الأعمال المدافعة عن المؤمن في قبره، عذاب القبر ونعيمه ثابت بالكتاب والسُّنَّة، وهو معلوم من الدين بالضرورة؛ قال تعالى: «النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ» (غافر: 46)، وفي الصحيحين: أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم مرَّ بقبرين، فقال: «إنهما ليُعَذَّبان وما يُعَذَّبان في كبير؛ أمَّا أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأمَّا الآخَر فكان يمشي بالنميمة».
[[system-code:ad:autoads]]
الأعمال المدافعة عن المؤمن في قبره
القبر أوَّل منزلةٍ مِن منازل الآخرة؛ لذا كان عثمان بن عفان رضي الله عنه إذا وقف على قبرٍ بَكَى ما لا يَبكيه عند ذكْر الجَنَّة والنار، فقيل له في ذلك، فقال: سمعتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «القبر أوَّل منازل الآخِرة، فإنْ نجا العبدُ منه فما بَعْدَه أَيسَرُ منه»
[[system-code:ad:autoads]]
يقول الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين جامعة الأزهر فرع أسيوط في بيان الأعمال المدافعة عن المؤمن في قبره: أخرج ابن حبان في صحيحه بسنده ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ: "ﺇﻥ اﻟﻤﻴﺖ ﺇﺫا ﻭﺿﻊ ﻓﻲ ﻗﺒﺮﻩ ﺇﻧﻪ ﻳﺴﻤﻊ ﺧﻔﻖ ﻧﻌﺎﻟﻬﻢ ﺣﻴﻦ ﻳﻮﻟﻮﻥ ﻋﻨﻪ، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﺆﻣﻨًﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺼﻼﺓ ﻋﻨﺪ ﺭﺃﺳﻪ، ﻭﻛﺎﻥ اﻟﺼﻴﺎﻡ ﻋﻦ ﻳﻤﻴﻨﻪ، ﻭﻛﺎﻧﺖ اﻟﺰﻛﺎﺓ ﻋﻦ ﺷﻤﺎﻟﻪ، ﻭﻛﺎﻥ ﻓﻌﻞ اﻟﺨﻴﺮاﺕ ﻣﻦ اﻟﺼﺪﻗﺔ ﻭاﻟﺼﻠﺔ ﻭاﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭاﻹﺣﺴﺎﻥ ﺇﻟﻰ اﻟﻨﺎﺱ ﻋﻨﺪ ﺭﺟﻠﻴﻪ. ﻓﻴﺆﺗﻰ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺭﺃﺳﻪ ﻓﺘﻘﻮﻝ اﻟﺼﻼﺓ: ﻣﺎ ﻗﺒﻠﻲ ﻣﺪﺧﻞ ﺛﻢ ﻳﺆﺗﻰ ﻋﻦ ﻳﻤﻴﻨﻪ ﻓﻴﻘﻮﻝ اﻟﺼﻴﺎﻡ: ﻣﺎ ﻗﺒﻠﻲ ﻣﺪﺧﻞ ﺛﻢ ﻳﺆﺗﻰ ﻋﻦ ﻳﺴﺎﺭﻩ ﻓﺘﻘﻮﻝ اﻟﺰﻛﺎﺓ: ﻣﺎ ﻗﺒﻠﻲ ﻣﺪﺧﻞ ﺛﻢ ﻳﺆﺗﻰ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺭﺟﻠﻴﻪ ﻓﺘﻘﻮﻝ ﻓﻌﻞ اﻟﺨﻴﺮاﺕ ﻣﻦ اﻟﺼﺪﻗﺔ ﻭاﻟﺼﻠﺔ ﻭاﻟﻤﻌﺮﻭﻑﻭاﻹﺣﺴﺎﻥ ﺇﻟﻰ اﻟﻨﺎﺱ: ﻣﺎ ﻗﺒﻠﻲ ﻣﺪﺧﻞ . ﻓﻴﻘﺎﻝ ﻟﻪ: اﺟﻠﺲ ﻓﻴﺠﻠﺲ ﻭﻗﺪ ﻣﺜﻠﺖ ﻟﻪ اﻟﺸﻤﺲ ﻭﻗﺪ ﺃﺩﻧﻴﺖ ﻟﻠﻐﺮﻭﺏ ﻓﻴﻘﺎﻝ ﻟﻪ: ﺃﺭﺃﻳﺘﻚ ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻜﻢ ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻝ ﻓﻴﻪ ﻭﻣﺎﺫا ﺗﺸﻬﺪ ﺑﻪ ﻋﻠﻴﻪ؟ ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﺩﻋﻮﻧﻲ ﺣﺘﻰ ﺃﺻﻠﻲ ﻓﻴﻘﻮﻟﻮﻥ: ﺇﻧﻚ ﺳﺘﻔﻌﻞ ﺃﺧﺒﺮﻧﻲ ﻋﻤﺎ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﻋﻨﻪ ﺃﺭﺃﻳﺘﻚ ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻜﻢ ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻝ ﻓﻴﻪ ﻭﻣﺎﺫا ﺗﺸﻬﺪ ﻋﻠﻴﻪ؟ " ﻗﺎﻝ: "ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﻣﺤﻤﺪ ﺃﺷﻬﺪ ﺃﻧﻪ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﻭﺃﻧﻪ ﺟﺎء ﺑﺎﻟﺤﻖ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﻠﻪ ﻓﻴﻘﺎﻝ ﻟﻪ: ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺣﻴﻴﺖ ﻭﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻣﺖ ﻭﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺗﺒﻌﺚ ﺇﻥ ﺷﺎء اﻟﻠﻪ ﺛﻢ ﻳﻔﺘﺢ ﻟﻪ ﺑﺎﺏ ﻣﻦ ﺃﺑﻮاﺏ اﻟﺠﻨﺔ ﻓﻴﻘﺎﻝ ﻟﻪ: ﻫﺬا ﻣﻘﻌﺪﻙ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻣﺎ ﺃﻋﺪ اﻟﻠﻪ ﻟﻚ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻴﺰﺩاﺩ ﻏﺒﻄﺔ ﻭﺳﺮﻭﺭا ﺛﻢ ﻳﻔﺘﺢ ﻟﻪ ﺑﺎﺏ ﻣﻦ ﺃﺑﻮاﺏ اﻟﻨﺎﺭ ﻓﻴﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﻫﺬا ﻣﻘﻌﺪﻙ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻣﺎ ﺃﻋﺪ اﻟﻠﻪ ﻟﻚ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻮ ﻋﺼﻴﺘﻪ ﻓﻴﺰﺩاﺩ ﻏﺒﻄﺔ ﻭﺳﺮﻭﺭا ﺛﻢ ﻳﻔﺴﺢ ﻟﻪ ﻓﻲ ﻗﺒﺮﻩ ﺳﺒﻌﻮﻥ ﺫﺭاﻋﺎ ﻭﻳﻨﻮﺭ ﻟﻪ ﻓﻴﻪ ﻭﻳﻌﺎﺩ اﻟﺠﺴﺪ ﻟﻤﺎ ﺑﺪﺃ ﻣﻨﻪ ﻓﺘﺠﻌﻞ ﻧﺴﻤﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﻨﺴﻢ اﻟﻄﻴﺐ ﻭﻫﻲ ﻃﻴﺮ ﻳﻌﻠﻖ ﻓﻲ ﺷﺠﺮ اﻟﺠﻨﺔ" ﻗﺎﻝ: " ﻓﺬﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﻳﺜﺒﺖ اﻟﻠﻪ اﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮا ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ اﻟﺜﺎﺑﺖ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎﺓ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻓﻲ اﻵﺧﺮﺓ} ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮ اﻵﻳﺔ [ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ: 27 ]
ﻗﺎﻝ: "ﻭﺇﻥ اﻟﻜﺎﻓﺮ ﺇﺫا ﺃﺗﻲ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺭﺃﺳﻪ ﻟﻢ ﻳﻮﺟﺪ ﺷﻲء ﺛﻢ ﺃﺗﻲ ﻋﻦ ﻳﻤﻴﻨﻪ ﻓﻼ ﻳﻮﺟﺪ ﺷﻲء ﺛﻢ ﺃﺗﻲ ﻋﻦ ﺷﻤﺎﻟﻪ ﻓﻼ ﻳﻮﺟﺪ ﺷﻲء ﺛﻢ ﺃﺗﻲ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺭﺟﻠﻴﻪ ﻓﻼ ﻳﻮﺟﺪ ﺷﻲء ﻓﻴﻘﺎﻝ ﻟﻪ: اﺟﻠﺲ ﻓﻴﺠﻠﺲ ﺧﺎﺋﻔﺎ ﻣﺮﻋﻮﺑﺎ ﻓﻴﻘﺎﻝ ﻟﻪ: ﺃﺭﺃﻳﺘﻚ ﻫﺬا اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻜﻢ ﻣﺎﺫا ﺗﻘﻮﻝ ﻓﻴﻪ؟ ﻭﻣﺎﺫا ﺗﺸﻬﺪ ﺑﻪ ﻋﻠﻴﻪ؟ ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﺃﻱ ﺭﺟﻞ؟ ﻓﻴﻘﺎﻝ: اﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻜﻢ ﻓﻼ ﻳﻬﺘﺪﻱ ﻻﺳﻤﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻪ: ﻣﺤﻤﺪ ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﻣﺎ ﺃﺩﺭﻱ ﺳﻤﻌﺖ اﻟﻨﺎﺱ ﻗﺎﻟﻮا ﻗﻮﻻ ﻓﻘﻠﺖ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ اﻟﻨﺎﺱ, ﻓﻴﻘﺎﻝ ﻟﻪ: ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺣﻴﻴﺖ ﻭﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻣﺖ ﻭﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺗﺒﻌﺚ ﺇﻥ ﺷﺎء اﻟﻠﻪ ﺛﻢ ﻳﻔﺘﺢ ﻟﻪ ﺑﺎﺏ ﻣﻦ ﺃﺑﻮاﺏ اﻟﻨﺎﺭ ﻓﻴﻘﺎﻝ ﻟﻪ: ﻫﺬا ﻣﻘﻌﺪﻙ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺭ ﻭﻣﺎ ﺃﻋﺪ اﻟﻠﻪ ﻟﻚ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻴﺰﺩاﺩ ﺣﺴﺮﺓ ﻭﺛﺒﻮﺭا ﺛﻢ ﻳﻔﺘﺢ ﻟﻪ ﺑﺎﺏ ﻣﻦ ﺃﺑﻮاﺏ اﻟﺠﻨﺔ ﻓﻴﻘﺎﻝ ﻟﻪ: ﺫﻟﻚ ﻣﻘﻌﺪﻙ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺔ ﻭﻣﺎ ﺃﻋﺪ اﻟﻠﻪ ﻟﻚ ﻓﻴﻪ ﻟﻮ ﺃﻃﻌﺘﻪ ﻓﻴﺰﺩاﺩ ﺣﺴﺮﺓ ﻭﺛﺒﻮﺭا ﺛﻢ ﻳﻀﻴﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺒﺮﻩ ﺣﺘﻰ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻓﻴﻪ ﺃﺿﻼﻋﻪ ﻓﺘﻠﻚ اﻟﻤﻌﻴﺸﺔ اﻟﻀﻨﻜﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻝ اﻟﻠﻪ: {ﻓﺈﻥ ﻟﻪ ﻣﻌﻴﺸﺔ ﺿﻨﻜﺎ ﻭﻧﺤﺸﺮﻩ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺃﻋﻤﻰ} . اه
وأوضح في بيان الأعمال المدافعة عن المؤمن في قبره، أن الحديث السالف ذكره جاء في صحيح ابن حبان رقم ٣١١٣ وقال الشيخ الأرنؤوط : ﺇﺳﻨﺎﺩﻩ ﺣﺴﻦ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ، ﻭﻫﻮ اﺑﻦ ﻋﻠﻘﻤﺔ ﺑﻦ ﻭﻗﺎﺹ اﻟﻠﻴﺜﻲ. ﻭﺃﺧﺮﺟﻪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺯاﻕ "6703"، ﻭاﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ "3/383-384"، ﻭﻫﻨﺎﺩ ﺑﻦ اﻟﺴﺮﻱ ﻓﻲ "اﻟﺰﻫﺪ" "338"، ﻭاﻟﻄﺒﺮﻱ ﻓﻲ "ﺟﺎﻣﻊ اﻟﺒﻴﺎﻥ" "13/215-216"، ﻭاﻟﺤﺎﻛﻢ "1/379-380" ﻭ"380-381"، ﻭاﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ﻓﻲ "اﻻﻋﺘﻘﺎﺩ" ﺻ "220-222"، ﻭﻓﻲ "ﺇﺛﺒﺎﺕ ﻋﺬاﺏ اﻟﻘﺒﺮ" "67" ﻣﻦ ﻃﺮﻕ ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ، ﺑﻬﺬا اﻹﺳﻨﺎﺩ. ﻭﺻﺤﺤﻪ اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻁ ﻣﺴﻠﻢ ﻭﻭاﻓﻘﻪ اﻟﺬﻫﺒﻲ. ﻭﺫﻛﺮﻩ اﻟﻬﻴﺜﻤﻲ ﻓﻲ "اﻟﻤﺠﻤﻊ" "3/51-52" ﻭﻗﺎﻝ: ﺭﻭاﻩ اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ﻓﻲ اﻷﻭﺳﻂ ﻭﺇﺳﻨﺎﺩﻩ ﺣﺴﻦ. ﻭﺫﻛﺮﻩ اﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﻓﻲ "اﻟﺪﺭ اﻟﻤﻨﺜﻮﺭ" "5/31-32" ﻭﺯاﺩ ﻧﺴﺒﺘﻪ ﺇﻟﻰ اﺑﻦ اﻟﻤﻨﺬﺭ ﻭاﺑﻦ ﻣﺮﺩﻭﻳﻪ.
وشدد العالم الأزهري في الأعمال المدافعة عن المؤمن في قبره: عليكم أيها الأحباب بالمواظبة على هذه الأعمال الأربعة المدافعة عن المؤمن في قبره وهي الصلاة والصيام والزكاة وفعل الخير .