الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مصر والاتحاد الأوروبى.. شراكة استراتيجية شاملة وتوافق على ضرورة تسوية أزمات الشرق الأوسط

مصر والاتحاد الأوروبي
مصر والاتحاد الأوروبي

يجرى وفد أوروبى رفيع المستوى زيارة مهمة إلى مصر، فى إطار محادثات من أجل تعزيز الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبى، ويشمل الوفد الأوروبى رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين برفقة رئيس الوزراء البلجيكى ألكسندر دى كرو، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلونى ورئيس الوزراء اليونانى كيرياكوس ميتسوتاكيس.

مصر والاتحاد الأوروبى.. شراكة استراتيجية شاملة على مدار عقود.. توافق مصرى  أوروبى على ضرورة تسوية أزمات الشرق الأوسط.. حرب غزة والسودان على رأس  القائمة.. وحماية الملاحة بالبحر الأحمر ضرورة لأمن القارة العجوز -
مصر والاتحاد الأوروبي

شراكة استراتيجية شاملة

وترتبط أهمية الزيارة بكونها تأتى فى إطار تعزيز جهود التعاون الثنائي، جنباً إلى جنب مع كونها تأتى بالتزامن مع سياق عام مضطرب يشهده إقليم الشرق الأوسط فى الفترات الأخيرة خصوصاً فى أعقاب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وهى الاعتبارات التى تزيد من أهمية الزيارة، وتعزز الحاجة إلى زيادة أوجه التنسيق والتعاون المصرى الأوروبى.

وتأتى زيارة الوفد الأوروبى لمصر، فى ظل سياق إقليمى هو الأكثر اضطراباً منذ سنوات، وذلك على خلفية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والممتدة منذ السابع من أكتوبر2023 وحتى اليوم، وعلى الرغم من أن الموقف الأوروبى إجمالاً فى بداية الحرب كان منساقاً وراء السردية الإسرائيلية باعتبار أن "العمليات العسكرية الإسرائيلية فى قطاع غزة، تأتى فى إطار رد الفعل على هجمات السابع من أكتوبر" دون التركيز على السياقات التى ولدت هذه الهجمات، إلا أن هذا الموقف شهد العديد من المتغيرات فى الآونة الأخيرة, تجسدت بشكل رئيسى فى إدانة العمليات العسكرية الإسرائيلية، والمطالبة بوقف الحرب، والدعوة إلى توسيع وتيرة إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، جنباً إلى جنب مع تحول استراتيجى مهم يتمثل فى التأكيد على ضرورة استعادة مسار السلام العادل وحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

ولعل هذه المتغيرات التى طرأت على الموقف الأوروبى كانت نتاجاً لجملة من التداعيات المترتبة على الحرب، والمصاحبة لها، وعلى رأسها ضغوط الرأى العام الأوروبى، والتخوف من مغبة الغوص فى مقاربة الدعم المفتوح لإسرائيل، جنباً إلى جنب مع ما أفرزته الحرب من تداعيات على مستوى الاضطرابات الإقليمية، خصوصاً فى لبنان وفى منطقة البحر الأحمر.

وبالتالى سعت الدول الأوروبية عبر الموقف الجديد إلى الحفاظ على شبكة مصالحها فى المنطقة، وهى المصالح التى يمثل الوضع الإقليمى الراهن تهديداً مباشراً لها، وبالتالى فإن ملف الحرب فى غزة وما خلفته من تداعيات، يُلقى بظلاله على الزيارة الحالية للمسؤولين الأوروبيين إلى مصر، ويزيد من أهمية هذه المباحثات.

اليوم، وفد الاتحاد الأوروبي يزور القاهرة لتعزيز الشراكة مع مصر
مصر والاتحاد الأوروبي

توافقات مصرية أوروبية 

التوافقات المصرية الأوروبية حول تطورات المنطقة شهدت الفترة منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى اليوم العديد من المباحثات المهمة بين المسؤولين المصريين ونظرائهم الأوروبيين، وخصوصاً المباحثات التى عقدها الرئيس عبد الفتاح السيسى مع عدد من الزعماء الأوروبيين، على غرار مباحثاته مع المستشار الألمانى فى 18  أكتوبر 2023 بالقاهرة، ومباحثاته فى القاهرة مع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون فى 25 أكتوبر 2023، واستقباله فى 18 نوفمبر لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، وكذا استقبال الرئيس فى 24 نوفمبر لرئيس وزراء بلجيكا ألكسندر دى كرو، ورئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز، جنباً إلى جنب مع العديد من المباحثات المباشرة والهاتفية الأخرى مع الزعماء الأوروبيين.

