لا شك أن السؤال عن هل يجوز صيام عاشوراء يوم الثلاثاء فقط؟ أصبح مطروحًا بقوة بعدما أعلنت دار الإفتاء عن أول أيام شهر محرم، والكثيرون يبحثون عن موعد صيام عاشوراء، والذي يوافق يوم الثلاثاء المقبل، ولعل هذا ما يطرح سؤال: “هل يجوز صيام عاشوراء يوم الثلاثاء فقط دون تاسوعاء أم ينقص ثوابه؟”، خاصة مع حرارة الجو الشديدة التي تجعل الصيام صعبًا بعض الشيء، ومن ثم يتعذر عليهم صيام تاسوعاء وتوافق يوم الاثنين مع عاشوراء، وحيث يدركون عظم فضل صيام عاشوراء، لذا يتساءلون: “هل يجوز صيام عاشوراء يوم الثلاثاء فقط دون تاسوعاء أم ينقص ثوابه؟”.
هل يجوز صيام عاشوراء يوم الثلاثاء فقط؟
قالت دار الإفتاء المصرية، إنه يجوز صيام يوم عاشوراء منفردًا، أي: بدون صوم يوم قبله، ولا حَرَج في ذلك شرعًا؛ لأنه لم يَرِد نهي عن صومه منفردًا، لكن يستحب صوم يوم التاسع من شهر المحرم مع يوم عاشوراء.
وورد عن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قال: حِينَ صَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: «فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ» قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ. (رواه مسلم).
وكانت الإفتاء أعلنت أن يوم عاشوراء يوافق يوم الثلاثاء المقبل الموافق العاشر من المحرم لعام 1446 هـ، و15 يوليو 2024 م، ويصح صومه منفردًا، منوهة بأنه يجوز صيام يوم الثلاثاء منفرداً إذا وافق يوم عاشوراء بغير كراهة، وكذلك جميع الأيام التي يُستحب صيامها، إذا وافقت صومًا مُعتادًا للمسلم.
ولم يرد في السنة المشرفة ما يفيد باستحباب صوم الثلاثاء بخصوصه، ولا ما يفيدُ النهي عن صومه، وعليه فصومه جائز، وللصوم فيه الفضيلة الثابتة للصيام عموماً، كقوله صلى الله عليه وسلم: من صام يوماً في سبيل الله، باعد الله به وجهه عن النار سبعين خريفا. متفق عليه. وكقوله صلى الله عليه وسلم: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ، وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ. رواه مسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ . متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم: إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَدْخُلُونَ مِنْهُ فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ. متفق عليه
وغيرها من الأحاديث الثابتة في فضل الصوم، وهي كثيرة، وقال العلماء: “وأما صيام يوم الثلاثاء والأربعاء فليس بسنة على التعيين، وإلا فهو سنة مطلقة، يسن للإنسان أن يكثر من الصيام، لكن لا نقول يسن أن تصوم يوم الثلاثاء، ولا يكره ذلك”، انتهى.
وقال أيضاً رحمه الله مجملاً حكم الصوم في جميع أيام الأسبوع: “والخلاصة أن الثلاثاء حكم صومه الجواز، لا يسن إفراده ولا يكره، والجمعة والسبت والأحد يكره إفرادها، وإفراد الجمعة أشد كراهة لثبوت الأحاديث في النهي عن ذلك بدون نزاع، وأما ضمها إلى ما بعدها فلا بأس، وأما الاثنين والخميس فصومهما سنة”.
صيام يوم عاشوراء
ورد فيه أن يوم عاشوراء هو العاشر من شهر محرم الهجري من كل عام، المسمى بـ يوم عاشوراء وصيام يوم عاشوراءسُنة فعلية وقولية عن النبي صلى الله عليه وآله سلم، ويترتب على فعل هذه السُّنَّة تكفير ذنوب سنة قبله كما ورد في الأحاديث النبوية الشريفة، فهو يكفر السنة التي سبقته، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم: «.. صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» (رواه مسلم 1162).
صيام عاشوراء
ورد عن صيام يوم عاشوراء ،أن للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في صيام يوم عاشوراء أربعُ حالاتٍ، وهي :
- الحالةُ الأولى: أنَّه كان يصومُه بمكَّةَ، ولا يأمُرُ النَّاسَ بالصَّومِ؛ ففي الصَّحيحينِ عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: (كانت عاشوراءُ يومًا تصومُه قُرَيشٌ في الجاهليةِ، وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يصومُه، فلمَّا قَدِمَ المدينةَ صامه وأمر الناسَ بصيامِه، فلمَّا نزلت فريضةُ شهرِ رمضانَ كان رمضانُ هو الذي يصومُه، فترك صومَ عاشوراءَ، فمن شاء صامه، ومن شاء أفطر). وفي روايةٍ للبخاريِّ: وقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (من شاء فليصُمْ، ومن شاء أفطر).
