يعاني العالم خلال آخر عامين من أزمات غير مسبوقة وتفشي أوبئة غير شائعة، بدأت بوباء كورونا وصولا لـ جدري القرود، والذي حذرت منه منظمة الصحة العالمية وأعلنته حالة طوارئ صحية عالمية.
تفشي جدري القرود
أعلنت منظمة الصحة العالمية يوم الأربعاء الماضي أن انتشار جدري القرود في إفريقيا قد أصبح الآن حالة طوارئ صحية عالمية، وهو أعلى مستوى تحذير يمكن أن تعلن عنه الهيئة، ومنذ ذلك الحين، بدأت الدول في تكثيف استعداداتها لمواجهة هذا الوضع.
وفي مصر، اتخذت السلطات تدابير مشددة لتعزيز الرصد والمتابعة، وزادت من إجراءات التفتيش في المنافذ والمطارات لرصد أي حالات محتملة والقيام بالتعامل السريع معها.
ومن جانبه، قال مستشار الرئيس المصري للشؤون الصحية، الدكتور محمد عوض تاج الدين، إن مصر تتبع جميع الإجراءات الوقائية وتعمل على توسيع عمليات الرصد والاشتباه، بحيث يتم التعامل بسرعة مع أي حالة مشبوهة أو مؤكدة، مضيفًا أن حالات جدري القرود يتم عزلها فور التأكد منها، وتقديم العلاج اللازم لها.
وأشار تاج الدين إلى أن المرض كان منتشراً في بعض دول إفريقيا لسنوات، ولكنه شهد زيادة ملحوظة في العامين الماضيين، وطمأن المواطنين بعدم تسجيل أي حالات إصابة في مصر حتى الآن، مؤكداً جاهزية جميع الجهات الرسمية لمواجهة المرض، وأوضح أن زيادة المخاوف تأتي من ارتفاع عدد الحالات المصابة والوفيات الناجمة عن المرض.
ومن جهتها، أوضحت وزارة الصحة تفاصيل انتشار المرض، مشيرة إلى أنه ينتقل من خلال ملامسة الجلد للجلد مع المصابين أو استخدام ملابسهم وملاءات أسرّتهم، وأكدت الوزارة أن المرض ينتشر ببطء مقارنة بفيروس كورونا، مشددة على توفر لقاحات لعلاجه.
وتجدر الإشارة إلى أن المرض تسبب في وفاة ما لا يقل عن 548 شخصاً منذ بداية العام في جمهورية الكونغو، بسبب سلالة أكثر عدوى وخطورة من الفيروس.
أكد الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث باسم وزارة الصحة، أن جدري القرود يعتبر من الأمراض المتوطنة في بعض دول إفريقيا، وأشار إلى أن معدلات الإصابات شهدت زيادة ملحوظة في السنوات الأخيرة، حيث ارتفعت بشكل كبير خلال عام 2024، وأكد عبد الغفار أنه لم يتم رصد أي حالات إصابة أو اشتباه بالإصابة بالمرض في مصر هذا العام.
وفي حوار له ببرنامج "8 الصبح" على قناة "دي إم سي"، أوضح عبد الغفار أن حالات جدري القرود التي تم تسجيلها في عام 2023 قد تم الإعلان عنها بكل شفافية، وأضاف أنه بعد إعلان منظمة الصحة العالمية عن المرض كحالة طوارئ صحية عالمية، تم تعزيز مستوى الترصد والتأكد من الإجراءات المتبعة في هذا الصدد.
وأشار إلى أن الترصد يشمل منافذ الحجر الصحي البرية والجوية والبحرية، وخاصة من الدول التي يتوطن فيها المرض، وأضاف أن هناك فرقاً بين حالة الطوارئ الصحية العالمية والجائحة، موضحاً أن منظمة الصحة العالمية حددت سبع أمراض تستدعي القلق العالمي، اثنان منها تم تصنيفهما كجائحات وهما فيروس كورونا وإنفلونزا الطيور، وليس كل مرض يستدعي القلق يتحول إلى جائحة عالمية.
ومن جانبه، قال عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، الدكتور مجدي بدران،إن أعراض جدري القرود تشبه إلى حد كبير أعراض الجدري التي كانت تظهر على المرضى في الماضي، ولكنها تكون أقل شدة.
وتنقسم مرحلة العدوى إلى فترتين:
- الفترة الأولى تستمر حوالي خمسة أيام وتشمل أعراضًا مثل الحمى، الصداع الشديد، تضخم العقد اللمفاوية، وتطور الغدد الليمفاوية المتضخمة، والتي قد تكون شاملة في أماكن مختلفة من الجسم أو موضعية في مناطق محددة مثل الرقبة، الإبط، تحت الفك السفلي، أو الأربية، وأضاف أن الأعراض الأخرى في هذه الفترة تشمل آلام الظهر والعضلات، والإرهاق وفقدان الطاقة.
- أما الفترة الثانية فتتميز بظهور الطفح الجلدي، والذي يبدأ عادةً بعد يوم إلى ثلاثة أيام من الإصابة بالحمى، تتضمن أعراض هذه الفترة ظهور الطفح الجلدي بمراحل مختلفة، بدءًا من الوجه ثم الانتشار إلى أجزاء أخرى من الجسم، قد يتراوح عدد الآفات من بضع إلى عدة آلاف، ويتطور الطفح خلال حوالي 10 أيام من بقع مسطحة إلى حويصلات صغيرة مملوءة بسائل، ثم إلى بثرات تليها قشور تحتاج إلى ثلاثة أسابيع لتختفي تمامًا.
وأضاف بدران في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن المصاب يمكن أن ينقل العدوى لمدة تصل إلى 4 أسابيع بعد ظهور الأعراض، وبخصوص طرق الوقاية، أكد أن الأشخاص الذين تلقوا تطعيم الجدري يتمتعون ببعض الحماية ضد جدري القرود، حيث أن تعزيز المناعة يقلل من شدة المرض ومدة الإصابة والمضاعفات، كما يمكن الوقاية من خلال تقليل التعامل مع الثدييات الأفريقية الصغيرة والقردة، وتجنب الاتصال غير المحمي بالحيوانات البرية، بالإضافة إلى طهي جميع الأطعمة التي تحتوي على لحوم أو أجزاء حيوانية جيدًا قبل تناولها.