الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حكم الخلع في المحكمة.. داعية: وقوعه دون رضا الزوج حرام.. و«الجمل»: لا يشترط موافقته

الشيخ خالد الجمل
الشيخ خالد الجمل

هل الخلع في المحكمة يشترط موافقة الزوج؟  الخلع هو الانفصال الذي يتم بين الزوجين بناءً على الدعوى التي تتقدم بها الزوجة على وجه التحديد للمحكمة، ويكون ذلك لعدة أسباب، فقد يكون بسبب كره الزوجة لزوجها، أو خوفها من ألا تقوم بواجبه أو العكس، ويكون الخلع على شرط وهو: أن تقوم بافتداء نفسها، بمعنى أن تقوم بإرجاع المهر إلى زوجها أو تقديم العوض، ويعتبر الخلع حكمًا لا مجال للطعن فيه عندما يصدر، وحكم الخلع في الإسلام هو مباح، وقد أباحه الله تعالى للحد من المشاكل التي قد تلحق بالزوجين.


الخلع في المحكمة دون موافقة الزوج 


قالت الدكتورة نيفين مختار، الداعية الإسلامية، إن الله سبحانه وتعالى جعل القوامة بأيدي الرجال لأسباب عدة، منها تحليه بقدر من الحكمة، حيث إن المرأة تتميز بالعاطفة الشديدة، معبرة: «الست لو في إيدها العصمة في أول موقف مع زوجها هتقوله إنت طالق».

 

وأكدت الدكتورة نيفين مختار، خلال لقائها ببرنامج «الستات مابيعرفوش يكدبوا»، المذاع عبر فضائية «سي بي سي»، أن خلع الزوجة لزوجها عن طريق المحاكم النيابية دون رضاه وموافقته بسبب تمسكه الشديد بها حرام شرعًا، حيث يجب أن يكون الزوج موافقًا على الانفصال أولًا، معبرة: «لازم الزوج يكون مقتنع إن العشرة بينهم مستحيلة، لازم يقول يمين الطلاق بحرية واقتناع».

 

وأشارت إلى أن استخدام الطلاق والخلع كنوع من أنواع الضغط على الزوج، لتحقيق آمالها ومتطلباتها أمر لا يجوز شرعًا على الإطلاق، وهنا يقع على الزوجة الذنب كاملًا.

 

 الخلع حق أصيل للزوجة

 

قال الشيخ خالد الجمل، الداعية الإسلامي والخطيب بالأوقاف، إن من علمنا أن لكل زمان فتواه، ولو صح نسب هذا التصريح لصاحبته أقول: عفوًا أختنا الفاضلة، هذا الكلام ليس دقيقاً، حتى لا يشمت متربصو الطعن في السُنة وجب توضيح ما يلى.

 

وأفاد «الجمل» في تصريح له، بأن الخلع حق أصيل للزوجة تلجأ له وقتما تشاء، وحديث ثابت ابن قيس لم يشترط نصًا موافقة الزوج بالخلع إنما وجب إعلامه به، مستشهدًا بما روي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ، مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلاَ دِينٍ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الكُفْرَ فِي الإِسْلاَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اقْبَلِ الحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً».
 


وتابع: إن الأمر يخضع للاجتهاد الفقهي والقاعدة الفقهية تقول "حكم الحاكم يقطع الخلاف" فالقانون يملك ذلك كما في الوكالة والإيلاء وغيرها، موجهاً رسالة قائلاً: «أتمنى من كل من يتكلم في الشأن الديني أن يشرح للناس الفقه بمنظوره الحالي أكثر من مجرد نقل آراء لنا فقط».

 

الشيخ خالد الجمل

 

 

وأوضحت دار الإفتاء، الحقوق المالية بين الزوجين عند الخلع، منوهة بأن ما عليه الفتوى وهو المعمول به في القضاء المصري أنه يجب على المرأة المُختلعة أولًا: ردُّ كل ما ثبت كونُه مَهرًا.

 

وأضافت الإفتاء في فتوى سابقة لها، أن المرأة المُختلعة تتنازل ثانيًا: عن حقوقها الشرعية المالية؛ من نفقة العدَّة والمتعة ومؤخر الصداق، ولا يسقط حقها في الحضانة وما يترتب عليها من النفقة ونحوها.وتابعت: وأما حقوقُ الزوجةِ الماليةُ الشرعيةُ التي تتنازل عنها عند طلبها الخُلْع والتي وَرَدَت في نص المادة العشرين مِن القانون رقم 1 لسنة 2000م: "للزوجين أن يَتراضَيَا فيما بينهما على الخُلْع، فإن لم يَتراضَيَا عليه وأقامت الزوجةُ دعواها بطَلَبِه وافتَدَت نفسها وخالَعَت زوجَها بالتنازُل عن جميعِ حقوقِها الماليةِ الشرعيةِ ورَدَّتْ عليه الصداقَ الذي أعطاه لها، حَكَمَت المحكمةُ بتطليقها عليه".

