لا شك أن العاقل هو من يبحث عن كيفية التوبة من الخوض في أعراض الناس وقذف المحصنات؟، وقد أدرك هول ما وقع في الإثم، ويسعى للإفلات من العقوبة والنجاة، وهو ما يجعله بحاجة لمعرفة كيفية التوبة من الخوض في أعراض الناس وقذف المحصنات؟.
كيفية التوبة من الخوض في أعراض الناس
قالت الدكتورة زينب السعيد، أمينة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن التوبة من الخوض فى أعراض الناس وقذف المحصنات تتطلب خطوات محددة.
وأوضحت “ السعيد” في إجابتها عن سؤال: كيفية التوبة من الخوض في أعراض الناس وقذف المحصنات؟، أن أولى الخطوات هي الندم الصادق على هذا الفعل، والاعتراف بأن الخوض في الأعراض أو قذف المحصنات هو إثم عظيم.
ونبعت إلى أن التوبة تتطلب أيضاً العزم على عدم العودة إلى هذا السلوك مجدداً، وفي حال كان هناك شخص آخر علم بأن الشخص قد خاض في سيرته أو قذف محصنات، فإن على الشخص أن يستبرئ ذمته ويطلب السماح منه.
وأشارت إلى أنه فيما يتعلق بالكلام عن شخص توفاه الله أو الخوض فيه بشكل ضمني، أشارت إلى أن السب والقذف يجب أن يُفرق بينهما، فالقذف، الذي يستحق عليه الجلد 80 جلدة، يتعلق بالخوض في الأعراض بقصد.
وأضافت: بينما السب هو جريمة ولكن لا يتضمن نفس العقوبات، لافتة إلى أن القذف قد يكون صريحاً أو ضمنياً، حيث يتم اعتبار الكلام الذي يمس شرف الشخص سواء بعبارات مباشرة أو بتلميحات من باب القذف.
ولفتت إلى أنه أنه إذا كان هناك دليل على ارتكاب الفاحشة من قبل المرأة، فإنه يجب أن يكون هناك أربعة شهود، وإذا شهد ثلاثة فقط ونفى الرابع وقوع الفاحشة، فلا تقبل الشهادة.
حكم الخوض في أعراض الناس
يعد الطعن في أعراض الآخرين من آفات اللسان التي قد توصل صاحبها إلى النار، لقوله -صلى الله عليه وسلم -: (وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو على مناخرهم، إلا حصائد ألسنتهم).
معنى الخوض في أعراض الناس
يكون الطعن في أعراض الناس بنسبة الزنا لأمهاتهم بالتصريح أو بالتلميح، مثل أن يقول: "يا ابن الزانية، أو يا بغي، أو يا ابن البغي"، فكل هذا ومثله يعد من الطعن بأعراض الناس؛ باتهامهم بارتكاب فاحشة الزنا، أو أنهم أبناء غير شرعيين نتيجة سفاحٍ وزنا.
ويسمى في الإسلام بقذف المحصنات، وقد عدّه الذهبي من الكبائر مستدلاً بقوله -تعالى-: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾.
حرمة الخوض في أعراض الناس
ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية عدة نصوص تحذر من الطعن في أعراض الناس، ومنها ما يأتي: قال -تعالى-: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.
وقد أنزل الله -تعالى- عشرين آية في القرآن الكريم لبيان خطورة الطعن في الأعراض، وفَصّل عقوبتهم وهي: الجلد ثمانين جلدة، ورد شهادتهم أمام القضاء، والحكم عليهم بالفسق، وكل هذا لبيان خطورة الطعن في أعراض الناس. قوله -صلى الله عليه وسلم-: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، وَما هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلَاتِ)، والموبقات: أي المهلكات اللاتي يحبسن صاحبهن في جهنم.
عدّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قذف أعراض الناس بأنه من سبب إفلاس العبد من حسناته يوم القيامة حتى يدخل النار؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ المُفْلِسَ مِن أُمَّتي يَأْتي يَومَ القِيامَةِ بصَلاةٍ، وصِيامٍ، وزَكاةٍ). (ويَأْتي قدْ شَتَمَ هذا، وقَذَفَ هذا، وأَكَلَ مالَ هذا، وسَفَكَ دَمَ هذا، وضَرَبَ هذا، فيُعْطَى هذا مِن حَسَناتِهِ، وهذا مِن حَسَناتِهِ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُهُ قَبْلَ أنْ يُقْضَى ما عليه أُخِذَ مِن خَطاياهُمْ فَطُرِحَتْ عليه، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ).
حرّم الله -تعالى- أدنى درجات الطعن في الناس ولو كانت بالإشارة الخفية؛ لقوله تعالى: ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ﴾، فالويل وعيد شديد، أو وادٍ في جهنم، وهو مخصص للذي يطعن في أعراض الناس، والهمز: انتقاص الناس بالفعل، واللمز: انتقاص الناس باللسان؛ وكلها محرمة.
يعد الطعن في أعراض الناس أشد أنواع الربا، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (الربا اثنانِ وسبعونَ بابًا أدناها مثلُ إتيانِ الرجُلِ أُمَّهُ، وإِنَّ أربى الرِّبا استطالَةُ الرجلِ في عرضِ أخيهِ).
بين النبي -صلى الله عليه وسلم- عقوبة من قال في الناس ما ليس فيهم؛ ومن ذلك الطعن في أعراضهم، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (من قال في مؤمنٍ ما ليس فيه أسكَنَه اللهُ رَدغةَ الخَبالِ حتى يخرُجَ ممَّا قال)، وردغة الخبال فسرها النبي -صلى الله عليه وسلم- بقول: (عُصَارةُ أهلِ النارِ).