رفعت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية لتصنيف مصر الائتماني إلى «إيجابية» من «مستقرة»، مدعومة بتراجع مخاطر التمويل الخارجي على المدى القريب، بسبب الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الدولة، ومشروع تطوير «رأس الحكمة» مع الإمارات، وفقًا لـ «الشرق بلومبرج».
[[system-code:ad:autoads]]فيتش تعدل نظرتها للاقتصاد المصري
وأشارت وكالة التصنيف الائتماني إلى أن قرارها جاء على خلفية «انخفاض مخاطر التمويل الخارجي على المدى القريب بشكل ملحوظ» بسبب مشروع رأس الحكمة مع الإمارات، والانتقال إلى سياسة سعر صرف مرنة، وتشديد السياسة النقدية، فضلاً عن التمويل الإضافي من المؤسسات المالية الدولية وعودة تدفقات غير المقيمين إلى سوق الدين المحلية، بحسب وكالة التصنيف الائتماني.
[[system-code:ad:autoads]]ورجحت وكالة فيتش العالمية للتصنيف الائتماني أن يرتفع إجمالي احتياطيات النقد الأجنبي لمصر بقيمة 16.2 مليار دولار في السنة المالية الحالية التي تنتهي في يونيو المقبل ليصل إلى 49.7 مليار دولار، بفضل وفرة موارد النقد الأجنبي وعود الثقة في الجنيه بعد تحرير سعر الصرف بشكل مستدام.
وفي نفس الوقت، توقعت الوكالة في تقرير لها حول مصر أن تواصل احتياطيات النقد الأجنبي ارتفاعها بشكل أكبر لتسجل 53.3 مليار دولار بحلول السنة المالية 2024-2025- التي تبدأ في يوليو المقبل- بما يغطي ما يعادل 5.6 شهرًا من المدفوعات الخارجية الحالية، وهو أعلى من المتوسط "B" البالغ 4.1 شهر.
وقفز احتياطي النقد الأجنبي لمصر بأكثر من 5 مليارات دولار خلال شهر مارس الماضي ليسجل نحو 40.36 مليار دولار، وفق بيانات البنك المركزي المصري الصادرة في وقت سابق.
وأضافت الوكالة في تقرير لها حول مصر، أن عودة دخول تحويلات المصريين العاملين بالخارج بشكل رسمي في البنوك يؤدي إلى زيادة الثقة في سعر الصرف في تقليص عجز الحساب الجاري المتوقع إلى 2.3% من إجمالي الناتج المحلي في السنة المالية 2025.
كانت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني نشرت تقريرا في وقت سابق من عام 2024 الجاري حمل عنوان: «صفقة كبرى للاستثمار الأجنبي المباشر تحسن توقعات السيولة الخارجية في مصر».
وأوضح التقرير كون الاتفاق الذي جرى إبرامه بين مصر والإمارات العربية المتحدة والذي وصل قيمته لـ35 مليار دولار لتطوير رأس الحكمة، وجاء من أجل تخفيف الضغوط الخاصة بالسيولة الخارجية، ما سهل تعديل سعر الصرف، حيث سيساعد ذلك بتعزيز رؤية صندوق النقد الدولي للاقتصاد المصري، كما أوضحت الوكالة ببيان لها أن الصفقة ستفتح الباب أمام تمويل أجنبي إضافي للدولة المصرية.
وأعقبت تلك الإشادة ما أعلنت عنه وكالة «موديز» من تعديلها للتصنيف الائتمانى لمصر، بعدما حوَّلت نظرتها المستقبلية لاقتصاد لـ«إيجابية»، عند تصنيف CAA1.
جاء ذلك التعديل لوكالة «موديز» بنظرة مستقبلية لاقتصاد مصر، عقب ساعات من توقع معهد التمويل الدولي من ارتفاع قيمة العملة المصرية لمستوى 42.5 جنيه أمام الدولار في العام المالي المقبل 2024/2025، بمستوى أقل من الـ49.57 جنيه الذي يتداول حاليًا بشكل رسمي، وفق بيانات من البنك المركزي.
