هل يجوز للأخت إرضاع أخيها المولود وما الأحكام الفقهية المترتبة على ذلك؟ سؤال فرض نفسه بعدما أعلنت الفنانة اللبنانية نادين الراسي، عن أنها أرضعت شقيقها لمدة 9 أشهر بعد توقف والدتها عن رضاعته، حيث قامت بإرضاعه مع ابنها مارك، واختلف العلماء في عدد الرضعات التي يحصل بها التحريم، فذهب الحنفية، والمالكية، والحنابلة - في رواية - إلى حصول التحريم برضعة واحدة، وذهب الشافعية، والحنابلة في الصحيح من المذهب، إلى اشتراط خمس رضعات للتحريم، وهذا هو المفتي به في مصر.
[[system-code:ad:autoads]]حكم إرضاع الأخت لأخيها
قال الشيخ خالد الجمل، الداعية الإسلامي والخطيب بوزارة الأوقاف، إنه يجوز للأخت أن ترضع أخاها المولود إذا دعت الحاجة إلى ذلك، منوهاً بأن هذا الأمر كان منتشراً قديما نظراً للزواج المبكر، ولم يعد له حاجة الآن.. ولا أعرف ما مناسبة ذكره من قائلته أصلا.
[[system-code:ad:autoads]]
وأضاف الجمل في تصريح له، أن في الإسلام الرضاعة فى تلك الحالة لم تغير شيئاً، فالمحرمية قائمة سلفا بين الأخت الكبرى وأخيها الطفل الرضيع، فلا يجوز له الزواج منها.
وتابع: إنه يترتب على إرضاع الأخت لأخيها الطفل أن يحرم عليه أولادها مستقبلا باعتبارهم في حكم أخوته من الرضاعة، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب".
وأشار إلى أن حالة إرضاع الأخت لأخيها الطفل الرضيع تعد استثناء من الأصل، فهي صورة كانت تحدث قديما عند انتشار الجوع والقحط فى الصحاري بين الناس ولا يتصور قيامها في عصرنا الحالى.
الأمور المترتبة فقها على إرضاع الأخ
يترتب على رضاع الأخت لأخيها ما بعض الأحكام الفقهية، وهي:
1-فقد صار ابناً لها لأخته.
2- وصار ابنا لزوجها الذي نشأ اللبن عن وطئه.
3- لا يمكن أن يتزوج ابنة هذا الرجل (زوج أخته) ولو كانت من غير أخته التي أرضعته.
4- ولا يتزوج أخت هذا الرجل (زوج أخته) ولا خالته ولا عمته لأن زوج أخته صار أباه.
ما النساء المحرمات الزواج منهن؟
إن من النساء من يحرمن على الرجل تحريمًا مؤبدًا، ومنهن من يحرمن عليه تحريمًا مؤقتًا لسبب، إذا زال، جاز له نكاحها.
النساء المحرمات تحريمًا مؤبدًا، قد جمعتهن آية النساء رقم: 23، وحديث: يحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب. قال تعالى: “حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا" {النساء:23}، فبيّن جلّ وعلا ما يحلّ، وما يحرم من النساء، فحرّم سبعًا بالنسب، وهنّ الأمهات، ويدخل فيهنّ الجدات، وإن علون من قبل الأمّ أو الأب.
والبنات: ويدخل فيهنّ بنات البنات، وبنات الأولاد، وإن سفلن.
والأخوات: سواء أكنّ من قبل الأب والأم، أو من قبل أحدهما.
والعمّات: ويدخل فيهنّ جميع أخوات الأب الشقيقات وغير الشقيقات، وكذلك جميع أخوات أجدادك، وإن علون.
والخالات: ويدخل فيهنّ جميع أخوات الأم الشقيقات، وغيرهنّ، وكذلك جميع أخوات الجدات، وإن علون، سواء أكنّ جدات من الأب أم من الأم.
وبنات الأخ، وبنات الأخت، ويدخل فيهنّ بناتهنّ، وإن سفلن.
وجملة ذلك: أنه يحرم على الرجل أصوله، وفروعه، وفروع أول أصوله، وأول فرع من كل أصل بعده:
فالأصول هنّ: الأمهات، والجدات.
والفروع هنّ: البنات، وبنات الأولاد.
وفروع أول أصوله، هن: الأخوات، وبنات الإخوة، وبنات الأخوات.
وأول فرع من كل أصل بعده، هنّ: العمّات، والخالات، وإن علون.
وحرّم كذلك سبعًا بالسبب: اثنتين بالرضاع، وأربعًا بالمصاهرة، والسابعة المحصنات، وهنّ ذوات الأزواج.
والمحرمات بالرضاع، هنّ المذكورات في قوله تعالى: وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ [النساء:23].
وجملة ذلك: أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، وتثبت حرمة الرضاع بشرطين:
الأول: أن يكون في الحولين.
الثاني: أن يوجد خمس رضعات معلومات.
وأما المحرمات بالمصاهرة، فقوله: (وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ).
وجملة ذلك: أن كل من عقد النكاح على امرأة، تحرم على الناكح أمهاتها، وجداتها، وإن علون، من الرضاعة، والنسب؛ بسبب العقد نفسه.
