلَ بِعَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ»، وفي رواية ابن حبان: «وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ سَبَّ وَالِدَيْهِ».
ثانيًا: تعجل عقوبة العاق لوالديه في الدنيا قبل الآخرة: عَنْ أَبِي بَكْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «اثْنَتَانِ يُعَجِّلُهُمَا اللهُ فِي الدُّنْيَا: الْبَغْيُ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ».
ثالثًا: من أسباب دخول النار، فيُحرَم العاقُّ لوالديه من دخول الجنة، لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «لا يدخل الجنة عاقٌّ، ولا منَّانٌ، ولا مُدمن خمر».وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: «آمِينَ آمِينَ آمِينَ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ حِينَ صَعِدْتَ الْمِنْبَرَ قُلْتَ: آمِينَ آمِينَ آمِينَ، قَالَ: «إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي، فَقَالَ: مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ وَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، وَمَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يَبَرَّهُمَا، فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، وَمَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ».
رابعًا: استجابة دعوة الوالد على ولده العاق، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ المَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ المُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ».
خامسًا: لا يَسلَمُ عاقّ الوالدين من انتزاع البركة من عمره وحياته، وقلّة الرزق، وعدم استجابة دعائه، وحرمانه من رفع أعماله إلى السماء، وهو مخلوف بعقوق أبنائه وذريّته من بعد عقوقه لوالديه.
سادسًا: يفتح عاق والديه على نفسه بابين من أبواب جهنم، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصْبِحُ وَوَالِدَاهُ عَنْهُ رَاضِيَانِ، إِلَّا كَانَ لَهُ بَابَانِ مِنَ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَوَاحِدٌ، وَمَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصْبِحُ وَوَالِدَاهُ عَلَيْهِ سَاخِطَانِ، إِلَّا كَانَ لَهُ بَابَانِ مِنَ النَّارِ، وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَوَاحِدٌ».