إلى جانب المومياوات والحضارة المصرية القديمة احتفظ المصريونالقدماء أيضًا بملايين الحيوانات. في دراسة حديثة، تم الكشف عن تفاصيل غير عادية حول الساعات الأخيرة في حياة التمساح الذي قام المحنطون المصريون القدماء بتحنيطه.
وباستخدام جهاز التصوير المقطعي المحوسب، تمكنا من تحديد كيفية وفاة الحيوان وكيفية علاج الجثة بعد الموت.
بالنسبة للمصريين القدماء، كانت الحيوانات تؤدي وظيفة دينية مهمة، حيث تنتقل بين العالمين الأرضي والإلهي.
فقد ارتبطت الصقور بإله الشمس حورس، لأنها كانت تحلق عاليا في السماء، أقرب إلى الشمس، كما ارتبطت القطط بالإلهة باستت، وهيشخصية أم شجاعة وشرسة.
تم إنشاء معظم مومياوات الحيوانات كعروض أو هدايا نذرية، وتوفر مومياوات الحيوانات لمحة سريعة عن العالم الطبيعي، تم التقاطها فيالفترة ما بين 750 قبل الميلاد و250 بعد الميلاد تقريبًا. بعض هذه الأنواع المحنطة لم تعد موجودة في مصر.
طيور أبو منجل
على سبيل المثال، كان المصريون القدماء يشاهدون طيور أبو منجل المقدسة، وهي طيور خواضة طويلة الأرجل ومناقير منحنية، على طولضفاف نهر النيل كل يوم. وتم تحنيط ملايين الطيور كقرابين لتحوت، إله الحكمة والكتابة. ولم تعد هذه الطيور موجودة في مصر، حيث دفعهاتغير المناخ وتأثيرات التصحر إلى الانتقال جنوبًا إلى إثيوبيا.
ومن الحيوانات الأخرى المحنطة بشكل شائع هو التمساح. وعلى الرغم من أن التماسيح عاشت في نهر النيل خلال العصور القديمة، إلا أنالانتهاء من بناء سد أسوان عام 1970 منعها من التحرك شمالًا نحو الدلتا في مصر السفلى.
سوبك سيد النيل
ارتبطت التماسيح بسوبك، سيد النيل والإله الذي يشير وجوده إلى فيضان النيل السنوي الذي يوفر المياه والطمي الغني بالمغذيات لأراضيهمالزراعية.
تم تحنيط التماسيح بأعداد كبيرة كقرابين لسوبك. وكانت تستخدم كتعويذات في جميع أنحاء مصر الفرعونية لدرء الشر، إما عن طريق ارتداءجلود التمساح كملابس، أو عن طريق تعليق التمساح على أبواب المنازل.
معظم مومياوات التماسيح هي لحيوانات صغيرة، مما يشير إلى أن المصريين كان لديهم الوسائل اللازمة لتفقيس الصغار وإبقائهم على قيدالحياة حتى يتم طلبهم. وتعزز الأدلة الأثرية هذه النظرية، مع اكتشاف مناطق مخصصة لحضانة البيض وتربية الصغار. تم تدليل البعضكحيوانات عبادة وسمح لهم بالموت موتًا طبيعيًا.
مع نمو التماسيح بشكل أكبر، زاد الخطر على مربي التماسيح، مما يشير إلى أنه ربما تم القبض على عينات أكبر في البرية وإرسالها علىعجل للتحنيط. كشفت الأبحاث التي أجريت على بقايا الحيوانات الكبيرة المحنطة عن أدلة على إصابة الجمجمة بصدمة من قبل البشر ربماكمحاولة لشل حركة الحيوان وقتله.
ما توصلت إليه الدراسة
تحتوي مومياء التمساح في دراستنا على أدلة تشير إلى كيفية اصطياد هذه الحيوانات. المومياء محفوظة ضمن مجموعة متحف ومعرض الفنون في برمنغهام بالمملكة المتحدة، ويبلغ طولها 2.23 متر.
وفي مايو 2016، تم نقل مومياء التمساح الكبيرة، التي شكلت جزءا من دراسة أوسع أجراها فريق من الباحثين الذين أعمل معهم من جامعة مانشستر، إلى مستشفى مانشستر الملكي للأطفال للخضوع لسلسلة من الدراسات الشعاعية.
تسمح تقنيات التصوير الطبي للباحثين بدراسة القطع الأثرية القديمة دون تدميرها، كما فعلت دراسات المومياوات في السابق.
وأظهرت الأشعة السينية والأشعة المقطعية أن الجهاز الهضمي للحيوان كان مليئا بحصوات صغيرة تعرف باسم "حصوات المعدة". غالبًا ماتبتلع التماسيح الحجارة الصغيرة لمساعدتها على هضم الطعام وتنظيم عملية الطفو. تشير حصيات المعدة إلى أن المحنطين لم ينفذوا عمليةنزع الأحشاء، وهي عملية إزالة الأعضاء الداخلية لتأخير التعفن.
ومن بين الحجارة، أظهرت الصور أيضًا وجود خطاف سمك معدني وسمكة.
تشير الدراسة إلى أنه تم اصطياد التماسيح الكبيرة المحنطة في البرية باستخدام خطافات مملوءة بالأسماك. ويضيف هذا ثقلًا إلى رواية المؤرخ اليوناني هيرودوت، الذي زار مصر في القرن الخامس قبل الميلاد وكتب عن ضرب الخنازير على ضفاف النهر لجذب التماسيح، التيتم اصطيادها بخطافات ذات طعم موضوعة في نهر النيل.