تستضيف القاهرة مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي بعنوان "مصر والاتحاد الأوروبي"، والذي بدأ أمس، السبت 29 يونيو، وينتهي اليوم، الأحد، 30 يونيو 2024، ويُعقد المؤتمر تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.
الاستثمارات الإيطالية المصرية
ويستهدف المؤتمر تعزيز التعاون الاقتصادى بين مصر والدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى من خلال جذب الاستثمارات الأوروبية المتنوعة إلى مصر، خاصة فى القطاعات ذات الأولوية مثل البنية التحتية المستدامة والطاقة المتجددة، والأمن الغذائى، والصحة والتعليم، والنقل المستدام وشبكات المياه والصرف الصحى.
وشهد وزير النقل، الفريق كامل الوزير،صباح اليوم، الأحد 30 يونيو 2024، توقيع عدد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات بين الوزارة والجانب الإيطالي في مجالات السكك الحديدية والنقل الأخضر الصديق للبيئة، وذلك خلال فعاليات مؤتمر الاستثمار "مصر والاتحاد الأوروبي" المنعقد في مركز المنارة بالتجمع الخامس بالقاهرة.
وتتضمن الاتفاقيات مذكرة تفاهم بين وزارة النقل وهيئة تنمية الصادرات الإيطالية لتمويل المشروعات الصديقة للبيئة، بالإضافة إلى اتفاقية شروط وأحكام بين الهيئة القومية لسكك حديد مصر وشركة أرسينال الإيطالية لإطلاق خدمة القطار السياحي الفاخر في مصر.
وتشمل الاتفاقيات أيضًا اتفاقية شروط وأحكام بين الهيئة القومية لسكك حديد مصر وشركة ميرمك (MERMEC) الإيطالية لتنفيذ أعمال نظم الإشارات بخطوط الفردان -بئر العبد/ بالوظة-ميناء شرق بورسعيد بالتعاون مع شركة الحاذق للإنشاءات.
ويُعقد هذا الحدث بحضور السفير ميكيلى كواروني، سفير إيطاليا بالقاهرة، ورئيس هيئة السكك الحديدية، وعدد من رؤساء الشركات الإيطالية.
وأعلنت الهيئة العامة للتعبئة والإحصاء أن الدولة المصرية تسعى لتعزيز مواردها من النقد الأجنبي عبر إزالة جميع العقبات أمام المستثمرين لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وخصوصًا الأوروبية، مما يسهم في خلق فرص عمل جديدة وتقليل معدلات البطالة.
الشريك الاستثماري الأكبر لمصر
ووفقًا للإحصاءات، تصدرت إيطاليا قائمة الدول الأكثر استثمارًا في مصر بقيمة 2.6 مليار دولار، تلتها هولندا بقيمة 1.1 مليار دولار، ثم لوكسمبورج بقيمة 830.9 مليون دولار، وفرنسا بقيمة 591.3 مليون دولار، وبلجيكا بقيمة 557.6 مليون دولار.
وحلت ألمانيا في المركز السادس بقيمة 355.7 مليون دولار، ثم إسبانيا بقيمة 161 مليون دولار، وأيرلندا بقيمة 133.3 مليون دولار، والبرتغال بقيمة 117 مليون دولار، والسويد بقيمة 108.9 مليون دولار.
كما أوضحت الهيئة أن استثمارات دول الاتحاد الأوروبي في مصر خلال العقد الماضي كانت على النحو التالي:
- 6.6 مليار دولار خلال عام 2013/2014.
- 6.5 مليار دولار خلال عام 2014/2015.
- 7.9 مليار دولار خلال عام 2015/2016.
- 8.7 مليار دولار خلال عام 2016/2017.
- 8 مليارات دولار خلال عام 2017/2018.
- 10.2 مليار دولار خلال عام 2018/2019.
- 9 مليارات دولار خلال عام 2019/2020.
- 5.1 مليار دولار خلال عام 2020/2021.
- 6.7 مليار دولار خلال عام 2021/2022.
- 6.8 مليار دولار خلال عام 2022/2023.
