تسعى مصر إلى تجاوز الأزمة الاقتصادية والقضاء على واحدة من أسوأ حالات نقص النقد الأجنبي "الدولار" بالبلاد، وتراجع التدفقات الخارجية خلال الفترة الماضية، وذلك عن طريق إبرام مصر اتفاقا مع صندوق النقد الدولي، للحصول على تسهيل صندوق ممدد بمقدار 8 مليارات دولار لمدة 46 شهرا في ديسمبر 2022. وقال الصندوق إن المراجعة الأولى والثانية للتسهيل، التي سبق إرجاؤها، اكتملت الآن.
[[system-code:ad:autoads]]
نتائج إيجابية لاتفاق صندوق النقد ومصر
وفي هذا الصدد، قال صندوق النقد الدولي في بيان إن المجلس التنفيذي للصندوق وافق على زيادة برنامج القرض المقدم لمصر بنحو خمسة مليارات دولار بجانب 3 مليارات دولار، في تأكيد لإعلان هذا الشهر تزامن مع تخفيض البنك المركزي لقيمة الجنيه المصري.
وقال الصندوق في بيان إن الزيادة ستسمح لمصر بسحب نحو 820 مليون دولار على الفور، وأضاف: "يجري تنفيذ خطة قوية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي لتصحيح الأخطاء في السياسات"، مع التركيز على تحرير نظام الصرف الأجنبي، وتشديد السياسة المالية والنقدية، وخفض الاستثمار الحكومي، وإتاحة مساحة أكبر للقطاع الخاص".
وسيشمل ذلك استمرار خفض الدعم الذي يستهلك جزءا كبيرا من النفقات الحكومية. وفي الأسبوع الماضي رفعت مصر أسعار مجموعة واسعة من منتجات الوقود.
وقال الصندوق في بيانه "لا يزال من الضروري استبدال دعم الوقود غير المستهدف بالإنفاق الاجتماعي المستهدف كجزء من حزمة تعديل مستدامة لأسعار الوقود"، وذكر الصندوق أن مصر وضعت إطارا جديدا لرصد ومراقبة الاستثمار العام من شأنه أن يساعد في إدارة زيادة الطلب، لكن سيتعين على الدولة والجيش الانسحاب من النشاط الاقتصادي، وأضاف "دمج الاستثمار الشفاف من خارج الميزانية في عملية صنع القرار بشأن سياسة الاقتصاد الكلي سيكون أمرا بالغ الأهمية".
وتوقع البيان أن يتباطأ معدل النمو في مصر إلى ثلاثة بالمئة في السنة المالية التي تنتهي في يونيو 2024 من 3.8 بالمئة في 2022-2023، قبل أن ينتعش إلى نحو 4.5 بالمئة في 2024-2025.
وفي هذا الصدد، أشار الدكتور علي الإدريسي الخبير الاقتصادي، إلى أن السيولة الدولارية المتدفقة من جانب الصندوق بالشريحة الأخيرة التي تم صرفها، تسهم في تخفيض نسبة الدين الخارجي لمصر من 7 إلى 8%، مما يحسن من نظرة الاقتصاد العالمي لاقتصادنا المحلي، وضخ استثمارات جديدة بعد زيادة ثقة المستثمرين بالسوق المحلي المصري.
زيادة ثقة المستثمرين بالسوق المحلي
وأضاف الإدريسي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن هذه الاتفاقيات لها مردود إيجابي على كافة القطاعات الاقتصادية، من حيث زيادة معدلات النمو الاقتصادي، وخلق فرص عمل جديدة.
وأشار الإدريسي، إلى أن هذه الإتفاقيات تؤدي أيضا إلى تراجع معدلات البطالة، وكبح جماح معدلات التضخم، بعد ارتفاعها لمستويات غير مسبوقة، وتعزيز برامج الحماية المجتمعية في إطار خطة الإصلاح الاقتصادي التي تقوم الحكومة على تنفيذها.
وكانت قد قالت مجموعة البنك الدولي إنها تعتزم تقديم أكثر من ستة مليارات دولار لمصر على مدى السنوات الثلاث المقبلة بواقع ثلاثة مليارات دولار ستوجه إلى البرامج الحكومية وثلاثة مليارات دولار لدعم القطاع الخاص، وسيتم اعتماد هذه المبالغ بعد موافقة مجلس المديرين التنفيذيين للمجموعة.
وتراجعت الضغوط المالية على الحكومة الشهر الماضي بعدما أبرمت مصر صفقة قياسية لضخ استثمارات إماراتية بقيمة 35 مليار دولار لتطوير مشروع مدينة "رأس الحكمة"، ووسعت برنامج قرض مع صندوق النقد الدولي إلى 8 مليارات دولار بدلا من 3 مليارات دولار، وخفضت قيمة العملة بشكل حاد.
وكان وزير المالية محمد معيط، قال في تصريحات إن الحكومة جمعت إجمالا 20 مليار دولار من الدعم من مصادر متعددة بعد زيادة القرض والمضي في برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليهما مع صندوق النقد الدولي.
تجاوز العديد من الأزمات الاقتصادية
والجدير بالذكر، أن وقع الاتحاد الأوروبي اتفاقات في مصر تضمنت حزمة تمويل بقيمة 7.4 مليار يورو (8.06 مليار دولار) على مدى أربعة أعوام، تشمل قروضا واستثمارات وتعاونا في ملفي الهجرة إلى أوروبا ومكافحة الإرهاب.
وصندوق النقد الدولي يدعو إلى نظام صرف مرن في مصر لعدة أشهر، حيث كافأ المقرض متعدد الأطراف الحكومة المصرية بمضاعفة حجم برنامج القروض الذي تمت الموافقة عليه لأول مرة في عام 2022 إلى 8 مليارات دولار تقريبًا، وهو ما كان حافزًا لتدفق إضافي بقيمة حوالي 14 مليار دولار من الدعم المالي من الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي.
و في يوم 6 من الشهر الجاري، وافق الصندوق على زيادة الدعم المقدم لمصر من 2,35 مليار وحدة حقوق سحب خاصة، بما يعادل 3 مليار دولار إلى 6,11 مليار وحدة أي ما يعادل 8 مليار دولار، حيث يخضع هذا الاتفاق لموافقة المجلس التنفيذي للصندوق.
ويلتزم الجانب المصري بتنفيذ كافة الجوانب بالغة الأهمية في برنامجها للإصلاح الاقتصادي الذي يدعمه صندوق النقد الدولي، والذي كان أحد بنوده الرئيسية التحول إلى نظام أكثر مرونة لسعر الصرف، خلال الفترة الماضية.
وسبق، وتمكنت الحكومة خلال الأسابيع القليلة الماضية من تجاوز العديد من التحديات والأزمات الاقتصادية، على رأسها أزمة العُملة الصعبة والسيولة الدولارية التي كانت تعاني منها البلاد، حيث تم السيطرة على سوق الصرف مرة أخرى وانهيار السوق السوداء، وتنشيط قطاع الاستثمارات من خلال العديد من الاتفاقيات على رأسها اتفاقية مشروع رأس الحكمة بالتعاون مع الجانب الإماراتي بواقع 35 مليار دولار.
وكان الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، قد أشار إلى أن التوقيع على الاتفاق مع صندوق النقد، سيسمح للحكومة المصرية بالتقدم للحصول على قرض إضافي بقيمة 1.2 مليار دولار من صندوق الاستدامة البيئية التابع لصندوق النقد الدولي، ليصبح المجموع الكلي نحو 9 مليارات دولار.