نجحت الجزائر في الانتقال من فئة الدول ذات الدخل المتوسط الأدنى إلى فئة الدول ذات الدخل المتوسط الأعلى. والجدير بالذكر أن هذا التحول النوعي يُعزى بالأساس إلى تحديث المنظومة الإحصائية، مما أتاح قياساً أدق للناتج المحلي الإجمالي.
كشفت مجموعة البنك الدولي في تقرير صادر عنها إنه برغم نمو الاقتصاد الجزائري بنسبة 4.1% في عام 2023، كان المحرك الرئيس لهذا الارتقاء هو المراجعة الشاملة لإحصاءات الحسابات القومية، والتي شملت توسيع تقديرات الاستثمار وتغطية أدق للاقتصاد غير الرسمي.
وفي هذا السياق، صرّح كمال براهم، الممثل المقيم للبنك الدولي في الجزائر قائلاً: "لقد مكّنت عملية تغيير السنة الأساس لسلسلة الناتج المحلي الإجمالي، التي اكتملت في عام 2024، من تقييم الاقتصاد الجزائري بصورة أدق، وبالتالي إعادة تصنيف البلاد في الفئة الأنسب لمستوى تطورها الاقتصادي". وأضاف: "وهذا يؤكد أهمية توفر البيانات الدقيقة في توجيه السياسات الاقتصادية."
لقد سلطت تقارير البنك الدولي الأخيرة الضوء على الأهمية الاستراتيجية لتحسين جمع البيانات من اجل تسهيل تنوع الاقتصاد في الجزائر. فإن البيانات المحسّنة والأكثر شفافية تمكن من فهم ديناميكيات الاقتصاد الوطني، مما يسمح بصياغة سياسات أكثر فعالية.
كما برز إنجاز آخر للجزائر من خلال تقرير البنك الدولي لتتبع حرق الغاز العالمي الصادر في يونيو. إذ أظهر التقرير أن الجزائر حققت أكبر انخفاض في حرق الغاز على الصعيد العالمي في عام 2023، مسجلةً بذلك العام الثالث على التوالي من التراجع في انبعاثات حرق الغاز. بالإضافة إلى انخفاض إنتاج النفط بنسبة 2%، نجحت البلاد في تحقيق انخفاض إجمالي بنسبة 3% في كثافة الحرق، ضاربةً مثالاً يُحتذى به في عام لم تكن فيه الاتجاهات العالمية ايجابية.
يجدر الإشارة إلى أن البنك الدولي يواصل حواراً استراتيجياً مع الجزائر حول استدامة قطاع الطاقة. وتتركز المساعدة الفنية على محورين رئيسيين: دعم تطوير برنامج قابل للتمويل لطاقة الرياح، والمساعدة في إعداد استراتيجية لتعزيز الطاقة المتجددة لمختلف فئات المستهلكين. تهدف هذه المبادرات إلى تنويع مزيج الطاقة في الجزائر وتعزيز التنمية المستدامة في هذا القطاع الحيوي.
وفي سياق متصل، يدعم البنك الدولي الجزائر في مساعيها لتعزيز القدرة على الصمود، خاصةً في مواجهة تحديات التغير المناخي. فالجزائر معرضة لطيف واسع من المخاطر الطبيعية كالفيضانات والزلازل وحرائق الغابات، التي تهدد الأرواح وسبل العيش وتكبد الاقتصاد خسائر فادحة. وقد تعاون البنك مع المندوبية الوطنية للمخاطر الكبرى، مما أثمر عن دراسة مشتركة حول تشخيص إدارة مخاطر المناخ والكوارث في الجزائر. ونظراً لكون حرائق الغابات تمثل تهديداً متكرراً، عمل البنك مع المديرية العامة للغابات على تعزيز المعرفة والقدرات والاستشارات، مما أسفر عن دراسة مشتركة حول الإدارة المستدامة للغابات لمكافحة حرائق الغابات في الجزائر.
تعد التقارير الاقتصادية نصف السنوية للبنك الدولي عن الجزائر مرجعاً هاماً يستند إليه صناع القرار وأصحاب المصلحة لتوجيه السياسات وإثراء الحوار العام. ومع تحسن آليات جمع البيانات واستخدام مصادر بديلة، توفر هذه التقارير رؤى عميقة حول مسار النمو المتنوع للبلاد.
وتطلعاً للمستقبل، تشكل أولويات مثل الطاقة والمرونة المناخية وتعزيز القطاع الخاص محاور واعدة لمزيد من التعاون في إطار الشراكة المثمرة بين البنك الدولي والجزائر.