تحل اليوم، الأحد 4 أغسطس، الذكرى الرابعة لتفجير مرفأ بيروت الذي وقع في الرابع من أغسطس 2020.
في هذه المناسبة، التقت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، جينين هينيس-بلاسخارت، بعائلات عدد من الضحايا.
وأكدت أن الأمين العام للأمم المتحدة يطالب بإجراء تحقيق محايد وشامل وشفاف للكشف عن الحقيقة وتحقيق العدالة والمحاسبة.
كما شددت بلاسخارت على ضرورة وجود قضاء مستقل وفعال في لبنان، مع تفعيل مؤسسات الدولة الأخرى، وفقاً للوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية.
الذكرى الرابعة لانفجار مرفأ بيروت
وأضافت بلاسخارت أن "غياب المحاسبة عن هذه الكارثة التي كانت من صنع الإنسان يعد أمر مروع"، مشيرة إلى أن السلطات المعنية يجب أن تعمل بلا كلل لإزالة جميع العوائق التي تعيق التحقيق، سواء كانت هيكلية أو سياسية، ومع ذلك، تواصل هذه العقبات إعاقة التقدم.
بلاسخارت ذكرت أن انفجار مرفأ بيروت ترك بصماته في جميع أنحاء العالم، وأن الألم الذي تعانيه العائلات المكلومة يتضاعف بسبب الفشل في تحقيق العدالة حتى الآن.
من جهتها، أعربت أسر الشهداء عن استيائها من عدم تحقيق تقدم ملموس في كشف الحقيقة وإنفاذ العدالة بعد مرور أربع سنوات، في ظل استمرار التحقيق المعلق.
ويستمر اللبنانيون في السعي لتحقيق العدالة، بينما يتزامن ذلك مع المخاوف من تصاعد التوترات بين حزب الله وإسرائيل، وتوقعات بمشاركة واسعة في المسيرات التي ستعبر عن الغضب والاستياء من غياب العدالة.
ومنذ بداية الحادث، نسب الانفجار في 4 أغسطس 2020 إلى تخزين كميات كبيرة من نترات الأمونيوم دون اتخاذ التدابير اللازمة للحماية، بعد اندلاع حريق غامض.
وعلى الرغم من الكشف عن تقصير من قبل بعض المسؤولين، فإن التحقيق لا يزال معلقاً بسبب التعقيدات السياسية والقضائية.
بينما وعد رئيس الوزراء اللبناني آنذاك، حسان دياب، بإجراء تحقيق خلال خمسة أيام، تحولت تلك الأيام إلى أربع سنوات، مما يجعل الذكرى الرابعة لهذا العام تأتي في سياق مختلف مع تأثيرات حرب غزة على لبنان.
أدت الحرب إلى تراجع قطاع السياحة الحيوي في البلاد، وتفاقم الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد منذ انتفاضة أكتوبر 2019، ما دفع البنك الدولي في عام 2022 لتصنيفها بين أسوأ الأزمات التي شهدها العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر.
الانفجار المدمر خلف أكثر من 220 قتيلاً و6000 مصاب، وأدى إلى تدمير أكثر من 300 ألف وحدة سكنية نتيجة لتخزين 2500 طن من نترات الأمونيوم بدون حماية.
وزير الاقتصاد اللبناني، أمين سلام، أكد في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" أن لبنان لم يتعاف اقتصادياً منذ الحادث، وأن استعادة الثقة في المرافق العامة ستستغرق وقتاً طويلاً.
وقال إن مشاريع مرفأ بيروت الكبرى، التي كانت تهدف إلى جعله مركزاً ترانزيتياً للبضائع نحو الدول العربية، فقدت مصداقيتها.
في الوقت نفسه، يعاني لبنان من خسائر اقتصادية هائلة بسبب استمرار الحرب مع إسرائيل في جنوب البلاد، حيث تقدر الخسائر بحوالي 360 مليون دولار يومياً في أبريل 2024، مما يزيد من تعقيد الأزمة الاقتصادية التي تواجهها البلاد.
من جانبها، أعربت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، جنين هينيس - بلاسخارت، عن استيائها من غياب المحاسبة، مشيرة إلى أن عدم تحقيق العدالة بشأن هذه الكارثة أمر مروع.
وأكدت أن القضاة المعينين للتحقيق تعرضوا لضغوط ومعوقات عديدة أثرت على تقدم التحقيقات، والتي تم تعليقها واستئنافها مراراً.
تظل آمال تحقيق العدالة معقدة، في ظل تفاقم الأزمة السياسية والمشاحنات القضائية، مما يطيل أمد سعي الشعب اللبناني للحصول على الحقيقة والعدالة في مأساة انفجار مرفأ بيروت.
من جانبه، قال الكاتب اللبناني، الدكتور محمد الطعان،إن الوضع في لبنان متأزم من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية ورأى أن الانفجار زاد من تعقيد الأزمات الاجتماعية والسياسية.
وأضاف الطعان، في تصريحات لـ "صدى البلد": "أعتقد أن ما حدث في مرفأ بيروت كان عملاً متعمدًا، ومن غير المرجح أن يصل التحقيق إلى نتيجة ملموسة، كما هو الحال مع العديد من القضايا الأخرى".
من جانب آخر، قال عبد الله نعمة، المحلل السياسي اللبناني، إن انفجار مرفأ بيروت لم يكن مجرد حادث عادي، بل اعتبر أن إسرائيل هي التي استهدفت المرفأ.
وأضاف نعمة، في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن المجتمع الدولي قام بإخفاء الأدلة المتعلقة بالحادث وما حدث بعد الانفجار.
وتابع نعمة: "الواقع أن لبنان والشعب اللبناني يدفعون الثمن بسبب القادة السياسيين الذين أوصلوا البلاد إلى هذه الحالة، وكل طرف يحاول تحميل المسئولية للآخر، إسرائيل اعتدت على مرفأ بيروت بقصف مخزن الذخائر، بينما السلاح في لبنان يأتي كهدية من أمريكا وفرنسا وبريطانيا للجيش اللبناني، مما يعني أن لبنان لم يكن صانعاً للأسلحة. الهجوم على مرفأ بيروت كان اعتداء سافراً من قبل إسرائيل بهدف تحميل حزب الله مسئولية الانفجار".
وتابع نعمة: "الدولة اللبنانية كانت على علم بوجود المواد المتفجرة في المرفأ، مما يجعلها أيضاً مسئولة، ولكن لم يكن أحد يتوقع أن يكون الانفجار بهذا الحجم. الحقيقة لم تظهر بالكامل، ولبنان ما زال يدفع ثمناً باهظاً، وبيروت لم تعد كما كانت قبل الانفجار".
وأشار نعمة إلى أن المسئولية عن كشف الحقيقة تقع على عاتق الدولة اللبنانية والقادة السياسيين، واعتبر أن المجتمع الدولي ساهم في إخفاء الحقيقة.
وتساءل عن السبب وراء تفجير مرفأ بيروت، وهدف هذا الاعتداء ضد الشعب اللبناني.