وتحرم كذلك الربيبة، إن كان قد دخل بأمّها، والربيبة هي بنت امرأة الرجل، وسميت ربيبة؛ لتربيته إياها، قال تعالى: (وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ)، أي: جامعتموهن، (فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) أي: إن لم تكونوا دخلتم بهن - وقد عقدتم عليهنّ من قبل -، فيحل لكم نكاح بنات من عقدتم عليهنّ، ولم تدخلوا بهنّ.
ويدخل في الربائب بنات الزوجة، وبنات أولادها، وإن سفلن من الرضاع، والنسب بالشرط السابق، وهو أن يكون قد دخل بالأم.
ومما يحرم كذلك زوجات الأبناء (وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ)، فحليلة الابن، وهي زوجته، حرام على أبيه.
ومما يحرم بالمصاهرة كذلك، زوجة الأب، والجد، وإن علا، فتحرم على الولد، وولد الولد بنفس العقد، سواء أكان الأب من الرضاع، أم من النسب؛ لقوله تعالى: (وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ) [النساء:23].
ويحرم الجمع بين الأختين، كما نصت على ذلك الآية الكريمة.
وألحقت السنة المتواترة بذلك تحريم الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها، ووقع الإجماع على ذلك، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها. رواه الجماعة.
وحيثما حرم الجمع بين امرأتين، فطلق من كانت في عصمته طلاقًا بتًّا، أو رجعيًّا، وانتهت عدتها، جاز الزواج ممن حرمت عليه بسببها، إذا لم يكن ثَمّ مانع آخر، وكذا إذا ماتت.
ويحرم الزواج كذلك بالمرأة الملاعنة، وهي التي رماها زوجها بالزنى، وشهد على ذلك أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، وشهد الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، وتشهد هي أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، فيفرق بينهما إلى الأبد، ولا يحل له نكاحها.
النساء المحرمات الزواج منهن
قالت دار الإفتاء، إن الله تعالى ذكر المحرمات من النساء في قوله: «وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ» [النساء: 23] وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
وأضافت الإفتاء، أن الرضاع هو: وصول لبن امرأة، أو ما حصل من لبنها في جوف طفل بشروط، ومن المقرر شرعًا أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، متى تم الرضاع في مدته الشرعية، وهي سنتان قمريتان من تاريخ الولادة؛ إذ بالإرضاع تصير المرضعة أمًّا من الرضاع لمن أرضعته، ويصير جميع أولادها – سواء من رضع معه أو قبله أو بعده– إخوة وأخوات له من الرضاع.
وأوضحت أنه اختلفت كلمة الفقهاء في مقدار الرضاع المحرِّم، فذهب اِلإمام أبو حنيفة، والإمام مالك، والإمام أحمد في إحدى الروايات عنه إلى أن قليل الرضاع وكثيره في التحريم سواء، وذهب الإمام الشافعي، والإمام أحمد في أظهر الروايات عنه إلى أن الرضاع الموجب للتحريم هو ما بلغ خمس رضعات متفرقات فأكثر في مدة الرضاع سالفة الذكر، وهذا هو ما عليه الفتوى والعمل الآن في الديار المصرية.
وأشارت إلى أنه يحرم بالرضاعة من النساء: الأم من الرضاعة: وهي المرأة التي أرضعت الطفل خمس رضعات متفرقات تصبح أمّاً له من الرضاعة، سواء أرضعت أحدًا معه أم لم ترضع، والبنت من الرضاعة: وهي الطفلة التي رضعت من الزوجة خمس رضعات متفرقات، ويكون لبن هذه الزوجة بسبب الزوج، فإن لم يكن بسببه لم تكن بنتًا له من الرضاعة.
وتابعت: والأخت من الرضاعة: وهي من اجتمعت مع الراضع على ثدي واحد، ولا يعني الاجتماع (الاجتماع الزمني) بل أن ترضع امرأة واحدة طفلا وطفلة خمس رضعات متفرقات، سواء أكانت هذه المرأة هي أمُّ الطفل، أم أمُّ الطفلة، أم امرأة أخرى أرضعتهما ، وسواء رضع هذا الطفل في نفس الزمن الذي رضعت فيه هذه الطفلة، أو في غير ذلك الزمن، فالعبرة بالمرأة التي أرضعتهما، فلو رضع طفل من امرأة ومرت سنوات ثم رضعت طفلة من نفس المرأة خمس رضعات متفرقات، فهي أخت له من الرضاعة، وكذلك العكس.
واستطردت: والخالة من الرضاعة: وهي المرأة التي تعد أختا لأمه من الرضاعة، بأن تجتمع هي وأمه على ثدي واحد، بالتفصيل المذكور سابقاً، والعمة من الرضاعة: وهي المرأة التي تعد أختا لأبيه من الرضاعة، بأن تجتمع هي وأبوه على ثدي واحد بالتفصيل المذكور سابقاً، وبنت الأخت من الرضاعة: وهي المرأة التي رضعت من الأخت بالتفصيل المذكور سابقاً، وبنت الأخ من الرضاعة: وهي الطفلة التي تعد بنتا للأخ من الرضاعة، بأن ترضع زوجته طفلة خمس رضعات متفرقات ويكون الأخ هو السبب في هذا اللبن الذي ترضعه هذه الطفلة.