قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

ماجد منير رئيس تحرير الأهرام يكتب: مستودعات الخطر في الشرق الأوسط

الكاتب الصحفي ماجد منير رئيس تحرير الأهرام
الكاتب الصحفي ماجد منير رئيس تحرير الأهرام
×

أكد الكاتب الصحفي ماجد منير رئيس تحرير الأهرام أن الأقليم يشهد تحولات دائمة أو مؤقتة نتيجة غياب نظام واضح المعالم وحالة عدم الاستقرار التي أصابت الوحدة السياسية وفشل دول المنطقة في اعتماد مقاربات شاملة حتي في أوقات انحسار العنف وتراجع الأزمات وتضاؤل التنافس بين القوي المختلفة .

وأضاف رئيس تحرير الأهرام في مقاله اليوم الجمعة المنشور بجريدة الأهرام أنه إعتبارا من السابع من أكتوبر 2023 بدأ الإقليم يدخل في دائرة شبح حرب أوسع، أو على الأقل عدم الاستقرار ولكن مصر استطاعت أن تتعامل بحكمة مع كل هذه الأحداث، وهو ما عبر عنه الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلمته بمناسبة الاحتفال بالذكرى الثانية والسبعين لثورة يوليو 1952 عندما قال: «رسخت ثورة يوليو المجيدة دور مصر الفاعل فى محيطها العربى والإفريقي، وإسهامها الكبير فى الدفاع عن حقوق ومصالح دول الجنوب فى جميع قارات العالم، وهو ما حافظت عليه مصر من خلال دور نشيط وقيادى فى المحافل الدولية المختلفة».

وإلي نص مقال الكاتب الصحفي ماجد منير رئيس تحرير الأهرام :

لا يتوقف الحديث دائما عن هوية جديدة لإقليم الشرق الأوسط، وسط ما يشهده من اضطرابات وقلاقل، تزيد كثيرا على فترات الاستقرار والهدوء، ولكن حتى الآن لم يتضح بعد الشكل النهائى للإقليم بتفاعلاته وهويته وحدوده، ولم يظهر أثر للشرق الأوسط الجديد الذى كثر الكلام عنه فى مراحل معينة من تاريخ المنطقة، التى تقف على شفا حفرة من الحرب الشاملة بنيرانها التى لا تبقى ولا تذر.


يشهد الإقليم تحولات، دائمة أو مؤقتة، ما بين الفينة والأخرى؛ نتيجة غياب نظام واضح المعالم، وحالة عدم الاستقرار التى أصابت الوحدة السياسية، وفشل دول المنطقة فى اعتماد مقاربات شاملة، حتى فى أوقات انحسار العنف، وتراجع الأزمات، وتضاؤل التنافس بين القوى المختلفة.


ومما لا شك فيه أن محاولات لمّ الشمل التى تتجاهل العمق الحضارى والثقافى للصراعات فى الإقليم، لن تؤدى إلا إلى حلول مؤقتة، بالقدر نفسه الذى تذهب فيه كل الجهود هباء، إذا ما تم الابتعاد عن حل الدولتين فى الصراع الفلسطينى ــ الإسرائيلى، الذى يجب أن يقوم على احترام الحقوق والاعتراف المتبادل.


واعتبارا من السابع من أكتوبر 2023، بدأ الإقليم يدخل فى دائرة شبح «حرب أوسع»، أو على الأقل عدم استقرار، ولكن مصر استطاعت أن تتعامل بحكمة مع كل هذه الأحداث، وهو ما عبر عنه الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلمته بمناسبة الاحتفال بالذكرى الثانية والسبعين لثورة يوليو 1952 عندما قال: «رسخت ثورة يوليو المجيدة دور مصر الفاعل فى محيطها العربى والإفريقي، وإسهامها الكبير فى الدفاع عن حقوق ومصالح دول الجنوب فى جميع قارات العالم، وهو ما حافظت عليه مصر من خلال دور نشيط وقيادى فى المحافل الدولية المختلفة».


وشدد الرئيس على الدور الواضح للموقف المصري، بقوله: «حافظت مصر على أرضها وسيادتها واستقلالها، وأرست سلاما قائما على العدل واسترداد الأرض مع التمسك الراسخ والثابت بحقوق أشقائها ومصالحهم، خاصة الأشقاء الفلسطينيين، وحماية قضيتهم العادلة من التصفية، والعمل المكثف لمساندة حقهم المشروع فى الدولة المستقلة ذات السيادة».


وكشف الرئيس السيسى حقيقة الوضع الذى يعانيه الإقليم بكلمات صريحة، قال فيها: «إن الواقع الإقليمى والدولى الراهن يفرض على مصر، وغيرها من الدول، تحديات جديدة وأوضاعا مركبة، فما بين زيادة التوتر والمواجهات الجيوسياسية على مستوى النظام الدولي، إلى ما يعانى منه المحيط الإقليمى من انتشار الحروب والصراعات والاقتتال الأهلي، وتمزق بعض الدول وانهيار مؤسساتها، بما يجعلنى واثقا بأن مصر ستعبر تلك المرحلة المضطربة إقليميا ودوليا، وستواصل تقدمها، ومسيرة تنميتها، وبناء دولتها، بما يحقق تطلعاتنا جميعا فى وطن حر كريم، ومستقبل مشرق لجميع أبناء الوطن».


