كشفت المؤشرات الأولية لانتخابات البرلمان الأوروبى، أنه من المتوقع أن تفوز أحزاب اليمين المتطرف بعدد قياسي من المقاعد في البرلمان الأوروبي، وهي النتيجة، إذا تم تأكيدها، فإنها ستوجه توبيخاً لاذعاً للتيار السياسي السائد في بروكسل وتضيف حالة من عدم اليقين إلى اتجاه أوروبا في المستقبل.
[[system-code:ad:autoads]]
وبعد ثلاثة أيام من التصويت في جميع أنحاء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة، أظهر استطلاع للرأي أن أحزاب اليمين المتطرف من المتوقع أن تفوز بحوالي 150 مقعدا من مقاعد البرلمان البالغ عددها 720 مقعدا، الأمر الذي من المرجح أن يجعل من الصعب على الأحزاب الرئيسية تشكيل الأغلبية اللازمة لتمرير القوانين، وذلك بحسب ما نشرته شبكةCNN الأمريكية.
[[system-code:ad:autoads]]
محاولة العمل كمرساة للاستقرار
وتؤكدالمعطيات الأولية لنتائج انتخابات البرلمان الأوروبي إحراز الأحزاب اليمينية القومية والمتطرفة مكاسب هامة، وانتكاسة مريرة لزعيمي القوتين الرئيسيتين في الاتحاد الأوروبي، المستشار الألماني أولاف شولتسوالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أعلن حلّ الجمعية الفرنسية ودعا لانتخابات تشريعية في 30 يونيو الجاري.
وفي خطاب ألقته في وقت متأخر من يوم الأحد، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن النتائج أظهرت أن حزب الشعب الأوروبي الذي تتزعمه – والذي من المتوقع أن يحصل على أكبر عدد من المقاعد – لا يزال بإمكانه العمل "كمرساة للاستقرار"، لكنها دعت حلفاءها السياسيين إلى المساعدة في الحماية من الأحزاب المتطرفة.
المعطيات الأولية فى كبار أوروبا الـ3
وفي فرنسا، تصدر حزب التجمع الوطني بقيادة جوردان بارديلا النتائج بنسبة تزيد على 31,5 بالمئة من الأصوات، متقدما بفارق كبير على حزب النهضة الذي يتزعمه الرئيس ماكرون (15,2 بالمئة)، بحسب تقديرات معاهد الاستطلاع. وبذلك سيحصل حزب الجبهة الوطنية على 31 من أصل 81 مقعدا فرنسيا في البرلمان الأوروبي، وفي ألمانيا، رغم الفضائح الأخيرة التي طالت رئيس قائمته، احتل حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف المركز الثاني بنسبة 16 إلى 16,5 بالمئة من الأصوات، خلف الاتحاد المسيحي المحافظ (29,5 إلى 30 بالمئة)، لكنه تقدم بفارق كبير على حزبي الائتلاف الحاكم، الاشتراكيين الديموقراطيين (14 بالمئة) والخضر (12 بالمئة).
أما في إيطاليا، تصدّر حزب "إخوة إيطاليا" اليميني المتطرف الذي تتزعمهرئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني، النتائج بنسبة 25 إلى 31 بالمئة من الأصوات، وفق استطلاعات رأي مختلفة، وأيضا في النمسا، حصل "حزب الحرية" اليميني المتطرف على 27 بالمئة من الأصوات، وعزز الهولنديون الذين كانوا أول من أدلوا بأصواتهم الخميس، موقف حزب خِيرت فيلدرز اليميني المتطرف، وفي إسبانيا، أظهرت النتائج الرسمية حصول الحزب الشعبي اليميني، التشكيل الرئيسي للمعارضة الإسبانية، على 22 مقعدا في البرلمان الأوروبي مقابل 20 للاشتراكيين بزعامة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، وحقق حزب فوكس اليميني المتطرف تقدما بحصوله على 6 مقاعد.
أما في بولندا، فقد تقدم الحزب الوسطي المؤيد لأوروبا بزعامة رئيس الوزراء دونالد توسك على حزب القانون والعدالة القومي الشعبوي، لكن الأخير حافظ على قسم هام من الأصوات، كما أن اليمين المتطرف المتمثل في حزب كونفيديراجا لن يحصل على أقل من 6 مقاعد في البرلمان الأوروبي.
تلك هى الخطوات القادمة
والانتخابات البرلمانية الأوروبية أشبه بالانتخابات النصفية في الولايات المتحدة، ولكنها تجري في بداية الفصل التشريعي، ولكن يعد هذا البرلمان بمثابة رئيس أوروبا، حيث يصوت الأوروبيون لانتخاب 720 مشرعاً بدلاً من الرئيس، وبالتأكيد التصويت يخلف تأثيراً غير مباشر على من يصبح رئيساً للمؤسسات الرئيسية الثلاث في الاتحاد الأوروبي، وهم (المفوضية الأوروبية - المجلس الأوروبي - البرلمان الأوروبي).