ويأتي مؤتمر هذا العام في وقت حيوي بالنسبة لمصر، حيث يأتي بعد أسابيع قليلة من توصل مصر إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج إصلاحي مكمل للبرنامج السابق، بالإضافة إلى عقد مصر لأكبر صفقة في تاريخها، وهي "صفقة رأس الحكمة"، والتي من المتوقع أن تجذب استثمارات تزيد عن 150 مليار دولار على مدى عمر المشروع.
ويتناول مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي مجموعة متنوعة من الموضوعات الرئيسية، بما في ذلك البنية التحتية المستدامة مثل مشروعات النقل والطاقة والمياه، والطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح والطاقة النووية، والأمن الغذائي.
وستتم مناقشة فرص الاستثمار في القطاع الزراعي والصناعات الغذائية وكيفية تحقيق الأمن الغذائي في مصر، بالإضافة إلى قطاع الصحة والتعليم، حيث سيتناول المؤتمر فرص الاستثمار في هذه القطاعات وكيفية تحسين الخدمات العامة فيها.
وسيتم أيضًا مناقشة قطاع النقل المستدام وشبكات المياه والصرف الصحي، بهدف تحسين مستوى معيشة المواطنين.
ويوفر المؤتمر منصة للمستثمرين الأوروبيين والمصريين للتشاور حول سبل جذب الاستثمارات الأجنبية وتطوير الاستثمارات القائمة.
ويشكل هذا المؤتمر أيضًا منصة حوار لنقل التجربة الأوروبية الناجحة للاستثمار إلى مصر، ما يساعد مصر على تنويع استثماراتها وزيادة مرونة الاقتصاد وتعزيز النمو المستدام.
ويمكن لمصر الاستفادة من الاستثمار في تمويل البنية التحتية المقدمة من الاتحاد الأوروبي، ما أدى إلى تحفيز تمويلات تصل إلى حوالي 8 مليارات يورو من القروض الميسرة من المؤسسات المالية الأوروبية مع التمويل العام والخاص.
كما شهد المؤتمر الحالي الإعلان عن حزم مساعدات مالية من الاتحاد الأوروبي إلى مصر بقيمة 7.4 مليار يورو للفترة من 2024 وحتى 2027، بهدف دعم الاقتصاد المصري وتعويض الأثر السلبي الذي خلفته حرب غزة وتوابعها، وتقليل الاعتماد على الغاز الروسي.
ويشمل ذلك دعم مشروعات تطوير البنية التحتية لتسهيل العمليات التجارية وجذب المستثمرين.
ويعد الاستثمار في التعليم والتطوير إحدى الركائز التي قامت عليها النهضة الأوروبية، ويمكن لمصر تعزيز قدراتها البشرية من خلال الاستثمار في التعليم والتدريب لزيادة جاذبية المستثمرين الباحثين عن قوة عاملة مدربة.
ومن ضمن هذه المبادرات، تأتي مبادرة TEVT Egypt التي تمول بالتعاون بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، وتهدف إلى إصلاح وتطوير التعليم المهني والتقني في جميع المحافظات المصرية لتعزيز البيئة الاقتصادية والاجتماعية.
وفي مجال الابتكار والتكنولوجيا، يتعاون الاتحاد الأوروبي ومصر في مجال العلوم والتكنولوجيا بموجب اتفاقية موقعة بينهما في عام 2005.
وشاركت مصر في 51 مشروعًا تحت برنامج "هورايزون 2020"، الذي يغطي مجموعة متنوعة من القطاعات، بما في ذلك المياه والطاقة والغذاء والزراعة والصحة والهجرة والثقافة.
وتعد مصر أيضًا عضوًا في منصة الاتحاد من أجل البحر الأبيض المتوسط للبحث والابتكار، والتي تجمع دول الاتحاد الأوروبي ودول جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط للتعاون العلمي والتكنولوجي.
وفي مجال الإصلاحات القانونية والإدارية، تتعاون مصر والاتحاد الأوروبي من خلال العديد من البرامج والمبادرات مثل برنامج SIGMA لتعزيز التعاون في مجال الإصلاحات القانونية والإدارية، وبرنامج الشراكة المؤسسية لتعزيز الإصلاحات الإدارية والتنظيمية، ومشروع ERRADA لتطوير نظام إجراءات إدارية مبسطة في الإدارة العامة المصرية.
