الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"تقدم" تطرح ورقة جديدة للحل.. لماذا فشلت مبادرات وقف الحرب في السودان؟

القتال في السودان
القتال في السودان

يبحث السودان منذ اندلاع الحرب بين القوات المسلحة "الجيش" وقوات "الدعم السريع" في 15 من أبريل الماضي، عن أية حلول للأزمة السياسية التي قسمت البلد ووضعته على حافة الهاوية وشردت كثير من شعبه، سواء كانت هذه الحلول بمبادرة داخلية أو قادمة من الخارج.

وأخفقت المبادرات التي طرحتها قوى دولية وإقليمية ومحلية لوقف القتال في السودان "مع تمسك كل طرف من المتناحرين بموقفه"، ومن أبرزها المبادرة السعودية - الأميركية التي يطلق عليها "منبر جدة"، ومبادرة الهيئة الحكومية للتنمية "إيقاد"، ووثيقة المنامة، ومبادرة دول الجوار التي تضم مصر وإثيوبيا وجنوب السودان وتشاد وليبيا وأفريقيا الوسطى وإريتريا وغيرها من المساع المختلفة.

حل الأزمة داخل السودان 

وقال القيادي في تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية "تقدم" بكري الجاك، حول هذا الأمر: "في تقديري، المبادرة التي لها تأثير وفعالية منذ بدء الحرب في البلاد هي مبادرة منبر جدة التي مرت بمراحل عدة، لكنها لم تنجح في وقف إطلاق نار شامل بين طرفي القتال (الجيش والدعم السريع)، وهذا الأمر ليست له علاقة بالوساطة الذي يتحدد دورها في تقريب وجهات النظر بين الطرفين ومحاولة إيجاد خيارات وبدائل أخرى، لكن الجهة المنوط بها مسؤولية وقف إطلاق النار هي طرفا الحرب ".

وأضاف "الجاك" - خلال تصريحات صحفية: "المؤكد في منبر جدة أن هناك مسافة بعيدة بين الطرفين، فضلاً عما وضع من شروط تعجيزية من القوات المسلحة لوقف إطلاق النار بخاصة في ما يتعلق بخروج قوات الدعم السريع من المواقع المدنية والعسكرية، ومنطقياً أن أي شخص له معرفة بفض النزاعات والصراع برى أنه شرط تعجيزي من الصعب تحقيقه".

ولفت إلى أن آخر صيغة في منبر جدة تضمنت توحيد المبادرات على أن تكون مدخلاً لعملية الترتيبات الأمنية والعسكرية، وأن يكون هناك شق سياسي تحت إشراف "إيقاد" والاتحاد الأفريقي يتمثل دوره في القيام بترتيبات ما بعد وقف إطلاق النار ونهاية الحرب، وللأسف الشديد انهارت هذه العملية بعدما كان هناك اتفاق جاهز للتوقيع عليه من طرفي القتال، إذ رفض ممثل القوات المسلحة أي ترتيبات لعملية سياسية بعد التوقيع.

من جهته نفى المتحدث باسم تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية، "تقدم"، علاء الدين نقد، وجود أي علاقة للتنسيقية ولتجمع المهنيين السودانيين، بوثيقة جرى تداولها على نطاق واسع، بزعم أنها مبادرة صادرة من رئيس التنسيقية عبد الله حمدوك، لإنهاء أزمة السودان.

ونصّت مسودة المبادرة المتداولة، على تنفيذ هدنة بين الجيش وقوات الدعم السريع، لمدة 60 يوما، يليها تشكيل حكومة انتقالية مدنية، وتكوين جيش موحد، على أن يتم استبعاد نظام الرئيس السابق عمر البشير من العملية السياسية المرتقبة.

وقال "نقد" في تصريحات لـ "الحرة"، الاثنين، إنه "لا علاقة لحمدوك أو تجمع المهنيين السودانيين أو تنسيقية "تقدم" بالمبادرة المزعومة على حد قوله، التي حملت عددا من التناقضات، كما أنها أغفلت جانب المساءلة عن الجرائم".

وأشار إلى أن "الوثيقة المتداولة تحدثت في واحدة من فقراتها عن أن العملية السياسية لم يُتفق عليها، ثم جاءت في فقرة لاحقة وتحدثت عن قيام عملية سياسية بعد 21 يوما من اتفاق قائدي الجيش وقوات الدعم السريع".

عناصر نظام الرئيس البشير 

واتهم المتحدث باسم تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية، "عناصر نظام الرئيس السابق عمر البشير بالوقوف وراء تسريب الوثيقة، وربطها بتنسيقية "تقدم" ورئيسها عبد الله حمدوك، وكذلك بتجمع المهنيين السودانيين".

وأضاف أن "تسريب الوثيقة مقصود منه التشويش على جهود تنسيقية "تقدم" الساعية لإنهاء الحرب في السودان، وكشف المتورطين في إشعالها وتأجيجها من عناصر النظام السابق".

واقترحت الوثيقة المتداولة - بحسب "الحرة" منح قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي" الحصانة من الملاحقة في قضايا الحق العام، وأعطتهما حق الترشح في الانتخابات بعد تقاعدهما عن الخدمة العسكرية.