ولم تتردد مصر لحظة واحدة ــ فى امتداد لمبادئ ثورة 23 يوليو ــ فى الوقوف بقوة وصلابة لا تتزعزع، فى صف الأشقاء فى فلسطين، منذ اللحظة الأولى للقضية، وانتهاءً بالعدوان الغاشم على غزة ورفح الفلسطينية، ووقفت بالمرصاد لمخطط التهجير القسرى للفلسطينيين، ونجحت باتصالاتها القوية مع دول العالم، فى انتزاع الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والمناداة بحل الدولتين، بالإضافة إلى ما بذلته من جهد فى إنفاذ المساعدات إلى الشعب الفلسطينى الذى يتعرض لحرب إبادة من كيان لا يعترف بغير لغة الدم.


وتصرّ مصر على أن تسير فى طريق البناء والتنمية وبناء جمهورية جديدة، رغم ما يحيط بها من توترات إقليمية، وما يدور فى شرقها وجنوبها من اقتتال وحروب، وما خلفته الحرب الروسية ــ الأوكرانية من تأثيرات اقتصادية غير مواتية، وما كان ذلك ليتحقق لولا إخلاص وتضحية القيادة السياسية، وصبر الشعب، ووعيه بما يدور حوله من أحداث جسام، انهارت بسببها دول، وتشردت شعوب، كانت آمنة فى يوم من الأيام، وإذا بها تخسر كل شيء، وتهرب من الجحيم، من أجل أن تبقى على قيد الحياة.


ولم تكن ثورة 23 يوليو 1952، السراج الذى أضاء الطريق لحركات التحرر الإقليمية من براثن الاستعمار فقط، ولكن أيضا تبنت فكرة القومية العربية، مع بناء جمهورية أرست العدل والمساواة، وأعادت الحقوق للشعب، وأقرت الحماية الاجتماعية، وأنشأت قلاعا صناعية، وأعطت لمصر دورها الذى لا ينكره أحد، وجعلتها القاسم المشترك، فيما يدور من أحداث، والوسيط فيما ينفجر من أزمات، وما يطرأ من قضايا، وهى دائما المفاوض المؤثر فى أى تسوية سياسية وتهدئة فى صراعات المنطقة. ثوابتها فى سياستها الخارجية هى الحفاظ على الدولة الوطنية، وحماية مؤسساتها من الانهيار، وشعارها الذى يقدره كل الأطراف هو «عدم التدخل فى الشئون الداخلية للآخرين».


ولخّصت كلمة الرئيس السيسى فى ذكرى ثورة 23 يوليو، الموقف بكل جوانبه، وحملت رسائل حقيقية، تعكس الوعى الكامل بما تمر به البلاد من تحديات صعبة فى هذه الفترة الحساسة من مرحلة إقامة «جمهورية جديدة»؛ كناتج رئيس لثورة 30 يونيو 2013، وتكشف عما أحدثته الظروف الإقليمية والعالمية من تأثيرات لا يستهان بها.


ولا يخفى على أحد التحديات الثقيلة إقليميا وعالميا، وما صدّرته من نزاعات وصراعات وحروب، وأزمات اقتصادية أحنت الظهور، وأحدثت نقصا فى الموارد، وزيادة فى عدد النازحين، ولعل هذا ما يدفع إلى البحث بكل الطرق عن إعادة الهدوء والاستقرار الإقليمي، حتى نتمكن من مواصلة مسيرة البناء التى بدأت قبل 10 سنوات دون كلل، أو ملل، أو استسلام لظروف إقليمية غير مسبوقة، كفيلة بإرهاق أى دولة، وإضعاف أى اقتصاد، خاصة إذا كان من الاقتصادات الناشئة مثل مصر.


وتبقى مصر فى موقع القلب من كل قضايا المنطقة؛ انطلاقا من دورها التاريخي، وحرصا على الأمن القومي المصرى والعربى، وهى فى ذلك تراهن على شعب وفيّ، صبور، يقدر الأمور حق قدرها، ويزنها بميزان حساس، ويسير خلف قيادته، متحملا كل ما يصادفه من أزمات، عاقدا العزم على تخطى كل الحواجز والموانع، من أجل أن يجد ما يستحقه من حياة كريمة، يعيشها مرفوع الرأس، ويقدم ما استطاع ليس من أجل جيل واحد، ولكن من أجل أجيال متعاقبة، تستحق كل التعب والعناء، طلباً للعيش فى وطن، يأخذ بكل أسباب الحياة الحديثة المتقدمة.