وفي مجال التعاون البيئي، يستند التعاون بين الاتحاد الأوروبي ومصر إلى العديد من البرامج والمبادرات لتعزيز التنمية المستدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية.
وتشمل هذه الجهود التعاون في التنمية الخضراء والمستدامة، وتعزيز التكيف مع التغير المناخي، والتعاون في مجال الطاقة النظيفة، بما في ذلك الاستثمار في الهيدروجين الأخضر ومشروعات الربط الكهربائي بين مصر وأوروبا.
وتعكس هذه الجهود التزام الاتحاد الأوروبي بدعم مصر في جميع المجالات، وإدراكه لأهمية مصر في تحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وضمان الأمن الأوروبي وتعزيز الاستقرار والازدهار.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي، الدكتور وليد جاب الله،إن مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي يعكس مدى اهتمام دول القارة الأوروبية بتعزيز التعاون مع مصر.
وأضاف جاب الله، في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي يعكس رغبة مشتركة في تنمية العلاقات بين الجانبين.
وأوضح أن هذا التعاون يسهم في إنعاش الاقتصاد المصري، حيث أبدى الاتحاد الأوروبي حرصه على دعم مصر، وتم توقيع عدد من مذكرات التعاون والتفاهم المشترك، وضخ استثمارات تصل إلى نحو 8 مليارات يورو في مصر، جزء منها موجه للاستثمارات الخاصة.
وأشار إلى أن هذا المؤتمر يُعد إحدى الآليات المهمة لتفعيل ما أعلنه الاتحاد الأوروبي بشأن ضخ تلك الاستثمارات، وحث المستثمرين على التواجد في السوق المصرية، الذي وصف بأنه واعد ويسير في الاتجاه الصحيح.
وتابع أن الدولة المصرية تمتلك الأدوات التي تساعدها على مواجهة التحديات، وهذا ما أكدته رئيسة المفوضية الأوروبية أرسولا فندرلاين خلال كلمتها، حيث أكدت أن مصر تُعتبر بوابة الاستثمار لأوروبا.
رفع معدلات الاستثمار الأجنبي
من جانبه، قال المحلل الاقتصادي، إسلام الأمين، إنه خلال الفترة الأخيرة تسعى الحكومة المصرية لرفع معدلات الاستثمار الأجنبي خاصا مع دول الاتحاد الأوروبي للمساهمة في زيادة احتياطي النقد الأجنبي وكانت إيطاليا أكثر الدول الأوربية استثمارا في مصر حيث سجلت استثمارات بقيمة 2.6 مليار دولار خلال العام المالي 2022 / 2023 وفقا لإحصائيات الهيئة العامة للتعبئة والإحصاء، من أجمالي استثمارات للاتحاد الأوروبي بلغت 8 مليار دولار، وتستمر مصر في سعيها لتعزيز طرق التعاون الاقتصادي بين البلدين في المجالات التجارية والصناعية والاستثمارية، في ظل تطورات الوضع الاقتصادي العالمي.
وأضاف الأمين، في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن وزير المشروعات الإيطالي، أدولفو أورسو، أكد خلال الاجتماعات الأخيرة مع الجانب المصري أن إيطاليا تعد أكبر شريك تجارى لمصر بالاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن إيطاليا تعد من أهم الشركاء الاقتصاديين لمصر على مستوى العالم باستثمارات تقترب من 3 مليارات دولار في عدد 1288 مشروعاً تعمل في أهم القطاعات الجاذبة للاستثمار الأجنبي المباشر خاصة القطاعات الصناعية، والسياحية والزراعية، والخدمات وتكنولوجيا المعلومات، وكذلك الخدمات المالية والتي تساهم بدور محوري في دعم التنمية وتحقيق التقدم الصناعي، إلى جانب نقل التكنولوجيا والخبرات في مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية.
وتابع أنه يمكن للاقتصاد المصري الاستفادة في مجالات أخرى مثل الجلود والرخام والأثاث حيث تتمتع إيطاليا بشهرة عالمية في مجال الأحذية والأثاث والصناعات الغذائية ولديها قدرة عالية على تلبية احتياجات المستهلكين العالميين، بالإضافة الى وجود فرص للتعاون بين شركات الدواء المصرية والإيطالية بما يسهم في تلبية احتياجات السوق المحلي والتصدير للأسواق الأفريقية.