عكفت الدولة المصرية خلال السنوات العشر الماضية، على رسم خارطة طريق تمكنها من بناء وتطوير قدراتها وبنيتها التحتية والاستكشافات في قطاع الطاقة، وفق استراتيجيتها للطاقة المتكاملة والمستدامة 2035، وذلك في إطار مساعيها الدؤوبة لتلبية الاحتياجات الداخلية، والتحول من حالة العجز وتفاقم أزمة الطاقة عبر سنوات مضت إلى الاكتفاء الذاتي والتصدير، وصولاً إلى هدف أن تصبح مركزاً إقليمياً ولاعباً أساسياً ومؤثراً في سوق الطاقة العالمية.
مصر تستثمر في الطاقة
وشهدت الفترة الماضية خطوات واسعة في زيادة الاستثمار في الطاقات المتجددة وزيادة الاعتماد عليها ، فأصبحت مصر من أهم دول المنطقة في مجالات مختلفة، كما اتخذت مسارها لتكون مركز إقليمي لتجارة الطاقة في المنطقة، وعملت علي تطوير السياسات والاجراءات لتعزيز ذلك وتهيئة مناخ جاذب للاستثمار ومشاركة القطاع الخاص، وجاء الإعلان الأخير الذي أصدره جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك بشأن تشجيع استثمارات القطاع الخاص في الاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة
أكد المهندس كريم بدوى وزير البترول والثروة المعدنية، على أن استمرار التنسيق والتعاون مع وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة لتوفير إمدادات الوقود اللازمة لتشغيل محطات الكهرباء، والتنسيق مع الشركاء الأجانب للقيام بجدولة وسداد المستحقات المتأخرة لتشجيع الشركاء على ضخ المزيد من الاستثمارات بهدف زيادة الإنتاج من الزيت الخام والغاز في أسرع وقت ممكن وإيجاد آليات تحفيزية لزيادة برامج الإنتاج وتعجيل برامج الاستكشاف مما يحقق المصالح المشتركة للطرفين،
أشار الوزير، خلال إلقاء بيان الوزارة أمام اللجنة البرلمانية المختصة باستعراض ومناقشة برنامج الحكومة الجديدة،كذلك المضي قدماً في جذب استثمارات أجنبية على المدى القصير عن طريق تبني فكر استثماري جديد بما يسهم في الاستغلال الكامل لإمكانيات القطاع من مصانع التكرير والبتروكيماويات والثروات المعدنية، إلى جانب تعظيم الاستفادة من الإمكانيات الحديثة من التحول الرقمي و تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف أنشطة القطاع.
وأضاف الوزير،أن بعض المبادئ التي سوف التزم بها سواء على مستوى القطاع أو في التعامل مع مجلس النواب وجميع الوزارات والجهات الأخرى وهي ، الشفافية التامة في عرض الموضوعات المختلفة ، والمصارحة وعرض الأوضاع بمنتهى الوضوح من حيث الإيجابيات والتحديات، والخطط الموضوعة للتعامل مع تلك التحديات ، والتكامل والعمل الجماعي مع مختلف الوزارات والجهات تبعاً لكل موضوع ، والتعاون مع مجلس النواب ولجنة الطاقة واللجان المختلفة كشركاء نحو تحقيق هدف واحد ، والاستفادة بالخبرات والأفكار المتعددة من مختلف الجهات وعدم استثناء أي من الآراء أو الأفكار.
وفيما يخص نشاط الاستكشاف أوضح بدوى أنه يوجد حالياً 145 اتفاقية التزام سارية في مجال البحث والاستكشاف عن الزيت والغاز تم إبرامها مع 40 من الشركاء ومن المخطط حفر 110 بئراً استكشافية للغاز والزيت بإجمالي استثمارات 1.2مليار دولار خلال العام المالي 2024/2025، وكذلك حفر 586 بئراً استكشافية للغاز والزيت بإجمالي استثمارات 7.2 مليار دولار حتى 2030.
وحول تعزيز دور مصر كمركز إقليمى أوضح بدوى أن مصر تتمتع بموقع جغرافي متميز يؤهلها أن تكون مركزاً اقليمياً لتداول الطاقة ، بالإضافة إلى توافر البنية التحتية القوية من مناطق التخزين وشبكات الخطوط وتسهيلات الإسالة ومصافى التكرير ومصانع البتروكيماويات ومشتقاتها ، كما أنها مرتبطة بخطوط أنابيب مع دول الجوار في أكثر من نقطة أهلتها لان تكون مركز لتجميع غازات شرق المتوسط وجاري العمل مع دول الجوار لاستيعاب كل الانتاج المستقبلي الزائد عن احتياجهم ليتم إستقباله من خلال التسهيلات القائمة والمستقبلية وتعزيز دور منتدى غاز شرق المتوسط فى توسيع أطر التعاون الدولي لتأمين موارد الطاقة مع دول الجوار، والعمل على زيادة خطوط الربط مع دول جوار اخرى لتعظيم الاستفادة من إمكانيات مصر.
ووجه النائب علاء عابد رئيس لجنة النقل والمواصلات عددًا من الأسئلة لوزراء مجموعه الطاقة والبيئة المشاركين اليوم الأحد، في إجماع اللجنة الخاصة المشكله من مجلس النواب لدراسة بيان الحكومة برئاسة المستشار أحمد سعد الدين الوكيل الأول للمجلس، بحضور وزراء الكهرباء والطاقة المتجددة، البترول والثروة المعدنية، البيئة، والمستشار محمود فوزي وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي.