 

وأوضحت: فالمقصود بها: المهرُ بكامله -مقدَّمه ومؤخَّره- وهو ما كان عِوَضًا عن البُضع ومقابِلًا للتسليم؛ فكل ما ثَبَتَ كونُه مَهرًا وجب ردُّه للزوج، وكذلك تدخل فيها نفقة المُتعة فتَسقط بالخُلْع، وكذا نفقة العِدَّة تَسقط به أيضًا.وواصلت: أنَّ غرض المشرع مِن تنظيم قانون الخُلْع هو رحمةُ المرأةِ مِن زواجٍ لا تُطيق الاستمرارَ فيه مع عَدَم إثقالِ كاهِلِ الزوجِ بالتكاليف والأعباء، غيرَ أنَّ الحقوقَ الماليةَ الشرعيةَ التي تَسقط بالخُلْع لا تَشمل حَقَّها في الحضانة ولا حقوقَ المحضونين.

 

هل للخلع رجعة 

الحكم الذى يصدر بـ الخلع هو تطليق بائن بينونة صغرى، فلا تجوز فيه الرجعة بين الزوجين إلا بمهر جديد وعقد جديد، وإذا كان الحكم بالخلع مكملًا لثلاث طلقات فهنا صار طلاقًا بائنًا بينونة كبرى لا يجوز لهما الرجعة إلا إذا تزوجت بزوج آخر زواجًا شرعيًا صحيحًا، وانتهت تلك الزوجية الجديدة سواء بالطلاق أو بوفاة الزوج، وانتهت عدتها من هذا الزواج، هنا يحق للزوج الذى اختلعت منه أن تتزوجه من جديد بعقد ومهر جديدين.
 

 

هل يجوز رجوع الزوجين بعد الخلع؟


نوه الشيخ أحمد وسام، مدير إدارة البوابة الإلكترونية بدار الإفتاء، بأن الخلع ليس حرامًا، بل هو أمر مشروع في الإسلام.

 

وأبان «وسام» في فيديو البث المباشر لدار الإفتاء، على صفحتها الرسمية على "فيس بوك"، ردًا على سؤال: هل خلع الزوج حرام؟"، أن الأصل في الخلع ما جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس: أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته، قالت: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة"، مؤكدًا أن الخٌلع يعد طلقة واحدة بائنة.
 

الطلاق البائن والرجعي

 

أكد الشيخ أحمد وسام، مدير إدارة البوابة الإلكترونية بدار الإفتاء، أن للطلاق البائن في الإسلام صورتين، موضحًا أن الطلاق البائن إما أن يكون بائنًا بينونة صغرى أو بائنًا بينونة كبرى.

 

وبين «وسام» في إجابته عن سؤال: ما هو الطلاق البائن والرجعي في الإسلام؟ أن الرجل إذا طلق زوجته ثلاث طلقات فهي البينونة الكبرى، ولا تحل له إلا أن تنكح زوجًا آخر ثم إذا طلقها هذا الأخير جاز للأول الزواج بها.

 

 

عدة الخلع عند الشافعية

 من آثار الخُلْع: وجوب العدة على المختلعة إذا وقع الخُلْع بعد الدخول، فيجب على المرأة المختلعة أن تتربص بنفسها زمنَ العدة بعد إتمام الخُلْع، واختلف الفقهاءُ في بيان عدة المختلعة إلى رأيين، الرأي الأول: يرى أن المختلعة تعتدُّ بحيضةٍ واحدة تستبرئ بها رحِمَها، وهو رأيُ عثمان بن عفان وأبي ثور، ورواية عند الإمام أحمد بن حنبل.


واستدل أصحابُ هذا الرأي بما يلي: أولًا: من السنة: بما رُوي عن الرُّبيِّع بنت معوذ أن ثابت بن قيس بن شماس ضرب امرأته فكسر يدها، فجاء أخوها يشتكيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى ثابتٍ فقال: «خُذِ الذي لها عليك وخلِّ سبيلها»، فقال: نعم، فأمرها الرسولُ أن تتربص حيضة واحدة وتلحقَ بأهلها.. فقد جعل النبيُّ صلى الله عليه وسلم عدتَها حيضة واحدة.
 

ثانيًا: من المعقول: أن عدة المختلعة ما هي إلا استبراءٌ للرحم، ويكتفى في ذلك بحيضة واحد، والمعنى أن براءة الرحم تعرف بحيضة واحدة، فإذا كان المقصد من عدة المختلعة هو التأكدَ من براءة الرحم، فقد تم ذلك بالحيضة الواحدة.

 

الرأي الثاني هو عدة الخلع عند الشافعية والذي عليه دار الإفتاء المصرية: أن المختلعة تعتدُّ بما تعتدُّ به المطلقة، وهو ثلاثةُ قروء إن كانت من ذوات الحيض، أو بوَضْع الحمل إن كانت حاملًا أو غير ذلك. وبهذا الرأي قال الشافعي وأحمد في الرواية الثانية والظاهرية.