وعدل بنك «جولدمان ساكس» التوقعات المستقبلية لموازنة الدولة المصرية من عجز قيمه بنحو 13 مليار دولار، إلى فائض تمويلي يصل لأكثر من 26 مليار دولار، خلال السنوات الأربعة المقبلة، كما توقع بنك «جولدمان ساكس» ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي في مصر لأكثر من 60 مليار دولار مع نهاية عام 2027، حيث قال بنك الاستثمار إن التغيير الكبير في توقعاته جاء بعد الإعلان عن صفقة رأس الحكمة التي وقعتها مصر مع الإمارات، بخلاف الإعلان عن اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي.
المزيد من الاستثمارات خلال الفترة المقبلة
في هذا الصدد، قال الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي و رئيس مركز العاصمة الاقتصادية،إن التقرير الخاص الصادر عن فيتش للتصنيف الائتماني، وتغيير نظرتها المستقبلية لمصر من سلبية إلى إيجابية يعد خطوة ضرورية ومهمة تؤكد أهمية القرارات التي اتخذتها مصر خلال الفترة الماضية، والتي أتت بنتائج إيجابية، كما يؤكد عمق الإجراءات التي قامت بها الدولة المصرية والحكومة المصرية خلال الفترة الماضية، ما ساهم في رفع تصنيفها الائتماني.
وأضاف الشافعي، في تصريحات خاصة لــ"صدى البلد"، أن مصر كانت تعاني من مشكلة السيولة الدولارية، ولكن نظراً للإجراءات التي اتخذتها مصر مؤخراً، حيث عقد بعض الاتفاقات التي وفرت سيولة دولارية لمصر واستطاعت سد الفجوة التمويلية، فضلاً عن زيادة الاستثمارات المتدفقة لمصر، فضلاً عن بعض القرارات التي اتخذت من قبل البنك المركزي وهي رفع سعر الفائدة وتحرير سعر الصرف والقضاء تماما على السوق الموازية للدولار، وهو ما مكن مصر من جذب المزيد من الاستثمارات .
وأوضح أن هذا القرار سيساهم في رفع معدلات الاستثمار، مشيراً إلى أن مصر تنطلق بقوة نحو تحسين المؤشرات الكلية الخاصة بالاقتصاد المصري.
خبير اقتصادي: الاقتصاد المصري يمتلك سمعة جيدة في كل دول العالم
من جانبه، قال الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادي، إن التصنيف الائتماني الذي يصدر من مؤسسات التصنيف الكبرى يعكس القدرة لحقيقية لدول العالم على سداد التزاماتها، مشيراً إلى أن مصر دائما تحرص على التواصل مع تلك المؤسسات وتهتم بما يصدر من تلك المؤسسات.
ولفت إلى أن تلك المؤسسات كانت قد حسنت تصنيف مصر بصورة كبيرة منذ بداية برنامج الإصلاح الاقتصادي، إلا أنه وبعد تداعيات الحرب الأوكرانية حدثت تراجعات في التصنيف، ولكنه يتم حالياً التحول في التحسن في التصنيف .
وأضاف جاب الله، في تصريحات لــ"صدى البلد"، أنه لا ينبغي أن نبالغ في تصنيف فيتش أو غيرها من المؤسسات لأن تصنيفها لم يكن المكون الأساسي في جذب الاستثمارات، حيث إن التصنيف الائتماني أصبح أحد العناصر ولكن ليس كل العناصر التي تساعد على جذب الاستثمارات، حيث إن قرار المستثمر مرتبط بالكثير من الأمور وليس فقط التصنيف الائتماني.
وتابع: “الاقتصاد المصري يمتلك سمعة جيدة في كل دول العالم، والجميع يعلم أنه تعرض لأزمة تمويلية في المدى القصير ثم بدأ في تجاوزها منذ توقيع صفقة رأس الحكمة”، مشيراً إلى أن توجهات الاقتصاد المصري معلومة.
