قال الدكتور أسامة فخري الجندي، من علماء وزارة الأوقاف، إن الغلو في الدين قد يسبب للإنسان الوقوع في الفتن، مشيرًا إلى أن الغلو أصل أصيل وركن ركين قد يصل بعد ذلك إلى الإرهاب، الغلو في الفكر.
الغلو في الدين
واستشهد “ فخري” ، بما ورد أن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول لنا: "إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم"، منوهًا بأننا نريد أن نتناول مسألة الغلو في الدين هذه، لأنه ليس هو الذي وقع في الفتنة فحسب، بل ينخدع الناس به فيقعون في نفس الفتنة التي وقع فيها بسبب هذا الغلو في الدين.
وتابع : أي فكرة كانت، إذا كانت الفكرة مستقيمة، ولكن حصل غلو في هذه الفكرة، فإن هذا الغلو يؤدي إلى التشدد، الذي هو التعصب، لافتًا إلى أن التشدد والتعصب يؤديان إلى التطرف، يعني هو مؤمن برأيه، لكنه يتطرف، ويقف على طرف.
وأوضح أن المتعصب لا يعتقد بكلام الآخرين ، فكل كلامهم هذا غير صحيح، وكلامه هو الصحيح، وربما يريد أن يلزم الآخرين برأيه، مما يؤدي إلى الإرهاب الفكري، منبهًا إلى أن التطرف أصله التشدد والتعصب، والتشدد والتعصب سببه الرئيس هو الغلو في الفكرة.
وأكد أننا لا نمتلك شيئًا اسمه غلو في الفكرة، وسيدنا النبي -صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الدين يسر"، وقال أيضًا: "الدين متين، فَأَوْغِلْ فيه برفق".
حكم الغلو في الدين
نهى الله -عز وجل- عن التنطّع والتشدّد في الدين؛ سواء كان التشدّد في العبادة، أم في العلم، أم في الأشخاص، أم في المباحات، أم في المعاملات، بل حذّر منه النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لذلك فإن أحب الأعمال ما كان على طريق السداد والصواب والاقتصاد دون تكلّف ودون مبالغة.
والدليل على تحريم الغلو ما يأتي:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غداة العقبة وهو على ناقته: (القط لي حصى، فلقطت له سبع حصيات، هن حصى الخذف، فجعل ينفضهن في كفه ويقول: أمثال هؤلاء فارموا، ثم قال: أيها الناس، إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين). وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (هلك المتنطعون) قالها ثلاثاً.
الغلو في الدين
لقد وضع الله -عز وجل- ورسوله -صلى الله عليه وسلم- علاجاً ومخرجاً من الغلو في الدين، وجعل لنا منهجاً وسطاً نسلك فيها الاعتدال والوسطية، والغلوّ في اللغة: هو تجاوز الحدّ، ويُطلق عليه التنطّع والتشدّد والتصلّب.
ويُراد به: الغالّ والمتشدد في عبادته، بحيث يخرج عن قواعد وقوانين الشريعة، ويسترسل مع الشيطان في الوسوسة، وقيل: هو المتنطّع المتعمّق في الشيء، المتكلّف البحث عنه على مذاهب أهل الكلام، الداخل فيما لا يعنيه، الخائض فيما لا يبلغه عقله، الذي يستعمل أقصى طاقاته وأكثر أوقاته في البحث عما لا فائدة ولا نفع له فيه.
أسباب الغلو في الدين
ورد أن أسباب الغلوّ والتنطّع في الدين كثيرة، ومن أهمها ما يأتي:
- قلة الفقه، وضعف العلم، وأخذ العلم عن غير أهله -غير المؤهّلين-.
- التعصّب والتحيّز للمذهب والرأي، وعدم تقبّل الرأي الآخر.
- الابتعاد عن صحبة العلماء وطلاب العلم، وعدم مجالستهم، ومصاحبة أهل الجهل الذين يدّعون العلم والمعرفة.
- ادّعاء العلم الكثير، والاغترار والاعتزاز بالنفس، والتعالي على العلماء والناس، واحتقار آرائهم.
- عدم الخوض في الميدان، وقلة التجارب، وقصور العقل.
- عدم العلم باختلاف الناس أو بخلاف العلماء.
- انتشار الفساد والطغيان، وقلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- سوء الأوضاع الاقتصادية.
- حب إبراز الذات، والفوز على الخصم.
أنواع الغلو عند العلماء
يتنوع الغلوّ عند العلماء إلى أنواع عدّة كما يأتي:
- غلو في الأشخاص الصالحين، وإطراؤهم والاستغاثة بهم، وإيصالهم إلى مرحلة العصمة وعدم الخطأ والمعصية.
- غلو في العمل؛ أي الأحكام الفقهية العملية؛ كجعل المندوب واجباً، وجعل المكروه محرماً، وجعل المباح حراماً.
- الغلو الذي يخرجه صاحبه عن كونه مطيعاً لله -عز وجل- ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-، مثل الذي يزيد صلاة العصر ركعة، ويزيد على أيام على شهر رمضان، أو يسعى بين الصفا والمروة زيادة على سبعة أشواط.
- الغلو الذي يخاف منه صاحبه الانقطاع؛ كقيام الليل كله، وصيام الدهر، وكذلك الاعتكاف في المسجد الدهر كله.