بعد سنوات من المفاوضات والمناقشات والجلسات العلنية والمغلقة، أعلنت وزارة الري، انتهاء الجولة الرابعة والأخيرة من مفاوضات سد النهضة بينها والسودان وإثيوبيا، دون التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بين الدول الثلاث، ما أثار تساؤلات بشأن خطوة مصر المقبلة في هذا الملف المتعثر منذ ما يربو على عقد من الزمن.
قال هاني سويلم وزير الموارد المائية والري، إن مصر تطالب بتطبيق القانون الدولي في قضية سد النهضة.
وأضاف في تصريحات متلفزة: “لدينا قضية عادلة في ملف سد النهضة ونطالب بتطبيق القانون الدولي فيما يتعلق بسد النهضة، علما بأن موقف مصر واضح فهي ترفض أي أضرار قد تنشأ عن سد النهضة الذي تم بناؤه بطريقة أحادية”.
وتابع: “نحن دائما نتحرك لحماية مصالح وحقوق المصريين في ملف المياه، وهناك رؤية ثابتة داخل الوزارة يتم العمل عليها وهي العمل على تطوير المنشآت المائية ومنظومات الري، كما كشف عن تكليفات الرئيس عبد الفتاح السيسي فيما يتعلق بملف الموارد المائية، بعد حلف اليمين”.
مفاوضات سد النهضة
وأعلن استمرار العمل على تكثيف وتطهير المنشآت المائية ووصول المياه لكل مزارع بدون مشاكل، لافتا إلى وجود توجيهات لتكثيف العمل مع دول حوض النيل وزيادة الاستثمارات المصرية في دول حوض النيل، في ظل ترؤس مصر رئاسة وزراء المياه الأفارقة، وأخيرا البعد الدولي ووضع مصر مع التغيرات المناخية ودمج ملف المياه بالتغيرات المناخية ونجاحات الدولة المصرية في مؤتمر المناخ (كوب-27) و(كوب-28).
وقال السفير نبيل فهمي، وزير الخارجية الأسبق، إن إثيوبيا لن تتراجع عن سد النهضة، وطالما يوجد وفرة في المياه لا توجد أزمة، أما في حالة الجفاف فهناك أزمة، مشيرًا إلى أن أزمة المياه قادمة.
وأضاف فهمي خلال لقائه في برنامج «بالخط العريض»، أن العالم سيشهد في القريب العاجل تناميا قويا دوليا كبيرا.
وأشار إلى أن ترشح بايدن وترامب للانتخابات الرئاسية الأمريكية مؤسف، «فأمريكا تعاني من فراغ سياسي وليس لديها رؤية للمستقبل كما أن أمريكا خسرت شعبيتها لدى العرب»، موضحا أن الصين قادمة كقوة عظمى، وهناك تشابك اقتصادي بين الصين وأمريكا.
وتوقع خبير الموارد المائية عباس شراقي، أن تبدأ عملية التخزين في الخامس والعشرين من يوليو الجاري.
وقال شراقي في منشور له عبر فيسبوك إن “إجمالي التخزين في سد النهضة على مدار السنوات الأربع الماضية كان 41 مليار متر مكعب، ثم فتحت إثيوبيا بوابتي التصريف لمدة ثلاثة أشهر قبل غلقهما نهاية يناير الماضي بعد تصريف نحو 6 مليارات متر مكعب وانخفاض منسوب البحيرة نحو 10 أمتار”.
وأضاف شراقي: “ظلت كمية المياه في البحيرة ثابتة عند 35 مليار متر مكعب خلال الأشهر القليلة الماضية؛ نظراً لتساوي كمية المياه التي تأتي عند سد النهضة من بحيرة تانا مع الكمية التي تخرج منه بعد تشغيل التوربينين، إلى أن بدأت الأمطار في الزيادة في نهاية يونيو الماضي وأصبح الوارد أكبر من الخارج”.
وتابع: “بدأ تعويض الستة مليارات السابقة حيث ارتفع منسوب البحيرة نحو 2 متر بإضافة نحو مليار متر مكعب واحد خلال الأسبوعين الماضيين، ومع زيادة الأمطار التدريجي ستستعيد البحيرة باقي الستة مليارات يوم 20 يوليو الجاري، عند متوسط إيراد يومي نحو 250 مليون متر مكعب يوميا، بعدها يبدأ التخزين الخامس”.
وأشار إلى أن التخزينات السابقة أيضاً كانت تبدأ بعد تعويض الكميات التي يتم صرفها من خلال بوابتي التصريف.
مخزون بحيرة سد النهضة
وحسبما كشف خبراء فإن حجم مخزون بحيرة سد النهضة حاليا يبلغ 35 مليار م3 منذ فبراير الماضى، وفتحت إثيوبيا بوابتي التصريف فى 31 أكتوبر و8 نوفمبر الماضيين لخفض منسوب البحيرة وتكملة خرسانة الممر الأوسط، حتى يمكن أن تبدأ أديس أبابا الخزين الخامس، والذي سيستمر حتى العاشر من سبتمبر المقبل، بكمية تقدر بحوالي 23 مليار م3 ويقف عند منسوب 640 م فوق سطح البحر.
وكانت حجزت أديس أبابا، في 4 سنوات مضت، نحو 41 مليار متر مكعب، وتستعد حاليًا لما يعرف بـ"الملء الخامس"، دون إعلان رسمي عن حجم التخزين.
وفي مارس الماضي، صرّح وزير الري بأن مصر تعاملت مع أضرار سد النهضة "بتكلفة ما"، فيما أشار إلى حالتين تشغلان اهتمام الوزارة مستقبلا، الأولى التخزين في فترات الجفاف المطول، والثانية إعادة الملء بعد الجفاف المطول.
وبنهاية عام 2023، أعلنت مصر انتهاء مسار مفاوضات سد النهضة، مؤكدة أنها ستراقب عن كثب عملية الملء والتشغيل، وأنها تحتفظ بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية للدفاع عن أمنها المائي والقومي في حالة تعرضه للضرر.
من جانبه، كشف الباحث في الشأن الإفريقي وحوض النيل، هاني إبراهيم، عن سابقة لرئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد، لم يعتدها من قبل وخاصة في خطاباته أمام البرلمان الإثيوبي، حيث تجاهل آبي أحمد سد النهضة في حديثه أمام البرلمان الإثيوبي، الذي أجراه الخميس الماضي.
وأشار هاني إبراهيم إلى أن رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد تناول في خطابه مسألة الفشقة - الأرض السودانية التي تريد إثيوبيا السيطرة عليها - زاعمًا أن السودان لا يدفع ثمن كهرباء إثيوبيا منذ عامين، موجهًا رسالة للسودان والصومال وارتيريا وكينيا.
وقال الباحث في الشأن الإفريقي هاني إبراهيم: "خطاب رئيس الوزراء الإثيوبي أمام البرلمان لم يتناول أي إشارة لمسألة السد وهو أمر غير معتاد منه في التصريحات، تناول رئيس الوزراء الاثيوبي مسألة الفشقة بدعوى أن اثيوبيا لديها حسن نوايا مع السودان وذكر أن السودان سيطر على الأرض في توقيت الحرب بين الحكومة الإثيوبية وتيجراي.