قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

هل بناء استراحة لزيارة الميت تدخل ضمن النهي عن الجلوس على القبر؟.. الإفتاء تجيب

حكم بناء الاستراحات وهل تدخل ضمن النهي عن الجلوس على القبر
حكم بناء الاستراحات وهل تدخل ضمن النهي عن الجلوس على القبر
×

النهي عن الجلوس على القبر ، يعتاد البعض بناء الاستراحات في المقابر للجلوس إليها أثناء الزيارة، فهل يقع ضمن النهي النبوي عن الجلوس على القبر؟ سؤال تجيب عنه دار الإفتاء المصرية.

النهي عن الجلوس على القبر

وقالت الإفتاء: ورد في السنة المشرفة النهيُ عن الجلوس على القبر في غير ما حديث؛ منها ما أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، ومسلم في "صحيحه"، وأبو داود والنسائي وابن ماجه في "السنن"، وابن حبان في "صحيحه" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ، فَتَخْلُصَ إِلَى جِلْدِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ».

[[system-code:ad:autoads]]

ورد في السنة ما يقتضي جواز الجلوس عند القبر؛ فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "كُنَّا فِي جَنَازَةٍ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ، فَأَتَانَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ" … إلخ الحديث. متفق عليه. وروى البخاري في "الصحيح" من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "شَهِدْنَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ جَالِسٌ عَلَى القَبْرِ، فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ".

وقد اتفق الفقهاء على جواز الجلوس على القبر عند الدفن، كما اتفقوا على أن الجلوس عليه لقضاء الحاجة لا يجوز قولًا واحدًا.

واختلفوا في المراد من أحاديث النهي عن الجلوس على القبر:

فمنهم من أجاز الجلوس على القبر، وحمل النهي على الجلوس للحديث وقضاء الحاجة؛ احترامًا لصاحبه؛ لأن حرمة الميت كحرمة الحي، وهذا التوجيه مرويٌّ عن أبي هريرة وزيد بن ثابت رضي الله عنهما، كما ورد عن بعض الصحابة الجلوس على القبر؛ كعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وهذا مذهب الإمام مالك، ونقله الإمام الطحاوي عن الإمام أبي حنيفة وأصحابه.

أمَّا الشافعية والحنابلة فيحملون النهي على الكراهة لا على التحريم، ويجعلونه عامًّا في كل جلوس، إلا للحاجة؛ كأن لا يكون له طريق إلى قبر من يزوره إلا بالوطء، وكحالة الدفن وعند القراءة على القبر، وفي معناها الدعاء للميت، والقول بالكراهة هو المذكور في كتب الحنفية، وهو مروي أيضًا عن جماعة من السلف.

قال العلامة الشرنبلالي الحنفي في "مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح" (ص: 229، ط. المكتبة العصرية): [(ولا يُكره الجلوسُ للقراءة على القبر في المختار)؛ لتأدية القراءة بالسكينة والتدبر والاتعاظ، (وكره القعود على القبور بغير قراءة)] اهـ.

وقال الإمام الباجي المالكي في "المنتقى" (2/ 24، ط. مطبعة السعادة): [تأول مالك رحمه الله هذا على أن النهي عن الجلوس على القبور إنما تناول الجلوس عليها لقضاء الحاجة، وقد قال مثلَ قول مالكٍ: زيدُ بن ثابت رضي الله عنه، وهو الأظهر؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد زار القبور وأباح زيارتها، ولا خلاف بين المسلمين في جواز الجلوس عليها عند الدفن؛ فيُحمَل الحديث على ذلك، ويجمع بينه وبين ما رُوِيَ مِن قول علي رضي الله عنه وفعله] اهـ.

وقال الإمام المواق المالكي في "التاج والإكليل" (3/ 74، ط. دار الكتب العلمية): [عندنا أن الجلوس على القبر جائز، والمراد بالنهي عن ذلك الجلوسُ عليه للغائط والبول؛ كذا فسره مالك، ورُوي ذلك مُفَسَّرًا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكان علي رضي الله عنه يتوسَّدُها ويجلس عليها] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "الكافي" (1/ 372، ط. دار الكتب العلمية): [فإن لم يكن طريق إلى قبر من يزوره إلا بالوطء جاز؛ لأنه موضع حاجة] اهـ.

وقال العلامة الحجاوي الحنبلي في "الإقناع" (1/ 233، ط. دار المعرفة): [ويُكرَه المبيتُ عنده.. والجلوسُ والوطءُ عليه؛ قال بعضهم: إلَّا لحاجة] اهـ.

وشددت: الاستراحات التي تكون على القبور إنما تُجعَل غالبًا لغرض زيارة الميت وذكر الله تعالى وقراءة القرآن على قبره، وهي أغراض صحيحة شرعًا، فيقتضي ذلك جواز الجلوس فيها وإن كانت مبنيةً فوق العظَّامة على كلا القولين؛ فالجلوس فيها مباح على مذهب من يحمل النهي على قضاء الحاجة، وعلى مذهب من يستثني الحاجة من كراهة الجلوس؛ فإن الجلوس في الاستراحة إنما يكون لزيارة الميت والقراءة والدعاء عنده، وهذه حاجةٌ تندفع بها الكراهة عند الجمهور، مع التنبيه على التزام الآداب الشرعية وعدم الخوض فيما لا ينفع من اللغو واللهو.