في ظل الترابط المتزايد للاقتصادات العالمية، أصبح جذب الاستثمار الأجنبي ضرورة ملحة للدول لتعزيز نموها الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة. ويُسهم هذا الاستثمار في ضخ رأس المال، ونقل التقنيات، وتوفير الخبرات، مما يساهم في تحفيز الصناعات المحلية، وزيادة الصادرات، وتحسين مستوى معيشة المواطنين.
[[system-code:ad:autoads]]
مشاريع استثمارية ضخمة
وأثبت الاقتصاد المصري، قدرته على الصمود والابتكار في مختلف المجالات والقطاعات داخل الدولة، حيث تمكن مؤخرًا من تجاوز أزمة العملة الأجنبية وتوفير العملة الصعبة من خلال مشاريع استثمارية ضخمة.
وفي هذا السياق، تستعد مصر لاستضافة مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي في نهاية شهر يونيو الجاري يومي 29 و30 يونيو. ويحظى هذا المؤتمر بأهمية كبيرة لدى كافة مؤسسات الدولة، ويهدف إلى التعريف بالفرص الاستثمارية المتاحة في الاقتصاد المصري وتعزيز التعاون الاقتصادي بين مصر والدول الأوروبية.
ويهدف المؤتمر إلى جذب الاستثمارات الأوروبية المتنوعة والمهمة إلى مصر، خاصة في القطاعات ذات الأولوية مثل البنية التحتية المستدامة، والطاقة المتجددة والكهرباء، والأمن الغذائي، والصحة والتعليم، والنقل المستدام، وشبكات المياه والصرف الصحي، إضافة إلى دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر والبيئة.
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي الدكتور علي الإدريسي عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، في تصريحات لـ “صدى البلد”، إنه يوجد العديد من الحوافز الاستثمارية المهمة التي تساعد على جذب المستثمرين إلى مصر في الوقت الحالي ومنها:
- الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي من أهم العوامل التي تؤثر على قرار المستثمرين بالاستثمار.
- تحسين البنية التحتية: تُعد البنية التحتية القوية مثل الطرق والموانئ والمطارات والاتصالات عاملاً جذابًا للمستثمرين. لذا تولي مصر اهتمامًا كبيرًا بتطوير وتحديث البنية التحتية في السنوات الأخيرة.
- التسهيلات الإدارية والقانونية: توفير إجراءات تسجيل الشركات وإصدار التراخيص بشكل سريع وميسر، بالإضافة إلى الإطار القانوني المستقر والشفاف.
- الحوافز الضريبية والجمركية: تقديم حوافز ضريبية وجمركية جذابة، مثل خفض معدلات الضرائب والجمارك، والإعفاءات الضريبية للمشروعات الجديدة.
- توفير الأراضي والمناطق الصناعية: توفير مناطق صناعية مجهزة بالبنية التحتية اللازمة والخدمات المساندة بأسعار تنافسية.
- دعم البحث والتطوير والابتكار: تقديم حوافز للاستثمار في مجالات البحث والتطوير والابتكار، بما يعزز القدرة التنافسية للمشروعات.
- تطوير الموارد البشرية: ويقصد بها الاستثمار في تنمية المهارات والكفاءات المطلوبة لدعم عمليات الإنتاج والخدمات.
- فاعلية إدارة فض المنازعات الاستثمارية وتقليص مدة الفصل.
حوافز استثمارية لجذب الاستثمارات إلى مصر
من جانب آخر، قال الخبير الاقتصادي إسلام الأمين، إن مصر حققت نمواً اقتصادياً بلغ 3.8% خلال السنة المالية 2022-2023 المنتهية، وتعمل على تحسين تصنيفها الائتماني، وتتجه نحو تعزيز السياسات الاقتصادية المستقرة، وتحقيق الاستقرار السياسي، وتقليل المخاطر المرتبطة بالاستثمار.
