قال الدكتور هاني تمام، أستاذ الفقه المساعد جامعة الأزهر ، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حذر عند الشدة والكرب من هواجس الشيطان وخواطره التي قد يُلقيها في قلب الإنسان.
عندما تواجهك مشكلة
وأوضح “ تمام ” عن كيفية التفريق بين خاطر الشيطان وخاطر الرحمن؟، أن في الحديث الشريف، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ( إن للشيطان لمَّةً من ابن آدم، وإن للملك لمَّةً) ، أي هاجسًا أو خاطرًا يُقذف في القلب، فأحيانًا، وأنا جالس، يأتي لي خاطر يُقذف في قلبي أو في عقلي.
وأضاف أن سيدنا النبي -صلى الله عليه وسلم- فرق لنا بينهما، فقال: (أما لمَّة الشيطان فهي بالشر وتكذيب الحق، وأما لمَّة الملك فهي بالخير وتصديق الحق)، مشيرًا إلى أن دائمًا الشيطان يحاول أن يُسْكِتَك، ويحاول أن يُحْزِنَك، ويُقذف في قلبك الحزن والكآبة واليأس والإحباط.
وتابع: بينما الملك أي الرحمن يقذف في قلبك الراحة والاطمئنان. فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: "فمن وجد من ذلك شيئًا في قلبه فليحمد الله عز وجل، وليعلم أنه من الله، قائلاً: عندما تواجهك مشكلة أو يصيبك أمر صعب، وتجد نفسك راضيًا ومطمئنًا، وتقول الحمد لله.
واستطرد: وتعتقد أنك أفضل من غيرك، وأن الله أنعم عليك بنعم كثيرة، وتقول إن فقدان الشيء لا يؤثر عليك لأن لديك أفضل منه، فاعلم أن هذا من الله، أما إذا جاءك هاجس بأنك غير نافع في شيء، وأن الدنيا كلها ضدي، وأن لا أمل في أي شيء، وأنك تريد أن تموت نفسك.
وأفاد بأنه ينبغي الانتباه فهذا جرس إنذار من الشيطان هو الذي يُقذف في قلبك هذا الأمر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم- : "فمن وجد من ذلك شيئًا فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم يقرأ قول الله تعالى: {الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء، والله يعدكم مغفرةً منه وفضلًا، والله واسع عليم}.
ونبه إلى أن الشيطان لا يتركنا، فهو دائمًا يحاول أن يُحْزِنَك ويقنطك من رحمة الله، لذلك يجب أن تكون واعيًا وفاهمًا لهذه النقطة، وتوكل على الله كما نقول، واعلم علم اليقين أن ما يجري في ملك الله لا يخرج عن مراد الله، كل شيء يحدث هو بمقدور الله سبحانه وتعالى عليك، وبارك الله سبحانه وتعالى فيك.
واستشهد بما قال الله تعالى: {وكل شيء خلقناه بقدر}، فالأمر الذي أنت زعلان منه يجب أن تعرف وتتيقن أنه بتقدير ربنا، وأحيانًا يكون هذا التقدير هو عين الخير لك من حيث لا تدري، و قال سيدنا النبي - صلى الله عليه وسلم- : (عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا المؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له).
وأشار إلى أن حال المؤمن بين أمرين: إما أن تحدث له أشياء جيدة فيشكر الله عليها، فينال الثواب والأجر العظيم، وإما أن تحدث له أشياء سيئة فيصبر ويرضى، وإن شاء الله يعوضه خيرًا.
ماذا تفعل عند المصيبة
وبينت دار الإفتاء المصرية ، أنه ينبغي على الإنسان إذا أصابه شيء يصعب عليه تحمله، أو كان سببًا في حصول المشقة عليه أن يلجأ إلى الله تعالى راجيًا كشف الضر وإزالة البأس.
ودللت " الإفتاء " ، بما قال الله تعالى: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ الآية 62 من سورة النمل، وقال جلَّ شأنه: ﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ﴾ الآية 67 من سورة الإسراء.
واستندت لما ورد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الدُّعَاءُ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ، وَإِنَّ الدُّعَاءَ وَالْبَلَاءَ لَيَعْتَلِجَانِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"، و"المعجم الأوسط"، والحاكم في "المستدرك" وصححه.
وأكملت: ورُوي مُرسلًا عن الحسن البصري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اسْتَقْبِلُوا أَمْوَاجَ الْبَلَاءِ بِالدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ» رواه أبو داود في "مراسيله".
ونوهت بأنه قال الإمام ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (3/ 47، ط. مكتبة الرشد): [السُّنَّة عند نزول الآيات: الاستغفار والذكر والفزع إلى الله تعالى بالدعاء، وإخلاص النيات بالتوبة والإقلاع، وبذلك يكشف الله تعالى ظاهر العذاب؛ قال الله تعالى: ﴿فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا﴾] اهـ.
واستدلت بما قال العلامة ابن رجب الحنبلي في "اختيار الأَوْلَى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى" (ص: 115، ط. مكتبة دار الأقصى): [فالمؤمن: مَن يستكين قلبه لربه، ويخشع له ويتواضع، ويظهر مسكنته وفاقته إليه في الشدة والرخاء، أما في حالة الرخاء: فإظهار الشكر، وأما في حال الشدة: فإظهار الذل والعبودية والفاقة والحاجة إلى كشف الضر] اهـ.