وطالب بضرورة الاعتماد على الطاقة المتجددة وتقليل نسبة الاعتماد على الوقود الأحفوري ،وتحقيق قيمة مضافة، وتوفير طاقة مستقرة للشبكات، ومراقبة شبكات التوزيع بالوسائل الحديثة، وترشيد استهلاك الغاز الطبيعي لما لذلك من اثر كبير على المردود الاقتصادي، مؤكدا على ضرورة التنسيق مع الوزرات المعنية، في ضبط الوصلات الخلسة وتكثيف تلك الجهود لتوفير الطاقة ووقف نزيف الشبكات، والتوسع في تركيب العدادات مسبوقة الدفع التي تعتبر الحل الجزري لمشاكل المواطنين بسبب فواتير الكهرباء.
وأكد النائب على ضرورة استغلال التنوع البيولوجي وخلق التوازن البيئي وتحديات تغير المناخ ،وتنفيذ مشروع النقل النظيف والإدارة المستدامة للمياه، والتنسيق مع وزارة السياحة في دعم سياحة البيئية وسياحة المحميات الطبيعية، التوعية البيئية ورفع الوعى لدى المواطنين، وإستكمال مشروع تحسين نوعية الهواء ومكافحة التلوث البيئي.
إنتاج الهيدروجين الأخضر والطاقة الخضراء
من جانبه، قال الدكتور مدحت يوسف، الخبير البترولي ونائب رئيس هيئة البترول السابق، إن أهمية إبرام اتفاقيات مع مطورين عالميين لإنتاج الهيدروجين الأخضر والطاقة الخضراء كبيرة، مشيرًا إلى أن هذه البدائل تمثل مستقبل الطاقة العالمية بدلاً من الفحم والنفط والغاز الطبيعي بسبب آثارها البيئية السلبية. وأوضح أن مصر وقعت سبع مذكرات تفاهم غير ملزمة مع شركات عالمية ومحلية لتنفيذ مشاريع لإنتاج الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بتكلفة استثمارية تبلغ 41 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة.
وأضاف "يوسف" لـ صدى البلد، أن الموقع الجغرافي المتميز لمصر ومعدلات سطوع الشمس على مساحات واسعة من أراضيها يشجعان الشركات العالمية على استثمار الطاقة الشمسية ومزارع الرياح لتوليد الكهرباء، مما يتيح إنتاج الهيدروجين الأخضر بتكلفة منخفضة. وشدد على أن جهود الحكومة المصرية في تسهيل قدوم المطورين العالميين وتوسيع إنتاج الهيدروجين الأخضر تعد خطوة ممتازة رغم التكلفة العالية مقارنة بالطاقة الأحفورية.
وأشار يوسف إلى أن الظروف البيئية في الدول الكبرى أجبرت الحكومات على تقليل استخدام الطاقة الأحفورية والتحول إلى الطاقة النظيفة، بما في ذلك السيارات الكهربائية والمزدوجة الاستخدام. وأوضح أن توقيع مصر على اتفاقيات لإنتاج الهيدروجين الأخضر يأتي في إطار تحقيق أهدافها لتكون مركزًا إقليميًا وعالميًا لإنتاج الطاقة المتجددة بحلول 2026 و2030 على التوالي، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تعتبر محورًا رئيسيًا في الاستراتيجية الاقتصادية للرئيس السيسي.
فيما أكد الخبير الاقتصادي فرج عبدالله أن ملف الاستثمار يمثل أولوية قصوى للدولة المصرية، مشيراً إلى تحول اهتمام المستثمرين نحو الاستدامة في عام 2024.
وأوضح عبدالله في تصريحاته لقناة "إكسترا نيوز"، أن أزمة الطاقة العالمية، خصوصاً في أوروبا، أدت إلى ارتفاع تكاليف الطاقة، مما دفع العديد من الشركات الأوروبية للبحث عن بدائل أقل تكلفة. وأشار إلى أن دول الجنوب والشرق الأوسط، التي تتمتع بشمس مشرقة على مدار العام، أصبحت محط أنظار العالم للاستفادة من الطاقة المتجددة، وتأتي مصر في المقدمة بفضل علاقاتها الاقتصادية القوية وموقعها الاستراتيجي الفريد.
وأبرز فرج عبدالله أربعة عوامل رئيسية تجعل مصر وجهة جذابة للاستثمارات الأوروبية:
1. العوامل الطبيعية: توفر الشمس على مدار العام يوفر فرصة مثالية لاستغلال الطاقة المتجددة.
2. الموقع الجغرافي: موقع مصر الاستراتيجي يجعلها مركزاً للتجارة والاستثمار بين القارات.
3. الموارد الطبيعية المتاحة: تمتلك مصر موارد طبيعية متنوعة يمكن استخدامها في مشاريع استثمارية مختلفة.
4. الوصول إلى السوق الإفريقية: موقع مصر الجغرافي يجعلها بوابة للسوق الإفريقية، مما يتيح للشركات الاستثمارية التوسع والوصول إلى أسواق جديدة في القارة.
وأكد عبدالله أن توجه المستثمرين نحو الاستدامة يأتي في إطار السعي للاستفادة من الطاقة المتجددة وخفض التكاليف، مشيراً إلى أن مصر تعتبر من الدول الرائدة في هذا المجال بفضل مواردها الطبيعية وعلاقاتها الاقتصادية المتميزة.