ويتوقع البنك الدولي، أن يرتفع معدل النمو الاقتصادي في مصر إلى 4.2% في العام المالي 2024/2025، بعد توقيع صفقة رأس الحكمة مع الإمارات، التي كان لها تأثير إيجابي على مناخ الاستثمار في مصر. ورغم أن الاقتصاد المصري يمتلك العديد من المقومات الجاذبة للاستثمارات الأجنبية، إلا أن هناك بعض المجالات التي يمكن التركيز عليها لتحقيق مزيد من الفوائد الاستثمارية.
وأضاف الأمين في تصريحات لـ "صدى البلد"، أنه وفقًا لتقرير البنك الدولي 2023، يبلغ معدل الضرائب المفروضة على الشركات في مصر حوالي 22.5%، مما يجعلها أعلى من المتوسط الإقليمي لبعض الدول المجاورة التي تفرض نسبة تصل إلى 0% على دخل الشركات. لذا، يتطلب من الحكومة المصرية تقديم إعفاءات ضريبية للمشاريع الجديدة لفترة زمنية محددة لتشجيع الشركات على الاستثمار. بالإضافة إلى ذلك، يمكن تخفيض أو إلغاء الرسوم الجمركية على المعدات والآلات المستوردة للمشاريع الصناعية أن يسهم في خفض تكاليف الإنتاج وتشجيع الاستثمارات في الصناعات التحويلية، مما يعزز التنافسية التصديرية لمصر، مع مراعاة حماية الصناعات المحلية الناشئة.
وتابع قائلًا إن معدل الفائدة على القروض التجارية في مصر تجاوز حوالي 20% في بداية عام 2024، وهو معدل مرتفع نسبياً مقارنة بدول أخرى. وعلى الرغم من ارتفاع أسعار الفائدة لاحتواء الضغوط التضخمية، إلا أن المستثمرين يتطلعون إلى قروض ميسرة ودعم مالي للشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة.
وأكمل الأمين، أنه على الرغم من الاهتمام الواضح بالبنية التحتية من قبل الحكومة والنمو التصاعدي، خاصة بعد استثمار 5.5 مليار دولار في مشروعات البنية التحتية في 2022، إلا أن بعض المناطق مازالت تعاني من نقص في الخدمات. ويتطلب ذلك الاستثمار في تحسين البنية التحتية مثل الطرق، والموانئ، وشبكات الكهرباء والمياه، مما يعزز من جاذبية مصر كموقع استثماري.
ولفت الأمين، إلى أن الحوافز للاستثمارات الخضراء يمكن أن تسهم في جذب المستثمرين الذين يركزون على الاستدامة. تحتاج مصر إلى تطوير سياسات بيئية مرنة تشجع على الاستثمار في الطاقة المتجددة والمشاريع الصديقة للبيئة.
وأشار الأمين إلى أن مصر أجرت تعديلات على قوانين الاستثمار في 2023 لجعلها أكثر مرونة وتيسيراً للمستثمرين. ولجذب المزيد من الاستثمارات، يتطلب الأمر تحديث القوانين المتعلقة بالاستثمار وتبسيط الإجراءات القانونية لخلق بيئة استثمارية أكثر جاذبية.
وأوضح الأمين أنه خلال الفترة الأخيرة شاركت مصر في العديد من المعارض والمؤتمرات الاقتصادية لتعزيز جاذبيتها الاستثمارية، نظراً لما تمتلكه من مقومات أساسية تساهم في زيادة الإنتاجية وارتفاع معدلات الربحية للمستثمرين في السوق المصرية. لذا، يتطلب الأمر تنظيم المزيد من الحملات التسويقية الدولية للترويج لمصر كوجهة استثمارية، والمشاركة في المعارض والمؤتمرات الاقتصادية العالمية.
واختتم الأمين قائلًا إنه بتبني هذه الحوافز الاستثمارية، يمكن لمصر تعزيز جاذبيتها كوجهة استثمارية رئيسية في المنطقة. ومن خلال تحسين البيئة الاستثمارية وتوفير الحوافز الملائمة، يمكن لمصر تحقيق نمو اقتصادي مستدام وزيادة تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة.