تستمر محاولات كمّ أفواه المؤرخين اليهود، الذين يجاهرون بمواقفهم الواضحة ضد حرب الإبادة في فلسطين، المستمرة منذ سبعة أشهر.
في هذا السياق، أوقفت جامعة مينيسوتا الأميركية، تعيين المؤرخ اليهودي المثير للجدل البروفسور راز سيغال (Raz Segal)، لمنصب مدير "مركز دراسات المحرقة والإبادة الجماعية"، بعد أن نشر مقالة وصف فيها الحرب الإسرائيلية على غزّة بـ "حالة نموذجية من الإبادة الجماعية تتكشف أمام أعيننا".
[[system-code:ad:autoads]]
وكان سيغال، الذي يشغل حالياً منصب مدير برنامج الماجستير في دراسات المحرقة والإبادة الجماعية في جامعة "ستوكتون" في نيوجيرسي، كتب مقالاً في المجلة التقدمية "التيارات اليهودية"، في 13 أكتوبر، ارتكز فيه على خلفيته "كباحث في الإبادة الجماعية"، قائلاً: "إن الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة كانت حالة نموذجية من الإبادة الجماعية تتكشف أمام أعيننا".
[[system-code:ad:autoads]]
وفي مقابلة هاتفية الأربعاء، قال سيغال لموقع "MPR News" في مينيسوتا: "إنه متمسّك بمقاله الذي نشره في أكتوبر، وحجّته الأساس أن الحصار الإسرائيلي لغزة، يشكّل تدميراً منهجياً للفلسطينيين ومجتمعهم، في انتهاك للقانون الدولي".
وقالت الجامعة في بيان، الاثنين، نشرته صحيفة "نيوزويك": "إن الرئيس المؤقّت جيف إيتينجر أوقف عملية الاختيار حالياً، من أجل إتاحة الفرصة لتحديد الخطوات التالية".
أضاف البيان: "إنه بسبب الدور القيادي الذي يلعبه المدير، من المهم أن يتم الاستماع إلى كل الأصوات".
واحتجاجاً على اختيار سيغال، استقال أستاذان من جامعة مينيسوتا، هما كارين بينتر وبرونو شوات من مجلس إدارة المركز، وخرجت اعتراضات قوية من بعض أعضاء الجالية اليهودية في Twin cities.
عضو هيئة التدريس كارين بينتر، استشهدت بمقال سيغال في استقالتها من المجلس الاستشاري لمركز الهولوكوست والإبادة الجماعية، كأحد الأسباب الرئيسة لعدم موافقتها على تعيينه.
وكتبت بينتر: "وضع الدكتور سيغال نفسه في الجانب المتطرّف من الطيف السياسي والأيديولوجي، من خلال منشوراته حول إسرائيل وغزة، بما في ذلك مقال اتهم فيه إسرائيل، بارتكاب إبادة جماعية بعد أسبوع من هجمات 7 أكتوبر الإرهابية".
وكان سيغال انتقد في مقالة في صحيفة "الغارديان" البريطانية نشر بتاريخ 24 أكتوبر 2023، "الاستخدام الخطير للمحرقة من قبل إسرائيل، لتبرير العنف الإسرائيلي الجماعي ضد الفلسطينيين".
وقال: "يرفض المزيد من الباحثين المختصّين في دراسات المحرقة والإبادة الجماعية، السماح باستمرار الاستخدام الخطير للمحرقة لتشويه الواقع التاريخي، والعنف الجماعي الإسرائيلي ضد الفلسطينيين. إن ذلك يوفّر بعض الأمل في هذه الأيام المظلمة، لأنه يدعم النضال من أجل مستقبل مختلف، خارج الدولة الاستيطانية الإسرائيلية، مستقبل يجب أن يقوم على المساواة والعدالة والحرية والكرامة لجميع الناس الذين يعيشون بين نهر الأردن وإسرائيل".
ونقلت "نيوزويك" ما جاء في مقال سيغال حرفياً: "إن الحملة التي تشنّها إسرائيل لتهجير سكان غزة.. هي فصل آخر من فصول النكبة، التي طرد فيها ما يقدر بنحو 750 ألف فلسطيني من منازلهم خلال حرب عام 1948، وأدّت إلى إنشاء دولة إسرائيل. لكن الهجوم على غزة يمكن أن يؤدي أيضاً إلى "ما يمكن فهمه بعبارات أخرى: كحالة إبادة جماعية تتكشف أمام أعيننا، أقول هذا كباحث في الإبادة الجماعية، أمضى سنوات عدّة في الكتابة عن العنف الجماعي الإسرائيلي ضد الفلسطينيين".
إسكات المؤرخين
وكان مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي FBI، أوقف المؤرخ اليهودي إيلان بابي في مايو الماضي، في مطار ديترويت الأميركي، وحقق معه لساعتين وصادر هاتفه.
ونشر بابيه على صفحته خبر توقيفه بعنوان: "هل تعلم أنّ أساتذة التاريخ الذين يبلغون من العمر 70 عاماً يهددون الأمن القومي الأميركي؟"
وكان بابي من موقعه كمؤرّخ، أعاد قراءة تاريخ إسرائيل، "على أمل إنهاء الكارثة كما نأمل جميعاً، ما سيسمح لنا بالعيش في سلام ووئام في فلسطين".