 

واستدل أصحاب هذا الرأي بما يلي: أولًا: من الكتاب: قال الله - تبارك وتعالى -: «وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ» [البقرة: 228]، ويقول - جل شأنه -: «وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ» (الطلاق: 4)، ويقول - عزَّ مِن قائل -: «وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ» (الطلاق: 4).

ووجه الدلالة: أن الحديثَ في هذه الآيات عن العدة يشمل جميعَ أنواع الفُرقة، كما أن لفظ المطلَّقات في الآية الأولى لفظٌ عام يشمل المختلعة، فتدخل المختلعة في هذا الحُكم.ثانيًا: من السنَّة: ما رواه الإمام مالك في الموطأ عن عبدالله بن عمر أن عدةَ المختلعة عدةُ المطلَّقة، وعن مالك أيضًا أنه بلَغه أن سعيد بن المسيّب وسليمان بن يسار وابن شِهاب الزهري، كانوا يقولون: عدةُ المختلعة مثلُ عدة المطلقة ثلاثة قروء.
 

عدة الخلع

أوضح الشيخ محمود شلبى، أمين الفتوى بدار الإفتاء، عدة الخلع، مؤكدًا أن هى نفسها عدة الطلاق، وتتوقف مدة العدة وكيفيتها، على حالة المرأة نفسها.

وأوضح« شلبي» فى إجابته عن سؤال: «ما هي عدة الخلع؟» أنه يوجد ثلاث حالات، الأولى: إذا طلقت المرأة بعد الدُّخول بها وكانت من ذوات الحيض فإنَّ مدَّة عدَّتها هي: ثلاث حيضات كاملة سواء أطالت مدَّة هذه الحيضات أم قصُرت، ويعني ذلك أن يأتيها الحيض ثمَّ تطهر، ثمَّ يأتيها مرَّة ثانية وتطهر، ثمَّ يأتيها مرَّة ثالثة وتطهر، مستشهدًا بقوله تعالى: «وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ»،(سورة البقرة:الآية228).

 

وتابع: أما إذا وقع الخلع؛ وكانت المرأة ممن لا تحيض، فـ عدة الخلع هي: ثلاثة أشهر قمريَّة، مستدلًا بقوله تعالى:« وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْن»، (سورة الطَّلاق: الآية 4).

وأضاف أمين الفتوى أنه إذا تم الخلع والمرأة حامل فإنَّ فـ عدة الخلع ؛ تنتهي بوضع حملها؛ سواء أطالت المدَّة أم قصُرت، لقوله تعالى: «وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ»، (سورة الطَّلاق: الآية 4).

 

 

موقف شيخ الأزهر من الخلع

 

  صرَّح الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، في الحلقة الثامنة في برنامجه الرمضاني «الإمام الطيب»، بأنَّ: الاختلاع من الزوج المتعسِّف في إمساك زوجته وحَبْسِها رُغم أنفها، هو حقٌّ أعطَتْه «الشَّريعة» للزوجة التي تَكرَهُ زوجَها وتُريد فراقه، في مقابل حقِّ «الطَّلاق» الذي منحته للزوج الذي يَكرَهُ زوجته، ويُرِيدُ فراقَها.

 

 ولفت الإمام الأكبر النظر إلى هذه المساواةِ البالغةِ الدِّقَّة بين الزوج وزوجته في الحقوقِ والواجبات: فإذا كان من حَقِّ الزوج أن يُطلِّقَ زوجته، مع الالتزام بأداء كلِّ ما يَثبُتُ لها من حقوق.. فكذلك من حق الزوجة أن تخلَعَ زوجها مع الالتزام بأداءِ كلِّ ما يَثبُتُ له من حقوق.

 

ونبه خلال الحلقة، على أنه بالرُّغم من أنَّ باب الطَّلاق وبابَ الخُلْع بابان مُتجاوران في كُتُبِ الفقه التي تُدَرَّس لطُلَّابِ الأزْهَر الشَّريف منذُ قديم الزمن وحتى يومنا هذا، إلَّا أنَّ أحكامَ الشَّريعة المتعلقة بحقِّ «الخُلْع» لم يَكُن لها حضورٌ مُؤثِّر، لا في دُورِ الإفتاء، ولا في لجانِ الفتوى الشرعيَّة، ولا في ساحاتِ القضاء، وكان الخُلْعُ السَّائد في ذلكم الوقت هو الخُلْعُ بالتراضي، أي: الخُلْع الذي يَتوقَّف إمضاؤه على رضا الزوج، فإنْ شاء أمضاه، وإنْ شاء أبقى زوجته في عِصْمَتِه، والخُلْعُ بهذا التفسيرِ لا شكَّ يَحْرِم المرأة من حقِّها الشَّرعي في تحرير نفسِها من قبضة الزوج المتعسِّف، وقد ظلَّ الأمر مرهونًا برضاء الزوج إلى أنْ صَدَرَ القانون رقم (1) لسنة 2000م، الذي أعاد للزوجة حقَّها في الاختلاع من زوجها وطلاقها منه طلقةً بائنة، رضي الزوج أو لم يرضَ.