استطاعت الحكومة المصرية تحقيق مؤشرات جيدة لأداء الموازنة خلال العام المالي الماضي، وبدأت العام المالي الحالي بمؤشرات طموحة رغم الضغوط الاقتصادية والظروف الخارجية غير المواتية التي تؤثر على الوضع الاقتصادي المحلي.
وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، في اجتماعه أمس الاثنين، في العاصمة الأمريكية واشنطن، على المراجعة الثالثة لاتفاق صندوق النقد مع السلطات المصرية والذي يتضمن تنفيذ سياسات وإصلاحات اقتصادية ومالية شاملة.
صندوق النقد الدولي
وقال صندوق النقد الدولي إنه سيتم صرف 820 مليون دولار تمثل قيمة الشريحة الثالثة لمصر، خلال أيام، وذلك ضمن اتفاق بقيمة 8 مليارات دولار تمت الموافقة عليه قبل شهور.
ويحق لمصر التقدم بطلب الحصول على تمويل إضافي بقيمة 1.2 مليار دولار من صندوق الصلابة والمرونة، وذلك بعد أن وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد على الشريحة الجديدة اليوم.
وحدد صندوق النقد الدولي بعض السياسات المتفق عليها مع الحكومة المصرية لاستمرار التعاون في دعم تمويل برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يدعمه بقرض بقيمة 8 مليارات دولار.
ومن أهم هذه المحددات استمرار اعتماد سعر صرف حر للجنيه وترشيد الدعم وتنفيذ ملكية الدولة ورفع القيود على الاستيراد، والحفاظ على سعر الفائدة مرتفعًا حتى تراجع التضخم، والنزول بالدين العام.
من جانبه، قال الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي ونائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بجامعة الدول العربية، أن مصر قد استوفت معظم متطلبات صندوق النقد الدولي للحصول على الشريحة الثالثة من القرض البالغة 820 مليون دولار.
أضاف “غراب” لـ صدى البلد، أن الحكومة اتخذت عدة إجراءات منها رفع سعر الوقود وتغيير أسعار الصرف، وتسعى بجدية لخفض معدلات التضخم.
وأكد أن هذه الشريحة ستدعم الاقتصاد المصري وقيمة الجنيه، وتنشط القطاعات الإنتاجية مثل الصناعية والزراعية، وتزيد من الاحتياطيات الأجنبية، مما يساعد في تمويل العجز في الموازنة العامة وتوفير الاحتياجات الضرورية، كما تساهم في جذب الاستثمارات وزيادة الصادرات المصرية، وتقليل العجز التجاري.
وفي هذا الإطار، قال الدكتور وليد جاب الله الخبير الاقتصادي، إن صندوق النقد الدولي أصدر توقعاته لمستقبل الاقتصاد العالمي الذي ينشر بصفة دورية ورغم ذلك فإن هذه التوقعات غالبًا ما يتم تعديلها، حيث تتغير تقديرات الصندوق بناءً على التطورات الاقتصادية المستجدة، وأوضح أن الصندوق توقع نمو الاقتصاد المصري بمعدل 4.1% في عام 2025 و2.7% في عام 2024.
وأضاف جاب الله - خلال تصريحات لـ "صدى البلد" - أن الاقتصاد المصري غالبًا ما يحقق نتائج أفضل من توقعات الصندوق، فمنذ بدء برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري كانت معدلات النمو الفعلية تتجاوز توقعات الصندوق.
وأشار جاب الله، إلى أنه لا يمكن الاعتماد بشكل كامل على توقعات الصندوق نظرًا لطبيعتها المتغيرة باستمرار، ففي تقرير الصندوق الأخير خفض الصندوق توقعاته لكثير من الاقتصادات العالمية.
وقالت كريستالينا جورجيفا مديرة صندوق النقد الدولي، عبر منصة "إكس"، إنها تتطلع لاستكمال المراجعة الثالثة لبرنامج مصر مع الصندوق في إطار اتفاق "تسهيل الصندوق الممدد"، ومناقشة صرف الشريحة الثالثة من القرض بقيمة 820 مليون دولار وذلك خلال اجتماع مجلس الصندوق الاثنين 29 يوليو 2024.
وأكدت مديرة صندوق النقد الدولي، التزام الصندوق الوثيق ومواصلة التعاون بين مصر وصندوق النقد الدولي، قائلة: "نتطلع إلى مراجعة EFF القادمة لمصر في المجلس".
في وقت سابق، توقع أحمد كجوك وزير المالية استلام مصر للشريحة الثالثة من قرض صندوق النقد الدولي المقدرة بـ820 مليون دولار خلال الأيام المقبلة، وفقا لبيان وزارة المالية.
أكد الوزير أن موافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولي على المراجعة الثالثة في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي تعد شهادة ثقة في برنامج الحكومة بما يتضمنه من إصلاحات ومستهدفات مالية واقتصادية.
قرض صندوق النقد
أضاف: "المالية العامة للدولة أظهرت تماسكًا ومرونة في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية والإقليمية المرتبطة بالتوترات الجيوسياسية وما يتصل بها من تداعيات سلبية تمتد لارتفاع أسعار السلع والخدمات في موجة تضخمية حادة نتيجة لاضطراب سلاسل الإمداد والتوريد، وزيادة تكاليف التمويل، واستمرار حالة عدم اليقين في الأسواق الدولية".
جدير بالذكر أن الاحتياطي الأجنبي يسجل أعلى مستوياته على الإطلاق بأكثر من 46 مليار دولار ليغطي 8 أشهر من الواردات السلعية لمصر، وهو مستوى أعلى من المتوسط العالمي البالغ 3 أشهر.
وقال البنك المركزي المصري، إن صافي الاحتياطيات الأجنبية سجل 46.384 مليار دولار بنهاية شهر يونيو 2024 مقارنة بنحو 46.125 مليار دولار في نهاية شهر مايو 2024 بارتفاع قدره نحو 259 مليون دولار.
وكان صندوق النقد الدولي قال بداية الشهر الجاري إن قرار توحيد سعر الصرف والذي اتخذته السلطات المصرية في شهر مارس الماضي حسن الأوضاع المالية في مصر، مؤكدًا أن بعثة صندوق النقد الدولي زارت مصر خلال الفترة من 12 - 26 مايو 2024 وأجرت مناقشات مع السلطات المصرية.
وأضاف صندوق النقد الدولي، في بيان صحفي سابق أن تأثيرات التوترات الجيوسياسية في المنطقة تشكل تحديًا لاقتصاد مصر، لافتا إلى أن السلطات المصرية تتخذ إجراءات لاستقرار مؤشرات الاقتصاد الكلي، عبر جهود الانضباط المالي وتشديد السياسة النقدية - تعني رفع سعر الفائدة لخفض التضخم - والتحول إلى نظام سعر الصرف المرن.
وأشار صندوق النقد الدولي، إلى أن صفقة تطوير مدينة رأس الحكمة، لها تأثير إيجابي على الاقتصاد، لافتا إلى أن مصر أحرزت تقدمًا ملحوظًا في برنامج الإصلاح الاقتصادي الهيكلي.
وأكد صندوق النقد الدولي، أن الإجراءات التي اتخذتها مصر برفع أسعار الفائدة وتطبيق سياسة سعر الصرف المرن ساهمت في تحسن النظرة المستقبلية للاقتصاد وتحسن في إتاحة النقد الأجنبي وتباطؤ التضخم.
وأعلن صندوق النقد الدولي، يوم 7 يونيو 2024 أنه تم التوصل لاتفاق على مستوى الخبراء بين صندوق النقد الدولي والسلطات المصرية بشأن مجموعة من السياسات والإصلاحات الشاملة اللازمة لاستكمال المراجعة الثالثة في إطار اتفاق "تسهيل الصندوق الممدد".