قال الدكتور أسامة فخري الجندي، من علماء وزارة الأوقاف، إن الغضب يصرف نعمة الله سبحانه وتعالى عن العبد ، منوهًا بأن من بين المشاكل الرئيسية للغضب التي نشهدها هو أنه يحجب العقل.
يصرف نعمة الله
وأوضح “ فخري” في حديثه عن الغضب وتأثيره ، أنه إذا حجب الإنسان عقله، فلا يستطيع التعامل بفعالية في حياته، مضيفًا: أنا أتعامل مع الناس من خلال استخدام العقل، من خلال الحقوق والواجبات ومن خلال إحساسي للآخرين.
وأضاف أنه عندما يحجب العقل، لا يستطيع الإنسان أن يتصرف بطريقة طبيعية لذلك، عندما جاء رجل إلى سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم وسأله أن يوصيه، كان النبي صلى الله عليه وسلم يكرر له 'لا تغضب'، مما يشير إلى أهمية ضبط الغضب.
ونبه إلى أن أثار الغضب ليست ظاهرة فقط حقد وكراهية وباطل، لكن لها آثار باطنية، وتحجب العقل، وعندما يحجب العقل، فإذا لا حاكم لغرائز الإنسان يعنى كل غريزة لها مهمة، وعندما يحجب العقل يكون مثله مثل أى مخلوق، وبالتالى الغضب يصرف نعمة الله عن العبد .
تعريف الغضب
وبينت دار الإفتاء المصرية، أن الغضب: هو حالةُ غليانٍ تنتابُ الإنسان نتيجةَ انْزِعاجِه من أمرٍ من الأمور؛ بحيث يكون مريدًا للتشفي والانتقام.، وقال الإمام الجرجاني في "التعريفات" (ص: 162، ط. دار الكتب العلمية): [الغضب: تغير يحصل عند غليان دم القلب؛ ليحصل عنه التشفي للصدر] اهـ.
وأشارت إلى أنه قال الإمام الراغب الأصفهاني في "المفردات في غريب القرآن" (ص: 608، ط. دار القلم): [الغَضَبُ: ثوران دم القلب إرادة الانتقام] اهـ. ولا مراء في أن الشخص إذا تصرف وهو على حال الغضب فإن تصرفَه لن يكون محمودًا؛ بل سيفعل ما لا تُحمد عواقبه ويندم عليه بعد ذلك غالبًا؛ لأن الغضبَ نارٌ تَشْتَعِلُ في الجسم فلا يكون الإنسان معها مُتحكِّمًا في تصرفاته وانْفِعَالاته.
واستندت لما جاء عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَلَا وَإِنَّ الغَضَبَ جَمْرَةٌ فِي قَلْبِ ابْنِ آدَمَ، أَمَا رَأَيْتُمْ إِلَى حُمْرَةِ عَيْنَيْهِ وَانْتِفَاخِ أَوْدَاجِهِ» رواه الترمذي في "سننه" والبيهقي في "شعب الإيمان".
خطورة الغضب والتحذير منه شرعًا
ولفتت إلى أنه لهذه الخطورة التي يُحدِثها الغضب ذَمَّت الشريعة الإسلامية الغضب وحذَرت الناس منه، ومن عواقبه؛ فعن معاويةَ بنِ حيدةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «يَا مُعَاوِيَةُ: إِياكَ وَالْغَضَبَ، فَإِنَّ الغَضَبَ يُفْسدُ الإِيمَانَ كَمَا يُفْسِدُ الصَّبْرُ العَسَلَ». رواه الطبراني في "المعجم الكبير" والبيهقي في "شعب الإيمان"؛ فلخطورة ما يترتب على الغضب، وما قد يؤول صاحبه إليه، كان الغضب من حيث الأصل منهيًّا عنه شرعًا.
ودللت بما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: أوصني، قال: «لاَ تَغْضَبْ» فردد مرارًا، قال: «لاَ تَغْضَبْ». رواه الإمام البخاري في "صحيحه"؛ فهذا يدل على أن الغضب في أصله منهيٌ عنه شرعًا. وقال الإمام الصنعاني في "سبل السلام" (2/ 668، ط. دار الحديث): [والحديث نهى عن الغضب] اهـ.