قال الدكتور حسن القصبى، الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف، إن النفس تميل والنفس تشتهي، لكن الإنسان أمر أن يُهذب هذه النفس وأن يأخذها إلى شرع الله عز وجل، وألا يترك لنفسه هواها.
لماذا خلق الله الإنسان
وأوضح “ القصبي ” في إجابته عن سؤال : ( لماذا خلق الله الإنسان ؟) ، أن الله عز وجل علق فلاح الإنسان على نفسه فقال: ( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) ، منوهًا بأن هذا مقصد عظيم من المقاصد العليا للمكلف، المكلف هو الله والمكلف هو الإنسان.
وأضاف أنه عندما نأتي لنسأل أي شخص، ما الغاية من وجودك في الكون؟، يجيب مباشرة قبل أن يمرر السؤال على نفسه ويقول: العبادة، فقال الله تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) الآية 56 من سورة الذاريات، ونقول: صحيح، لكن هذه واحدة من ثلاث.
وأشار إلى أن لدينا ثلاث مقاصد ربنا يريدها من العبد ، ثلاث أمور مهمة أوكلها الله للإنسان، موضحًا أن ثلاثة أمور هي غاية وجود العبد ، أولها العبادة، كما جاء في قوله تعالى: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ"، مع اعتبار أن العبادات ليست شعائر فقط، بل تشمل عبادة قلبية وبدنية ومادية، إلى غير ذلك من أنواع العبادات.
ولفت إلى أن ثانيها العمارة، كما جاء في قوله تعالى: "هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا"، أي طلب منكم عمارتها.. وعمارة الكون تشمل استخراج كنوزه وغير ذلك، وثالثها التزكية بالأخلاق الحسنة، لقوله تعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا).
لماذا خلق الله الكون
خلق الله سبحانه وتعالى الكون بما فيه من كائنات حية وجمادات، فأبدع سبحانه وتعالى فيه كما وأتقن في صنعه، ولم يأت هذا الخلق عبثاً بل إن لكل شيء في الكون حكمة وهدف، فقال الله تعالى: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ) [المؤمنون: 115].
خلق الله للإنسان
خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وميزه عن باقي الكائنات الحية بامتلاكه العقل، والإنسان العاقل لا بدّ أن يكون متأكداً بأن لكل شيء حكمة، ولا يقوم بأي عمل إلا لحكمة أيضاً فكيف بالله سبحانه وتعالى خالق الكل والذي لا إله إلا هو، وهو أحكم الحاكمين، ولقد تميز المؤمن بإيمانه بالحكمة التي خلق من أجلها بينما نفى الكافر ذلك، فقال تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآَيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [آل عمران : 190-191].
الحكمة من خلق البشر
خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان ليعمر في الأرض وليكون خليفةً فيها، وكذلك ليعلم مقدار علم الله سبحانه وتعالى وكمال قدرته وبديع خلقه، فهو الله وحده لا شريك له وهو المعبود والإنسان له عابد، وهو الذي خلق السماوات والأرض من ذرة، وهو من سيبعث الخلق يوم القيامة ليجزي المؤمنين والكافرين على أعمالهم.
كرم الله سبحانه وتعالى الإنسان وميزه بالعقل وفضله على كثيراً مما خلق تفضيلاً، وميز الله الإنسان عن البهائم التي تنام وتأكل وتتكاثر فقط، فالعاقل فقط من يعرف الحكمة من خلق الله سبحانه وتعالى على خلاف الجهلاء والجاحدين الذين أنكروا الحكم من خلقهم، فقال تعالى: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) [الأعراف: 179].
خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وجعل له في الحياة والموت اختبار وابتلاء، ليعلم من يستطيع أن ينجح فيه ومن يثبت على الحق، ومن يتجاهل ويعصي ويسلك طريق الضلال. خُلق الإنسان لعبادة الله سبحانه وتعالى وطاعته وتوحيده ومعرفة صفاته وأسمائه ومعانيها والتفكر في عظمة الله سبحانه وتعالى، ومحاربة كل صور الضلال والجهل والفساد الموجودة على الأرض.