كشف عدد من الأطباء في أحد المستشفيات الأخيرة العاملة في مدينة الفاشر السودانية المحاصرة أنهم اضطروا إلى إغلاق المنشأة بعد تعرضها للهجوم، بحسب تقرير نشرته شبكةBBC البريطانية، ويحظى المستشفى بدعم منظمة أطباء بلا حدود الطبية الخيرية التي وصفته بأنه المستشفى الوحيد المتبقي في الفاشر حيث يمكن للمدنيين المصابين أن يتلقوا العلاج.
[[system-code:ad:autoads]]
ومنذ عدة أيام، ترددت أنباء عن سقوط قذائف على المستشفى الجنوبي بالمدينة، ما أدى إلى وقوع إصابات ووفيات، لكن شهود عيان يقولون الآن إن مقاتلين من قوات الدعم السريع شبه العسكرية دخلوا المنشأة، وفي يوم السبت، توجهوا بالسيارة إلى المستشفى وفتحوا النار، ونهبوا الأدوية والمعدات الطبية، وسرقوا سيارة إسعاف واعتدوا على الموظفين.
[[system-code:ad:autoads]]
لا نعلم هل هناك قتلى أو جرحى
وقال ماكسيميليان كوالسكي، رئيس بعثة المنظمة الخيرية الطبية في السودان، لبي بي سي نيوزداي : "بسبب الفوضى، لم يتمكن فريقنا من التحقق مما إذا كان هناك أي قتلى أو جرحى".
وأضاف: "المستشفى قريب حقًا من خط المواجهة، لذا سيظل مغلقًا في الوقت الحالي"، ويوضح كوالسكي، أن إمدادات الوقود والكهرباء والمياه لا تعمل بعد في مستشفى قريب متهالك، حيث تضطر منظمة أطباء بلا حدود إلى نقل عملياتها في الفاشر، مما يترك المدنيين المصابين بلا مكان يذهبون إليه لمدة أسبوع على الأقل.
ويعد هجوم السبت علامة أخرى على عدم وجود قواعد للحرب الأهلية السودانية، كما اتُهم الجيش الوطني السوداني، الذي يقاتل قوات الدعم السريع خلال العام الماضي، بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق، ولكن في هذه الحالة، أجبرت قوات الدعم السريع مستشفى كان يعالج فيه المدنيون على الإغلاق.
الفاشر محاصرة
فرضت قوات الدعم السريع حصارا على مقر سلاح الإشارة بمدينة بحري منذ بدء القتال في منتصف أبريل من العام الماضي، ويحاول الجيش بين الحين والآخر فك الحصار عن مقره بالهجوم على الدعم السريع من شمالي بحري وأم درمان عبر جسر الحلفايا الذي يربط شمال أم درمان بمدينة بحري، لكن دون جدوى.
وفي مدينة الفاشر، يتحدث السكان بأن الجيش شن غارات جوية عنيفة على تمركزات لقوات الدعم السريع في مدينة كبكابية مشيرين إلى تصاعد أعمدة الدخان من المنطقة مع سماع أصوات المضادات الأرضية، وذكروا أن وتيرة المعارك البرية والاشتباكات على الأرض تراجعت خلال الأيام الماضية في الفاشر مع استمرار القصف الجوي وتبادل الضربات المدفعية بين الجانبين.
وتفرض قوات الدعم السريع حصارا محكما أيضا على الفاشر في مسعى للسيطرة عليها بعد أن أحكمت قبضتها على أربع من أصل خمس ولايات في إقليم دارفور، وسط تحذيرات دولية وإقليمية من اجتياح المدينة التي تؤوي ملايين النازحين الذين فروا من مدن الإقليم المضطرب جراء الصراع.
الحرب الأهلية تبيد السودان .. 15 ألف قتيل
وفي جميع أنحاء البلاد، تشير التقديرات إلى أن أكثر من 15 ألف شخص قُتلوا منذ بدء الصراع في أبريل 2023، بينما أُجبر ما يقرب من تسعة ملايين على الفرار من منازلهم - وهو عدد أكبر من أي صراع آخر في العالم، وقد سيطرت قوات الدعم السريع على ولاية الجزيرة، جنوب العاصمة الخرطوم، في ديسمبر، واتهمت بارتكاب العديد من الانتهاكات ضد المدنيين هناك، وهو ما تنفيه، وفي الأسبوع الماضي، قُتل ما لا يقل عن 150 شخصًا، بينهم 35 طفلًا، على يد قوات الدعم السريع في قرية ود النورة بولاية الجزيرة.
وفي دارفور، قالت جماعات حقوق الإنسان إن قوات الدعم السريع تستخدم الاغتصاب كسلاح حرب، وتستهدف المساليت ذوي البشرة الداكنة وغيرهم من الجماعات غير العربية في حملة تطهير عرقي، فيما فشلت عدة جولات من محادثات السلام في إنهاء الحرب التي بدأت عندما اختلف الجنرالان اللذان يقودان الجيش وقوات الدعم السريع على التوالي، وتقول وكالات الأمم المتحدة إن القتال أثار أكبر أزمة نزوح في العالم، وأن الملايين يواجهون كارثة جوع نتيجة لذلك.
الأمم المتحدة: حياة أطفال السودان في خطر جسيم
وخلال الأسبوع الماضى، أصدرت ثلاث وكالات تابعة للأمم المتحدة تحذيرًا شديدًا بشأن تدهور وضع التغذية للأطفال والأمهات في السودان، البلد الذي تمزقه الحرب. وأكدت الوكالات أن حياة أطفال السودان في خطر جسيم، مشددة على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية جيل كامل من سوء التغذية والأمراض والموت.
وأجرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية تحليلًا أكد أن الاقتتال الحالي يفاقم العوامل المحركة لسوء التغذية بين الأطفال، مثل:
– نقص الأغذية المغذية ومياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي.
– زيادة خطر الإصابة بالأمراض.
– التهجير الهائل للسكان، نتيجة النزاع، بما يزيد من خطر وقوع مجاعة كارثية، ويؤدي إلى خسائر كبيرة في الأرواح، خاصة بين الأطفال الصغار.
وأوضحت الوكالات الأممية الثلاث أن الحرب المستمرة منذ عام تؤثر بشدة على تقديم الإمدادات الإنسانية، مما يترك النساء والأطفال دون دعم غذائي حيوي. ورغم محاولاتها المستمرة، يعيق العنف والإجراءات البيروقراطية وصول المساعدات إلى المناطق المتأثرة بالنزاع.