استحوذ خنجر توت عنخ آمون الحديدي، المكتشف في أوائل القرن العشرين، على اهتمام العلماء بسبب تساؤل حيرهم. وبعد العثور على الخنجر، أكد العلماء أن عصر الحديد، وهو الفترة التي بدأ فيها الناس في جميع أنحاء أوروبا وآسيا وأفريقيا في صنع أدوات من خام الحديد عن طريق عملية التصهير، لم يبدأ قبل 1200 قبل الميلاد، أي بعد ما يقرب من 150 عامًا من وفاة الملك توت عنخ آمون. وهذا يثير تساؤلات العلماء فيما يتعلق بكيفية صنع الخنجر في غياب عملية التصهير.
نيازك فضائية
على الرغم من أنه يعلم أن بعض القطع الأثرية المصنوعة من الحديد في العصور القديمة قد تم تشكيلها من النيازك، إلا أن مصدر الحديد المستخدم في خنجر الملك الفرعوني لم يتم تأكيده حتى أجرى فريق من الباحثين الإيطاليين تحليلاً لتركيبته في عام 2016. واكتشف الفريق أن تركيز النيكل العالي في الشفرة، بالإضافة إلى كميات ضئيلة من الكوبالت، كان متسقًا مع تركيبة الصخور الفضائية.
وبعد أربع سنوات، باستخدام تقنية المسح الضوئي للأشعة السينية، ساعد فريقٌ من الباحثين يابانيين بالتعاون مع مركز الحفظ بالمتحف المصري الكبير في رسم خريطة للعناصر الموجودة على سطح الشفرة. ولم يتوقف الأمر عند الحديد والنيكل والكوبالت فحسب، ولكنه شمل أيضًا الكلور والمنجنيز، بالإضافة إلى اكتشاف بقع سوداء على حوافه. ومن المحتمل أن تكون هذه البقع قد تكون نشأت من المعدن المعروف باسم الترويلايت، وهو معدن شائع في النيازك الحديدية.
تشير دراسة يابانية إلى إمكانية أن يكون الخنجر هدية تلقاها توت عنخ آمون من ملك ميتاني. ويرجع ذلك إلى وجود كميات كبيرة من الكالسيوم المكتشفة على مقبض الخنجر، مما يشير إلى استخدام الحرفيين مادة لاصقة أقوى بدلاً منذلك، وهي الجص الجيري المكون من الرمل والماء وأكسيد الكالسيوم. وهذا الاكتشاف مثير للدهشة، حيث لم يبدأ استخدام الجص في مصر القديمة إلا بعد وفاة الملك توت عنخ آمون في العصر البطلمي. ومع ذلك، كانت تقنيات معالجة الحديد واستخدام الجص الجيري معروفة بالفعل في مملكة ميتاني. وبناءً على ذلك، استنتج الباحثون أن استخدام الجص الذي يحتوي على الكالسيوم في مقبض الخنجر قد يدعم فكرة أن الخنجر الحديدي الذي وجد في مقبرة توت عنخ آمون قد تم تقديمه كهدية من ميتاني، كما هو مسجل في رسائل العمارنة.