وكان اللافت فى هذه المباحثات هو نجاح مصر فى بناء توافقات مع القادة الأوروبيين حول جملة من التطورات والقضايا المهمة، سواء ما يتعلق بالقضية الفلسطينية أو ما يتعلق بالتطورات فى المنطقة، فعلى مستوى القضية الفلسطينية شهدت المواقف المصرية الأوروبية توافقاً حول جملة من النقاط المهمة وعلى رأسها رفض العمليات العسكرية الإسرائيلية فى قطاع غزة، والمطالبة بوقف إطلاق النار، والتأكيد على ضرورة تكاتف الجهود من أجل التعامل مع الأزمة الإنسانية غير المسبوقة فى القطاع، وذلك عبر زيادة حجم المساعدات الإنسانية التى تدخل إلى قطاع غزة، جنباً إلى جنب مع توافقات بخصوص ضرورة استعادة مسار السلام العادل وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وعلى المستوى الإقليمى كانت المواقف المصرية الأوروبية واضحة وتشهد توافقاً كبيراً خصوصاً فيما يتعلق بمسائل رفض توسع رقعة الحرب وضرورة دعم جهود التسوية السياسية فى دول الأزمات، جنباً إلى جنب مع رفض كافة مظاهر تهديد الأمن الإقليمي.

وتأتى زيارة الوفد الأوروبى إلى مصر، فى أعقاب اتفاق مصر والاتحاد الأوروبى على رفع العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، فى يناير 2024، وذلك على هامش مشاركة مصر فى الاجتماع العاشر لمجلس المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبي، والذى انعقد فى العاصمة البلجيكية بروكسل برئاسة مشتركة مع الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبى للشئون الخارجية والسياسة الأمنية "جوزيب بوريل"، وبمشاركة وزير الخارجية المصرى سامح شكري، والدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي، وعدد من وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبى وكبار مسئولى المفوضية الأوروبية وجهاز الخدمة الخارجية للاتحاد الأوروبي، وقد مثل هذا الإعلان تعبيراً عن نظرة الاتحاد الأوروبى لمصر ونمط التعامل السائد فى العلاقات الثنائية، باعتبار مصر شريك موثوق به ويعتمد عليه للاتحاد الأوروبى فى مختلف مجالات التعاون وفى مواجهة مختلف التحديات المشتركة.

ومن ناحية أخرى، يحظى الملف الاقتصادى بأهمية كبيرة فى إطار التعاون الاستراتيجى المصرى الأوروبى، ولعل أحد الاعتبارات الرئيسية التى تزيد من أهمية زيارة الوفد الأوروبى إلى مصر ترتبط بالتوقيت الذى يشهد إجراءات متسارعة من الدولة المصرية لاستكمال مسار الإصلاح الاقتصادى، خصوصاً فى أعقاب الاتفاق على مشروع رأس الحكمة مع الإمارات، وقرارات البنك المركزى المصرى الأخيرة بخصوص رفع سعر الفائدة بـ 600 نقطة أساس وتحديد سعر الصرف وفقاً لآليات السوق، والاتفاق الجديد مع صندوق النقد الدولى، وهى الإجراءات التى زادت من حجم الثقة فى الاقتصاد المصرى.

وترتبط مصر مع الاتحاد الأوروبى بمجموعة من الاتفاقات الاقتصادية المهمة، فمصر ترتبط مع الاتحاد الأوروبى بعشرات الاتفاقات الاقتصادية، التى تشمل العديد من المجالات التنموية والاقتصادية، كما أن الاتحاد الأوروبى يعد واحداً من أهم الشركاء التجاريين لمصر، وفى ضوء هذه الاعتبارات يمكن القول إن البعد الاقتصادى على المستوى الثنائى سوف يكون على رأس أولويات هذه الزيارة، على قاعدة تعزيز أوجه التعاون، ودعم جهود التنمية المستدامة.

تشكل الزيارة الحالية للوفد الأوروبى إلى مصر، تأكيداً على تعاظم الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، وفى هذا الإطار يمكن القول إن أجندة العمل المشتركة للجانبين خصوصاً على المستوى السياسى والإقليمى، تشمل فى الفترة الراهنة العديد من الملفات والأولويات الملحة.

وتحمل زيارة الوفد الأوروبى إلى مصر، أهمية كبيرة فى ضوء السياق الإقليمى الذى تأتى فيه، جنباً إلى جنب مع كونها تعبيراً عن حجم الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين على قاعدة تعظيم المصالح المشتركة، ومواجهة التهديدات والتحديات المشتركة فى المنطقة، كما أن الزيارة تمثل فرصة كبيرة لتعزيز أوجه التعاون فى مواجهة حالة الاضطراب الإقليمى الراهنة.