يتواصل الصراع في السودان الشقيق بين الجيش الوطني السوداني وقوات الدعم السريع، وسط غياب أي أفق للحل وتقريبا وجهات النظر بين طرفي النزاع ووقف عمليات القتال الدائرة منذ 14 شهرا، والتي كانت لها تداعيات كارثية على البلد العربي، خاصة في ظل الدعم الذي تقدمه بعض القوى الخارجية لأطراف الصراع، بحثا منها عن نفوذ داخل السودان أو لمحاربة التواجد الروسي الصيني داخل القارة، كما في حالة الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية التي تراجع دورها تماما، لصالح الروس والصينيين في السنوات الأخيرة، بعد عقود من السيطرة وبسط النفوذ داخل القارة السمراء كالدول الاستعمارية.
ورغم سعي الولايات المتحدة وبعض القوى الغربية لوقف القتال في السودان، والضغط على طرفي النزاع - "بحسب المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، رولا أمين، فإن الحرب المستمرة في السودان أدت لنزوح أكثر من 10 ملايين شخص"، يعتقد بعض الخبراء أن الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى تستخدم كل الوسائل الممكنة في السودان لمواجهة التأثير المتزايد للقوى الروسية والصينية في إفريقيا، حتى وإن كان ذلك على حساب استقرار وسلامة الشعب السوداني.
الحرب في السودان
وبدأت الولايات المتحدة الأمريكية في التخطيط وتنفيذ خطوات تهدف لتحقيق مصالحها، سواء بإرسال مرتزقة، أو التلاعب بمسار المنظمات الإنسانية واستغلالها لتحقيق أهدافها السياسية والاقتصادية بحسب تصريحات لمصادر سودانية متعددة.
وتتمثل المخاوف الرئيسية لواشنطن في إنشاء قاعدة عسكرية روسية داخل البحر الأحمر باتفاق بين السودان وروسيا، حيث يعد هذا الأمر تحديا لواشنطن نظرا لإمكانية انضمام السودان إلى الدول الإفريقية التي فقدت الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية السيطرة عليها في السنوات الأخيرة.
المساعي الأمريكية والغربية لم تكن الوحيدة، بل طالت الاتهامات إثيوبيا، التي توتر العلاقات بينها وبين السودان بصورة واضحة عكستها مواقف بعينها تحفظ عليها السودان، في حين ظلت القيادة الإثيوبية تؤكد رفضها ما يجري في البلد المجاور، مناشدة طرفي الصراع التوصل إلى سلام يعيد الأوضاع لطبيعتها.
بحسب تقرير نشر في إندبندنت عربية - على رغم مسار العلاقات الرسمية بين الدولتين التي ظلت سارية، إلا أن الخرطوم تحفظت على الموقف الإثيوبي منذ بدء الحرب، خصوصاً مع مظاهر التأييد التي حظيت بها مواقف تحالف قوى الحرية والتغيير"(قحط" الداعمة لـ"الدعم السريع" في حربها ضد الجيش السوداني، والتي عكسته كذلك تصرفات منظمة الهيئة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا (إيجاد) المدعومة من إثيوبيا وكينيا.
وكان الوفد الحكومي السوداني انسحب من أول اجتماع تعقده المنظمة في شأن السودان خلال ديسمبر 2023 بأديس أبابا، بعد تقديمه طلباً بتغيير رئاسة كينيا للجنة "إيجاد"، لما وصفه بعدم حياد الرئيس الكيني في الأزمة، وفق بيان الخارجية السودانية آنذاك.
وخرجت تصريحات إثيوبية وكينية خلال القمة عن فراغ في القيادة السودانية، والدعوة إلى فرض منطقة حظر طيران ونزع المدفعية الثقيلة، ثم اتهام الخرطوم لمنظمة "إيجاد" بتحريف مصوغ البيان الذي خرجت به القمة، مع جملة اتهامات أخرى.
ولم تكتفِ الخرطوم بذلك، بل اتخذت قراراً بتجميد عضويتها في المنظمة بصورة كاملة وأعلنت أنها غير ملزمة بما يصدر عنها.
وأصدرت وزارة الخارجية السودانية في الـ20 من يناير الماضي قراراً بـ"تجميد التعامل" مع "إيجاد"، بسبب ما وصفته بتجاوزات ارتكبتها المنظمة بإقحام الوضع في السودان ضمن جدول أعمال القمة الاستثنائية الأخيرة في عنتيبي من دون التشاور مع الخرطوم، ودعوة قائد "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو "حميدتي" إلى حضور القمة.
الاتهامات السودانية لأديس أبابا بمساندة الدعم السريع لم تتوقف، رغم ما حدث في مايو الماضي من خفض للتوتر في العلاقات عقب زيارة قام بها وزير الخارجية السودانية المكلف حسين عوض إلى إثيوبيا كبادرة لحسن النوايا، حيث نشرت وسائل إعلام متعددة صورا تظهر رحلات جوية من أديس أبابا إلى العاصمة التشادية إنجامينا، "قيل إنها تحمل دعما موجها لقوات لدعم السريع".
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل أشارت عدة مصادر سودانية إلى إنشاء النظام الإثيوبي قاعدة عسكرية قرب الحدود السودانية، تكون كنقطة انطلاق ودعم في حال تجدد الصراع مع البلد العربي الشقيق، وتغذي أطماع إديس أبابا في السيطرة على مدينة الفشقة الواقعة حاليا تحت النفوذ السوداني.
من جانبه أفاد تقرير أصدرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، اليوم الخميس، بعنوان "الاتجاهات العالمية للنزوح القسري 2024"، بارتفاع حالات النزوح القسري إلى مستويات تاريخية جديدة في جميع أنحاء العالم خلال العام الماضي.
وقال تقرير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن إجمالي النزوح القسري ارتفع إلى 120 مليونا بحلول مايو 2024، وهي الزيادة السنوية الثانية عشرة على التوالي.
وأشارت إلى أن هذا الارتفاع يعكس الصراعات الجديدة والمتحولة والفشل في حل الأزمات طويلة الأمد، ومن شأن هذه الزيادة أن تجعل عدد النازحين العالمي يعادل تقريبا عدد سكان دولة بحجم اليابان التي تحتل المرتبة الثانية عشرة في قائمة أكبر دول في العالم.
وأوضح التقرير الأممي أن العامل الرئيسي وراء ارتفاع عدد النزوح القسري هو الصراع في السودان، حيث تشرد 10.8 مليون سوداني بنهاية عام 2023، كما تسبب القتال العنيف في جمهورية الكونغو الديمقراطية وميانمار في تشريد الملايين داخليا العام الماضي.