حشدت أمريكا قوات لها بالشرق الأوسط في ظل زيادة التوتر بين إيران ووكلائها من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، على خلفية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، وفؤاد شكر، القيادي في حزب الله، في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية ببيروت.
صحيفة "نيويورك تايمز" نقلت عن مسئول عسكري أمريكي قوله إن "القوات الأمريكية في الشرق الأوسط تتخذ "الإجراءات الضرورية لزيادة الاستعداد القتالي وحماية قواتها وحلفائها من أي تهديدات من جانب إيران أو الميليشيات المدعومة منها".
الحشد الأمريكي بالمنطقة.. ماذا يحدث؟
بينما كشفت صحيفة "واشنطن بوست" عن نشر الولايات المتحدة 12 سفينة حربية في مناطق متفرقة بالشرق الأوسط تشمل حاملة الطائرات "يو إس إس ثيودور روزفلت" والسفن الحربية المرافقة لها ومجموعة "واسب" البرمائية الجاهزة، وهي قوة مهام برمائية مكونة من 3 سفن تضم أكثر من 4000 من مشاة البحرية والبحارة.
ويرى خبراء ومحللون أمريكيون، أن الإجراءات التي تتخذها واشنطن تهدف إلى منع التصعيد وعدم خروج الأمور عن السيطرة والدفاع عن حماية المصالح الأميركية بالمنطقة، والتعامل مع الرد الإيراني المرتقب.
من جانبه، قال ريتشارد وايتز، الخبير الأمريكي مدير مركز التحليل السياسي العسكري في معهد هدسون، إن التحركات العسكرية الأمريكية من شأنها أن تساعد في منع التصعيد الذي لا تريده الولايات المتحدة.
ويرى "وايتز" إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن مقتنعة بأن إيران ستهاجم إسرائيل في غضون أيام، وذلك وفق ما أفادت به مكالمة بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ووفق ما جاء في المكالمة التي نشر تفاصيلها موقع "أكسيوس" الأمريكي، فإن "بايدن أكد التزامه بأمن إسرائيل ضد كل التهديدات التي تمثلها إيران، بما في ذلك وكلاؤها حماس وحزب الله والحوثيين".
نشر قوات عسكرية أميركية جديدة
كما ناقش بايدن دعم إسرائيل ضد إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات من دون طيار، لتشمل نشر قوات عسكرية أمريكية دفاعية جديدة، مع التأكيد على ضرورة خفض التصعيد في المنطقة.
ووفق مدير مركز التحليل السياسي العسكري في معهد هدسون، فإن واشنطن تحاول في الوقت نفسه تغيير رأي إيران أو على الأقل مساعدة إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد هجوم إيراني كبير آخر.
من جانبه، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إن التطورات الأخيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، خاصة في قطاع غزة، تدل على تصاعد العدوان الإسرائيلي ووصفه بأنه غاشم.
وأضاف فهمي، في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن استمرار مجازر جديدة من جانب الاحتلال الإسرائيلي في غزة يؤكد استمرارية الحكومة الإسرائيلية في سياستها العدوانية.
وأوضح أن الردع الحقيقي على إسرائيل ينبع من مواقف المجتمع الدولي، بالإضافة إلى المواقف الأمريكية، مشددًا على أن الولايات المتحدة بيدها كثير من أوراق الضغط، بل يمكن القول إن الولايات المتحدة هي الطرف الأهم الذي يملك أدوات الضغط على الحكومة الإسرائيلية.
بينما قال أيمن الرقب أستاذ العلوم السياسية والقيادي بحركة فتح الفلسطينية، إنه لا يمكن لأحد أن يقدم علي عملية اغتيال همجية ضد فؤاد شكر في لبنان وإسماعيل هنية في إيران إلا وقد منح الضوء الأخضر من الولايات المتحدة الامريكية، ومحاولة أمريكا أن تنفض يدها من هذا لا تدخل عقل طفل في العالم وليس في فلسطين أو المنطقة العربية.