- الحالةُ الثَّانيةُ: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَمَّا قَدِمَ المدينةَ ورأى صيامَ أهلِ الكتابِ له وتعظيمَهم له -وكان يحبُّ موافقتَه فيما لم يُؤمَرْ به- صامه وأمر الناسَ بصيامِه، وأكَّد الأمرَ بصيامِه، وحثَّ النَّاسَ عليه حتى كانوا يُصَوِّمونه أطفالَهم.
- الحالةُ الثَّالثةُ: أنَّه لَمَّا فُرِض صيامُ شهر رمضانَ، ترك النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمْرَ أصحابِه بصيام يومِ عاشوراءَ؛ لِما رواه مسلمٌ في صحيحِه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ عاشوراءَ يومٌ من أيَّامِ اللهِ، فمن شاء صامه، ومن شاء تركه)). وفي روايةٍ لمسلمٍ أيضًا: ((فمن أحَبَّ منكم أن يصومَه فلْيَصُمْه، ومن كَرِه فلْيَدَعْه)).
- الحالةُ الرَّابِعةُ: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَزَم في آخِرِ عُمُرِه على ألَّا يصومَه مُنفَرِدًا، بل يضمُّ إليه يوم (التاسع)؛ مخالفةً لأهلِ الكتابِ في صيامِه؛ لِما رواه ابنُ عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّه قال: حين صام رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عاشوراءَ، وأمر بصيامِه، قالوا: يا رسولَ اللهِ، إنَّه يومٌ تُعَظِّمُه اليهودُ والنَّصارى! فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((فإذا كان العامُ المُقبِلُ إن شاء الله صُمْنا التاسِعَ))، قال: فلم يأتِ العامُ المقبِلُ حتى توفِّيَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
يوم عاشوراء
اختلف العلماء في تحديدموعد عاشوراءوالراجح من أقوال العلماء أنه يوم العاشر من شهر محرم، وهذا قول جمهور علماء، وذكر الإمام النووي أن «عاشوراء وتاسوعاء اسمان ممدودان، هذا هو المشهور في كتب اللغة قال أصحابنا: عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرم، وتاسوعاء هو التاسع منه هذا مذهبنا، وبه قال جمهور العلماء، وهو ظاهر الأحاديث ومقتضى إطلاق اللفظ، وهو المعروف عند أهل اللغة».
متى عاشوراء 1446ه - 2024 م
حددت دارُ الإفتاءِ المصريةُ برئاسة الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، متى عاشوراء 1446 هـ - 2024 م ، بعدما استطلعت هلال العام الهجري الجديد، وهلالَ شهرِ المحرم لعام ألفٍ وأربعمائةٍ وستة وأربعين هجريًّا بعد غروب شمس يوم الجمعة الماضي التاسعِ والعشرين من شهر ذي الحجة لعام ألفٍ وأربعمائةٍ وخمسة وأربعين هجريًّا، الموافق الخامس من شهر يوليو لعام ألفين وأربعة وعشرين ميلاديًّا بواسطة اللِّجان الشرعيةِ والعلميةِ المنتشرةِ في أنحاء الجمهورية.
وبينت متى عاشوراء 1446 هـ - 2024 م ، بإعلان أول أيام العام الهجري الجديد أي غرة شهر المحرم لعام 1446هـ، يوم الأحد الماضي الموافق 7 يوليو 2024م، حيث قد تحقَّقَ لدينا شرعًا من نتائج هذه الرؤية البصرية الشرعية الصحيحة عدم ثبوتُ رؤية هلالِ شهر المحرم لعامِ ألفٍ وأربعمائةٍ وستة وأربعين هجريًّا بالعين المجردة، وعلى ذلك أعلنت دارُ الإفتاءِ المصريةُ أن يومَ الأحد الموافق السابع من شهر يوليو لعام ألفين وأربعة وعشرين ميلاديًّا هو أول أيام شهر المحرم لعام ألفٍ وأربعمائةٍ وستة وأربعين هجريًّا، وحيث إن يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر محرم الجاري، فإن يوم الثلاثاء المقبل الموافق الخامس عشر من يوليو 2024م، هو يوم عاشوراء 1446هـ -2024م ويسبقه اليوم تاسوعاء الإثنين في الرابع عشر من يوليو 2024م.