وتأتي هذه التطورات في أعقاب تسريبات عن اتفاق وشيك يجعل قادة الجيش والدعم السريع جزءا من تسوية سياسية ويمنحهم حصانة ضد الملاحقة القانونية، لكن قياديا في تنسيقية القوى المدنية السودانية "تقدم" التي تضم قوى الحرية والتغيير وأكثر من 20 كيانا حزبيا ومدنيا ومهنيا وأهليا، أكد لـ "سكاي نيوز عربية" عدم "دقة تلك التسريبات".

وأشار إلى أن تنسيقية "تقدم" تطرح حلا يعطي الأولوية لوقف الأعمال العدائية وتيسير تدفق المساعدات الإنسانية ومن ثم الدخول في عملية سياسية تشارك فيها كل القوى الوطنية المؤمنة بالتحول المدني وتستثني المؤتمر الوطني - الجناح السياسي لتنظيم الإخوان - وكافة واجهاته.  

وأشار القيادي إلى أن الحلول التي تطرحها تنسيقية "تقدم" تتسق مع المقترحات التي أقرتها الهيئة المعنية بالتنمية في أفريقيا "إيقاد" وتجد دعما كبيرا من المجتمع الدولي، مشددا على أن مسألة منح الحصانات أو تقاسم السلطة مع الشق العسكري لم تطرح إطلاقا ولم تكن ضمن الأجندة التي تتبناها التنسيقية.

وأطلقت التنسيقية السبت حملة للعون الإنساني، للتوافق حول إطلاق نداء إنساني لكل العالم لدعم السودان، وسط تقارير عن أن الخطوة جاءت بطلب من المبعوث الأميركي توم بيريلو وعدد من الأطراف الدولية لاعتمادها كآلية مدنية فنية تساعد جهود الأمم المتحدة في تنسيق المساعدات الدولية والإشراف عليها.

من جهته قال الكاتب الصحفي والمحلل السوداني، السماني عوض الله، إن "المبادرات المطروحة لوقف الاقتتال في الداخل السوداني بين الجيش وقوات الدعم السريع كثيرة ومتنوعة سواء كانت داخلية أو خارجية، لكن كلها تقف عند الشروط التي وضعها الجيش في منبر جدة في 11 مايو الماضي ويتمسك بها ولا يجد حلا للأزمة دون الالتزام بها من قبل الدعم السريع وتنفيذها".

تدهور في الوضع الإنساني

وأضاف السماني - خلال تصريحات لـ "صدى البلد": "تم خلال هذه المفاوضات توقيع إعلان مبادئ يصر الجيش على تنفيذه ويقضي بانسحاب قوات الدعم السريع من المؤسسات المدنية والمنازل وإزالة الارتكازات الأمنية التي وضعتها بالطرقات حتى يكون هناك محادثات مباشرة"، مشددا: ”يدون تحقيق ذلك لن تكون هناك مبادرات لحل الأزمة سواء طرحت بالفعل من تقدم أو كانت مجرد مداولات في الغرف المغلقة لجس النبض من قبل الطرفين".

وتسببت المعارك الممتدة منذ نحو عام داخل ولايات السودان المختلفة بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، بأكبر أزمة نزوح في العالم "مسّت أكثر من 6 ملايين مواطن".

فقد نزح نحو 2.5 مليون مواطن من دارفور، ونحو 700 ألف من ولاية نهر النيل، ونصف مليون من ولاية النيل الأبيض، وأكثر من 400 ألف نزحوا من ولايات كردفان والقضارف وسنّار والشمالية، وأكثر من 300 ألف من الجزيرة، ومثلهم من ولاية البحر الأحمر، بينما نزح نحو 200 ألف من كسَلا، وأكثر من 130 ألف من ولاية النيل الأزرق، ونحو 50 ألفًا من الخرطوم.

كما تسببت الحرب في السودان بأزمة لجوء دفعت نحو 1.5 مليون سوداني للهروب إلى خارج بلادهم، معظمهم لجأ إلى تشاد "نحو 600 ألف"، ومصر التي لجأ إليها أكثر من 450 ألفًا، بينما لجأ أكثر من 120 ألفًا إلى جنوب السودان التي عاد إليها أكثر من 470 ألف جنوب سوداني كانوا لاجئين في السودان.

كما لجأ أكثر من 40 ألف سوداني إلى إثيوبيا، وأكثر من 20 ألفًا إلى جمهورية إفريقيا الوسطى؛ واختار نحو 200 ألف سوداني اللجوء إلى مناطق داخل البلاد، معظمهم في ولاية النيل الأبيض.

كما أدت الحرب إلى مقتل نحو 15 ألف سوداني، وسط ما تصفه الأمم المتحدة بأسوأ أزمة جوع في العالم يُعاني معها نحو 18 مليون سوداني الجوع الشديد.

ويُواجه 5 ملايين سوداني المجاعة، فيما يحتاج نحو 14 مليون طفل إلى مساعدة عاجلة لإنقاذ حياتهم.