يتساءل الكثيرون عن قوله تعالى: «وإذ جعلنا البيت مثابة للناس» فهل يقصد سبحانه وتعالى مكة؟، ولماذا أمرنا جل وعلا بالصلاة في مقام الخليل إبراهيم عليه السلام، ونوضح ذلك، من خلال ما ذكره الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر.
وإذ جعلنا البيت مثابة للناس هل يقصد مكة؟
قال الدكتور علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: يقول ربنا {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً} {جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً} ثاب أي عاد ؛ذهب وعاد {مَثَابَةً} أي أنه مركز الدائرة الذي يخرج منه الناس شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً ثم يعودون إليه فكأن فيه مغناطيس القلوب؛ فالمغناطيس يجذب إليه الحديد؛ وهذا البيت الذي هو محل نظر الله يجذب القلوب.
وبين أن في قوله تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ} جاذباً للقلوب تعود إليه حيناً بعد حين {مَثَابَةً} يعنى مكان يُرجع إليه بعد فراقه ، حتى الذين لم يفارقوه فإنهم يريدون زيارته، ومن لم يراه مطلقا يريد أن يذهب للحج أو العمرة فقط ليرى الكعبة، لماذا ؟ وكيف علق الله هذه القلوب بهذا البيت العتيق ؟ لأنه جعله {مَثَابَةً لِّلنَّاسِ} وجعله ءامنا كوناً وحقيقةً وتكليفاً ؛ ومعنى كونًا : عندما تدخل البيت الحرام تشعر بأمن ينزل على قلبك ، وتكليفًا : قال أمّنِوا من دخل فيه {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً} فلا تفزع أحد ولا تخيف أحد ولا تستعمل العنف مع أحد ، لماذا ؟ لأنه في ضيافة الرحمن .
وواصل علي جمعة: أما عن قول الحق سبحانه وتعالى: {وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} مقام إبراهيم هو ذلك الحجر الذى كان يعلوه ليبنى الكعبة ، وأثر قدمه موجود فى الحجر ، ومقام إبراهيم كان ملتصق بالكعبة ، وفي عهد سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه زادت الناس فكانت عند الطواف تزدحم عند مقام إبراهيم لكي تمر دون الاصطدام به ، فسيدنا عمر رأى أن يتم نقله فبين لنا وللأمة كيف نفكر ؛ ونقدم مصلحة العبادة ومصلحة المسلمين ، ولا نقدس الأشياء تقديساً يمنعننا من مصلحة المسلمين ، فوسع المسجد وأزال مقام إبراهيم من مكانه إلى المكان المشهور المعلوم الآن ، فنأتي ونصلي فيه ركعتين "ركعتى الطواف" ، وتحية البيت الطواف ؛ والطواف صلاة إلا إنه قد أُبيح فيه الكلام ، وصلاة يعنى يحتاج إلى طهارة وستر العورة ، المرأة تستر كل بدنها إلا الوجه والكافيين ،والرجل يستر ما بين السرة والركبة لزوماً ، وأبيح فيه الكلام تستطيع أن تذكر أو أن تقرأ.
واختتم: إذن {وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} فيه أمر بالعبادة وفيه إشارة إلى أن تلك العبادة لا تنتهى وأنها أبداً لله.