بشرى للاقتصاد المصري
وتعقيبا على إعلان وكالة فيتش عالمية للتصنيف الائتماني رفع النظرة المستقبلية لتصنيف مصر الائتماني إلى إيجابية بدلا من مستقرة مع الإبقاء على درجة التصنيف عند (B)، قال الدكتور محمد معيط، وزير المالية، إن الاقتصاد المصري بدأ بصورة تدريجية في استعادة ثقة مؤسسات التصنيف الدولية، بمسار أكثر تحفيزًا للانطلاق لآفاق أكثر إيجابية واستقرارًا، من خلال انتهاج السياسات الاقتصادية الإصلاحية والمتطورة والمتكاملة والمستدامة.
وأضاف معيط، في بيان له اليوم، السبت، أن ذلك يُعزز مسيرة التعافي والاستقرار والنمو المستدام، وخلق المزيد من فرص العمل، بدفع جهود تمكين القطاع الخاص، ومضاعفة مساهماته في النشاط الاقتصادي الوطني، خاصة في ظل حرص الدولة علي تنشيط القطاعات الإنتاجية والصناعية والتصديرية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.
وأكد أن تخفيض الإنفاق الاستثماري العام للدولة ووضع سقف له بتريليون جنيه خلال العام المالي المقبل، يساعد في جذب المزيد من الاستثمارات الخاصة.
وتابع: “نتطلع إلى استمرار العمل بقوة لتحسين التصنيف الائتماني لمصر للأفضل خلال المراجعات المقبلة قبل نهاية عام 2024”.
وأوضح أن الاقتصاد المصري بات يمتلك قدرة أكبر على تلبية الاحتياجات التمويلية المستقبلية وسط التحديات العالمية والإقليمية الصعبة، المترتبة على الحرب في أوروبا، والحرب في غزة، والتوترات بمنطقة البحر الأحمر.
وذكر أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، والحزم الداعمة من مؤسسات التمويل وشركاء التنمية الدوليين وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، الأخيرة والمتوقعة خلال الفترة المقبلة، تُعزز الاستقرار والتقدم الاقتصادي، حيث تُسهم في تخفيف حدة الضغوط التمويلية على المدى القصير والمتوسط.
وقال الوزير: “إننا مستمرون في مسار تحقيق الانضباط المالي، حيث نستهدف في الموازنة الجديدة للعام المالي المقبل 2024/ 2025 تسجيل فائض أولي بنسبة 3.5% وخفض معدل الدين إلى 88.2% من الناتج المحلي الإجمالي، في ظل وجود سقف ملزم للدين العام، مستهدفا أيضًا النزول به لأقل من 80% من الناتج المحلي بحلول يونيو 2027”.
وأضاف: "نعمل على تحسين إدارة الدين وتقليل المخاطر المتعلقة بإعادة التمويل من خلال خفض عجز الموازنة، عبر تنمية موارد الدولة مع ترشيد الإنفاق والحفاظ على تحقيق فائض أولي متزايد، وتسجيل معدلات نمو مرتفعة وتوجيه نصف إيرادات برنامج "الطروحات" لبدء خفض مديونية الحكومة وأعباء خدمتها، بشكل مباشر، والنزول بمعدلات زيادة مدفوعات الفوائد من خلال اتباع سياسة تنويع مصادر التمويل بين الأدوات والأسواق الداخلية والخارجية، إضافة إلى خفض الاحتياجات التمويلية التي تتكون من العجز، وإطالة عمر الدين بعد تحسن أسعار الفائدة، ووضع "سقف" للضمانات التي تصدرها وزارة المالية، ومراقبة حجم الضمانات السيادية الصادرة، والضمانات المطلوبة لما تشكله من التزامات محتملة على الموازنة العامة للدولة"، بحسب الوزير.
وذكر أنهم يعملون على مراجعة جميع الضمانات المطلوبة والتفاوض على شروطها وخفض رصيد الضمانات السيادية للناتج المحلي الإجمالي ابتداءً من العام المالى المقبل؛ على نحو يسهم في تحقيق المستهدفات التنموية.