وأضاف الرقب- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن الاحتلال الإسرائيلي أجبن من أن ينفذ تلك المهام دون غطاء من الولايات المتحدة الأميركية.
وأشار الرقب، إلى أنه من الممكن أن يكون الرئيس بايدن ومجموعة من حوله، لا يعلمون بهذا الأمر، ولكن الأجهزة الأمنية هي التي قررت أن تعطي الضوء الأخضر لنتنياهو وتمنحه تنفيذ تلك العملية.
وتابع: "حركة أمريكا من خلال وصول حاملات الطائرات الأمريكية وتفعيل كل القواعد الأرضية الأمريكية لصد أي هجوم علي الاحتلال الإسرائيلي، رسالة واضحة بأن أمريكا لن تسمح بهدم دولة الاحتلال الإسرائيلي، كما حدث يوم ٧ أكتوبر".
من جانبها، قالت إيرينا تسوكرمان، الباحثة الأمريكية المتخصصة في الشئون الدولية، إن الاستعداد القتالي الأمريكي في الشرق الأوسط يأتي في إطار الاستجابة المباشرة للتهديد الصريح من جانب إيران وحماس بالرد على إسرائيل، والذي من المفترض أن يتضمن نوعا من العمل العسكري الذي يستهدف المواقع الرئيسية والمدنيين.
الحوثيين داخل إسرائيل
وأضافت تسوكرمان، في تصريحات لها، أن الرد المرتقب قد يتضمن هجمات مباشرة أو غير مباشرة على المواقع العسكرية الأمريكية الموجودة في المنطقة، وعلى سبيل المثال، هناك شائعات حول الضربة الإيرانية المخطط لها بطائرات من دون طيار ضد إسرائيل.
وأشارت تسوكرمان، إلى أنه إذا اتبعت إيران نمط الهجوم الذي نفذته في أبريل، فقد تكلف إسرائيل وحدها أكثر من مليار دولار للدفاع فقط، كما ستؤدي أيضا إلى تكاليف إضافية للولايات المتحدة والدول المجاورة، فضلا عن تكاليف إغلاق المجال الجوي لمنع استهداف حركة الطيران التجاري.
وترى الباحثة الأمريكية أن السيناريوهات المحتملة الأخرى تتضمن ضربات بعيدة المدى من قبل الحوثيين داخل إسرائيل، والتي تنطوي على فرصة لإلحاق الضرر بمناطق أخرى ذات مصالح دولية مثل الموانئ الإسرائيلية، أو القوات البحرية والسفن التجارية القريبة.
وتعتقد تسوكرمان أنه في ظل هذه التهديدات فإن "زيادة قدرات الردع خطوة معقولة، أولا لإظهار جدية اهتمام واشنطن بالحفاظ على الأمن والاستقرار، وثانيا للتنسيق اللوجستي مع الحلفاء الإقليميين لمنع تكاليف الدفاع من الارتفاع الشديد، وثالثا لتجنب التصعيد ومنع إيران ووكلائها من اتخاذ إجراءات تتجاوز الضربات الرمزية التي قد تؤدي إلى خسائر مدنية أو عسكرية كبيرة ثم تؤدي إلى صراع أطول أمدا".
كما تفترض أن "إيران ووكلاءها قد يحاولون جر إسرائيل إلى نمط من القتال يجعلها تحتاج موافقة الولايات المتحدة للرد، وهذا سبب آخر للاحتفاظ بالمقاتلات الأمريكية وأشكال أخرى من الاستعداد العسكري، فقد تحاول إيران إلحاق الضرر بإسرائيل من خلال الأطراف والمناطق التي لا تستطيع تل أبيب مهاجمتها بسهولة بمفردها، وعلاوة على ذلك استخدام هذه المناطق كملاذ لبعض وكلائها في حالة خروج خططهم عن نطاق السيطرة".
جدير بالذكر، أن قناة "القاهرة الإخبارية" أفادت فى خبر عاجل نقلا عن إعلام أمريكي، بتحرك سفن حربية أمريكية في البحر المتوسط باتجاه سواحل إسرائيل للدفاع عنها حال التعرض لهجوم إيراني.