قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

3 أمور في حديث «استفت قلبك وإن أفتاك الناس».. يغفلها الكثيرون

دار الإفتاء
دار الإفتاء
×

ينتشر حديث «استفت قلبك وإن أفتاك الناس»، إلا أن في تأويله وتفسيره الكثير من المغالطات فما هي صحة حديث «استفت قلبك»؟ وما الفرق بين أفتاك الناس وأفتوك؟، هذا ما نجيب عنه.

حديث «استفت قلبك وإن أفتاك الناس»

في البداية، أوضحت دار الإفتاء مدى صحة حديث: «اسْتَفْتِ قَلْبَكَ، وَاسْتَفْتِ نَفْسَكَ» ومعناه، حيث سائل يقول: أخبرني أحد أصدقائي أن معرفة الأحكام الشرعية وتمييز الصحيح فيها مبني على مجرد التذوق النفسي للشخص والشعور القلبي له محتجًا بحديث «اسْتَفْتِ قَلْبَكَ، وَاسْتَفْتِ نَفْسَكَ، وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ»؛ فما مدى صحة هذا الكلام؟ وما هو المعنى الصحيح الذي يفيده الحديث؟

وقالت: ورد عن سيدنا وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه أنه قال: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ لَا أَدَعَ شَيْئًا مِنَ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ إِلَّا سَأَلْتُهُ عَنْهُ، وَحَوْلَهُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَسْتَفْتُونَهُ، فَجَعَلْتُ أَتَخَطَّاهُمْ، فَقَالُوا: إِلَيْكَ يَا وَابِصَةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فُقُلْتُ: دَعُونِي فَأَدْنُوَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ أَنْ أَدْنُوَ مِنْهُ، قَالَ: «دَعُوا وَابِصَةَ، ادْنُ يَا وَابِصَةُ» مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، قَالَ: فَدَنَوْتُ مِنْهُ حَتَّى قَعَدْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: «يَا وَابِصَةُ أُخْبِرُكَ أَمْ تَسْأَلُنِي»؟ قُلْتُ: لَا، بَلْ أَخْبِرْنِي، فَقَالَ: «جِئْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ» فَقَالَ: نَعَمْ، فَجَمَعَ أَنَامِلَهُ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِنَّ فِي صَدْرِي، وَيَقُولُ: «يَا وَابِصَةُ اسْتَفْتِ قَلْبَكَ، وَاسْتَفْتِ نَفْسَكَ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، «الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ، وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ، وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ» فقد رواه الإمام أحمد في "مسنده"، وحَسَّن الإمام النووي إسناده في "الأربعين".

ونبهت: ليس معنى الحديث أن يكون مدار معرفة الأحكام الشرعية وتمييز الصحيح فيها على مجرد التذوق النفساني والشعور القلبي؛ فللعلماء مسلكان في توجيه الحديث؛ فمنهم من جعله في المؤمن الذي تحقق بنور الإيمان وترقى في مراتب التقى والعرفان إذا واجه أمرًا يشتبه في حِلِّه أو جوازه، ولم يجد فيه قولًا لأحد إلا ممَّن لا يوثق بعلمه أو دينه.

قال الملا علي القاري الحنفي في "مرقاة المفاتيح" (5/ 1901، ط. دار الفكر): [قيل: المعني بهذا الأمر أرباب البصائر من أهل النظر والفكر المستقيمة، وأصحاب الفراسات من ذوي النفوس المرتاضة والقلوب السليمة؛ فإن نفوسهم بالطبع تصبو إلى الخير وتنبو عن الشر؛ فإن الشيء ينجذب إلى ما يلائمه وينفر عما يخالفه، ويكون ملهمة للصواب في أكثر الأحوال. قال التوربشتي رحمه الله: وهذا القول وإن كان غير مستبعد، فإن القول بحمله على العموم فيمن يجمعهم كلمة التقوى وتحيط بهم دائرة الدين أحق وأهدى] اهـ.

وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي في "جامع العلوم والحكم" (2/ 103، ط. مؤسسة الرسالة): [وأما ما ليس فيه نص من الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ولا عمَّن يقتدى بقوله من الصحابة وسلف الأمة، فإذا وقع في نفس المؤمن المطمئن قلبه بالإيمان، المنشرح صدره بنور المعرفة واليقين منه شيء، وحاك في صدره لشبهة موجودة، ولم يجد من يفتي فيه بالرخصة إلا من يخبر عن رأيه وهو ممَّن لا يوثق بعلمه وبدينه، بل هو معروف باتباع الهوى، فهنا يرجع المؤمن إلى ما حاك في صدره، وإن أفتاه هؤلاء المُفْتُون] اهـ.

ومنهم من جعله خاصًّا بوابصة رضي الله عنه؛ لأجل معنًى معين قام به، وعليه: فإن الحكم لا يتعداه لغيره؛ ويكون الحديث حينئذٍ في واقعة عين لا عموم لها؛ قال حجة الإسلام الإمام الغزالي في "إحياء علوم الدين" (2/ 117، ط. دار المعرفة): [لم يَرُدَّ عليه السلام كل أحد إلى فتوى القلب، وإنما قال ذلك لوابصة؛ لما كان قد عرف من حاله] اهـ.

ويمكن أن يقال في توجيه الحديث: أنه منصرف إلى الأخذ بالورع والعمل بالأحوط في خاصة النفس، ولا ينصرف بحال إلى معرفة حد الحلال والحرام.

والعمل بالأحوط شيء حَسَنٌ؛ لما فيه من الخروج من الخلاف وهو أمر مستحب لا شيء فيه؛ قال الإمام السيوطي في "الأشباه والنظائر" (ص: 136، ط. دار الكتب العلمية): [الخروج من الخلاف مستحب] اهـ.

وقال الإمام التاج السبكي في "قواعده" (1/ 111-112، ط. دار الكتب العلمية): [اشتهر في كلام كثير من الأئمة، ويكاد يحسبه الفقيه مجمعًا عليه، ثم علَّل القاعدة بأن: أفضليته -أي: الخروج من الخلاف- ليست لثبوت سنة خاصة فيه؛ بل لعموم الاحتياط والاستبراء للدين، وهو مطلوب شرعًا مطلقًا؛ فكان القول بأن الخروج أفضل ثابت من حيث العموم، واعتماده من الورع المطلوب شرعًا] اهـ.

3 آراء في «استفت قلبك»

فيما قال الشيخ محمد كمال، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن البعض يفسر خطأ حديث سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم «استفت قلبك وإن أفتاك الناس»، مؤكدا أن الرواية صحيحة لكن تفسيرها لدى لبعض يكون خطأ.

وأضاف أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال فتوى له: «العلماء كان لهم 3 أقوال، في هذا الحديث الأول قالوا إن هذا القول كان خاص بالصحابي الذي قال له النبي هذا القول، لأن سيدنا النبي اطلع على حاله بأنوار النبوة».

وتابع أمين الفتوى بدار الإفتاء : «القول الثاني المقصود استفت قلبك ده بيكون في الورع وليس في الحلال والحرام، وده يكون لنفسك فقط، والقول الثالث إن المقصود بذلك من أنار الله قلوبهم بالإيمان والعلم، مينفعش تبقى مقصر في الصلاة وتقول استفت قلبك، وبكده يبقى الحديث ليس لعوام الناس».