ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم دفن الموتى ليلًا؟ وما المقصود بالنهي الوارد عنه في الأحاديث النبوية؟
وقالت دار الإفتاء، في إجابتها على السؤال، إن دفن الموتى ليلًا جائز شرعًا، وقد ورد في ذلك جملةٌ من الأحاديث والآثار.
ونقل بعضُ العلماء الإجماعَ على جوازه مع تفضيل النهار على الليل إذا ترتب عليه مصلحة للميت بكثرة المصلين، والمشيِّعين له والداعين، مع الحرص على أن يكون هذا الترتيب في وقت قريب من الوفاة، بحيث لا يتعارض مع الإسراع بالتجهيز والتعجيل بالدفن.
وأوضحت، أن النهي الوارد في بعض الأحاديث إنما هو عند مظنة حصول التقصير في حق الميت بترك الصلاة عليه أو عدم إحسان تكفينه، لا لأن الليل يُكرَهُ الدفنُ في ظُلـمته.
وقد أَجمَعَ المسلمون على أنَّ دفن الميت لازمٌ واجبٌ على الناس لا يسعهم تركه عند الإمكان، ومن قام به منهم سقط فرض ذلك على سائر المسلمين؛ كما قال الإمام أبو بكر بن المنذر في "الإجماع" (ص: 44، ط. دار المسلم).
ولم يكتف الشرع بفرض حقِّ الدفن للميت، حتى شدَّد على سرعة استيفائه، ودعا إلى المبادرة بأدائه؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ؛ فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا علَيْهِ، وَإِنْ يَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» متفق عليه.
وقد مضت السنة النبوية وعمل الصحابة والسلف الصالح رضي الله عنهم في أنَّ مَن مات منهم عجَّلوا بدفنهِ؛ ليلًا كان ذلك أو نهارًا، وَوَرَدَتْ جملةٌ من الأحاديث والآثار في مشروعية الدفن ليلًا، بل نقل بعضهم الإجماع على ذلك.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مات إنسان كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يَعُودُهُ، فمات بِاللَّيْلِ، فَدَفَنُوهُ لَيْلًا، فلما أصبح أخبروهُ، فقال: «مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تُعْلِمُونِي؟» قالوا: كان الليل فكرهنا -وكانت ظلمةٌ- أن نَشُقَّ عليكَ، فأتى قبره فَصَلَّى عَلَيْهِ. متفقٌ عليه.