ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (يقول السائل: ما هي الآداب الواجبة على الحيّ تجاه الميت على الإجمال، مع بيان صفة الماء الذي يستخدم في الغسل؟
وقالت دار الإفتاء، إن آداب التعامل مع الميت تتمثَّل في كل ما من شأنه تكريمه وصيانته عن كل ما يسوؤه، وأهم مظاهرها: غسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه، من فروض الكفاية، ومنها: عدم إفشاء سرِّه، واستعمال الماء المناسب من حيث الحرارة والبرودة في تغسيله، ويصان الميت عن التعامل معه بكل ما يؤذيه لو كان حيًّا في غير حالة الضرورة أو ما في معناها.
وأكدت أن آداب التعامل مع الميت المسلم التي كفلها الشرع الشريف للميت تتلخص في العمل على كل ما من شأنه تكريم هذا الميت وصيانته عن كل ما يسوؤه، وأهم مظاهر التكريم للإنسان المسلم بعد وفاته على أخيه الحي تتمثل في غسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه، وذلك من فروض الكفاية الثابتة بالسُّنَّةِ وإجماع الأُمَّة؛ وقد ورد في الحديث المتفق عليه عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في الرجل المحرم الذي وقصته ناقته: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ».
وذكرت أن الغسل والتكفين والصلاة على الميت والدفن كلها أمور رئيسة تشتمل على آداب فرعية، وقد جمع الإمام ابن الحاج في "المدخل" (3/ 235-237، ط. دار التراث) جملة من الآداب التي ينبغي القيام بها تجاه الميت فقال: [فإذا قَضىَ الميتُ فليشتغل من حضره بحقه ويأخذ في إصلاح شأنه.
وتابعت: فمن ذلك: أن يُغْمِضَ عينيه؛ لِئَلَّا تبقى مفتوحتين.. وينبغي له أن يأخذ عصابة أو طرف عمامة أو غيرهما ويجعلها تحت ذقنه ويشدها على رأسه، لِئَلَّا تسترخي ذقنه فيبقى فَاهُ مفتوحًا.. ثم يليّن مفاصله ويمدّ يديه مدًّا، وكذلك ركبتيه حين خروج الروح منه، وليحذر أن يؤخر ذلك؛ لئلا يتعذر مدها.. ثم يزيل ما عليه من الثياب ما عدا القميص، ثم يجعله على شيء مرتفع كدكة ونحوها؛ لئلا يتسارع إليه الهوام والتغيير ويسجى بثوب، ثم يأخذ في تجهيزه على الفور؛ لأن من إكرام الميت الاستعجال بدفنه ومواراته، اللهم إلا أن يكون موته فجأة أو بصعق أو غرق أو سبتة أو ما أشبه ذلك، فلا يستعجل عليه ويمهل حتى يتحقق موته.
ويسمي الله عز وجل عند الأخذ في ذلك فيقول: بسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.. وييسر قبل غسله ما يحتاج إليه من الكفن، والحنوط ويبخر الكفن ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا، ثم بعد ذلك يأخذ في غسله، فيشدّ على وسط الميت مئزرًا غليظًا، ثم يعريه من القميص وبعد ذلك يغسله، وهذا مذهب مالك، ومذهب الشافعي أن يغسل في قميص ولا يعرى.. وينبغي أن يجعل على عورته خرقة غليظة فوق المئزر حتى لا توصف العورة. وينبغي أن لا يحضره أحد إذ ذاك إلا الغاسل وحده، اللهم إلا أن يكون الغاسل يحتاج إلى مَن يعينه، فيجوز ذلك على سبيل الضرورة، والضرورة لها أحكام.
وينبغي أن يكون الغاسل ومن يعينه من أهل الديانة والأمانة؛ لأنَّ المحل مضطر إلى ذلك؛ لأن الميت قد يتغير حاله، وهو الغالب فإذا رآه أحد فقد يخيل إليه أن ذلك من شقاوته. وينبغي له أنه إن رأى خيرًا فإن شاء ذكره، وإن شاء تركه، وإن رأى غير ذلك سكت عنه ولا يبوح به لأحد] اهـ بتصرف.
وكذلك عدم إفشاء سرِّه؛ صونًا لكرامته وحفظًا لأمانته؛ فقد أخرج الإمام أحمد في "المسند"، والطبراني في "المعجم الأوسط" عن أُمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم: «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَأَدَّى فِيهِ الْأَمَانَةَ، يَعْنِي: سَتَرَ مَا يَكُونُ عِنْدَ ذَلِكَ، كَانَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ».
ومن الآداب التي تناولها الفقهاء أيضًا بالبيان والتفصيل: استعمال الماء المناسب حال الغسل لحالة الميت من سخونة الماء وبرودته، وقد اختلفوا في صفة الماء الذي يستحب استعماله في الغُسل؛ فذهب الحنفية إلى استحباب الغسل بالماء الحار؛ لأن ذلك أبلغ في نظافة الجسد وإزالة ما به من وسخ.