وبحسب الشبكة الأمريكية، فإن فى تلك المرة الأمور سوف تكون صعبة، فتقليديا، كان يتم اختيار رئيسي المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي من قبل زعماء الاتحاد الأوروبي خلال اجتماع مغلق بعد الانتخابات، ومن ثم يتم تقديم هذه الأسماء إلى البرلمان الأوروبي، والذي يتعين على مشرعيه تأكيد الاختيارات بالأغلبية المطلقة. وكان هذا منطقيا طالما أن رئيس المفوضية الأوروبية، والذي يمكن القول أنه الأقوى بين الثلاثة، كان يؤدي دورا بيروقراطيا إلى حد كبير.
ولكن على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية أو نحو ذلك، اكتسب مكتب رئيس المفوضية قدراً كبيراً من السلطة، فهو المسؤول عن السياسة التجارية للاتحاد الأوروبي بأكمله، فضلاً عن إنفاذ قانون المنافسة، وفي الآونة الأخيرة، في عهد الرئيسة الحالية أورسولا فون دير لاين، تولت المفوضية مسؤولية استجابة أوروبا لجائحة فيروس كورونا 2019 (COVID-19)، فضلا عن تنسيق الدعم لأوكرانيا ضد الهجوم الروسي، لذلك تركيبة هذا البرلمان هى من ستحدد شخصية هذا المسئول الأوروبي الكبير.
مهام البرلمان الأوروبي
وبحسب القوانين المنظمة لهذا البرلمان، لإنه لا يُسمح لأعضائه من الناحية الفنية باقتراح التشريعات، فهذه هي مهمة اللجنة، لذا فإن عملهم الأساسى، والذى يقضون الكثير من الوقت حوله، هو الجدال حول التفاصيل الدقيقة للقوانين التي أصدرتها اللجنة، فيما تقترح المفوضية عددًا كبيرًا من القوانين، ودائما البرلمان يكون متحمسا للسماح بتمريرها بمجرد أن تقوم لجانه بعمل سحرها عليها، فهذا هو المكان الذي تحصل فيه أوروبا على قوانينها الحاكمة لكل القارة، والمؤثرة على العالم، مثل قانون الذكاء الاصطناعي، أو أول لوائح ملزمة في العالم للذكاء الاصطناعي، أو الصفقة الخضراء، وهي حزمة شاملة من القوانين للحد من الانبعاثات وحماية البيئة.
وعندما لا يعملون على القوانين، يقضي البرلمان الأوروبي الكثير من الوقت في العمل على ما يسمى "القرارات"، وهي عبارة إلى حد ما عن تصريحات حول شعور المجلس تجاه هذا الشيء أو ذاك، مثل "العنف سيء" أو "حليب الشوكولاتة طعمه جيد" وهذه القرارات غير ملزمة ولكن لها قيمة رمزية حول العالم، لأنه يعبر عن موقف القارة العجوز فى قضايا العالم، وبخلاف ذلك، يقوم المشرعون بممارسة الضغط، والذهاب في بعثات لتقصي الحقائق إلى وجهات حول العالم.
720مترجم حتى يستطيعوا فهم بعض
والسؤال الذى قد يشغل بالك، كيف يفهم نواب من 27 دولة، ويتحدثون 24 لغة، وإجابة هذا التساؤل من جزأين، الجزء الأول هو الترجمة، حيث تتمتع أوروبا بميزانية ضخمة للترجمة لمساعدة الجميع على فهم بعضهم البعض، مما يجعل عليها أن تتخلى عن التفاصيل الدقيقة الأخرى، مثل القوة الجيوسياسية على سبيل المثال، ويحصل المترجمون على أجورهم بسخاء من دافعي الضرائب الأوروبيين، لذا يستطيع المشرعون البالغ عددهم 720 من أماكن مثل سلوفينيا والبرتغال أن يفهموا بعضهم البعض عندما ينهضون للتحدث فيما يسمونه "الدراجة الهوائية"، ولهذا السبب يرتدي المشرعون سماعات الرأس بينما يتحدث شخص آخر، لأن هذا هو المكان الذي تأتي منه الترجمة.
والجزء الثاني من الإجابة عبارة عن سر صغير، فكل شخص في البرلمان الأوروبي يتحدث الإنجليزية بشكل أو بآخر، ففي الواقع، تعمل البيروقراطية بأكملها في الاتحاد الأوروبي باللغة الإنجليزية، وعلى الرغم من أن هذه لهجة محددة - أطلق عليها الإنجليزية الأوروبية – ولكنها ليست الإنجليزية الأمريكية أو البريطانية، فهى لهجة خاصة بها، مكونة من 27 لهجة تم إلقاؤها في بوتقة انصهار كبيرة، ومن حين لآخر، يحاول الفرنسيون الانتفاض وتغيير هذا، ولكنهم فشلوا، فاللغة الإنجليزية الأوروبية منتشرة ولا يمكن لأي شخص أن يفعل شيئًا حيال ذلك.