أجاب الشيخ محمد عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، عن سؤال حول هل "مجهولو النسب" يعاملون بنفس معاملة الأيتام؟.
وقال أمين الفتوى بدار الافتاء المصرية، في تصريح له: "سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أوصي باليتيم، وإن كافل اليتيم فى القرب من سيدنا النبي ستكون كبيرة فى الفردوس الأعلي".
وتابع: "هل اليتيم كمجهول النسب، منزلة مجهول النسب مسئولية رعايته أكبر من اليتيم، لأنه مقطوع من شجرة، والعطف عليه ورعايته أكثر ثوابا من اليتيم".
[[system-code:ad:autoads]]
فضل كفالة اليتيم
من الأمور التي حث عليها الشرع، وجعل الله سبحانه وتعالى الجنة جزاء العطف علىاليتيموجبر خاطره، وفِي الحديث: «اليتيم إذا بكى اهتز له العرش.. فيقول الله عز وجل: من أبكى اليتيم الذي غيبت أباه؟ قالوا: أنت العليم الحكيم. قال: يا ملائكتي مَنْ سَكَّتَهُ بِرِضَاهُ أعطيته من الجنة حتى رِضَاهُ»، والقائم بالإنفاق على اليتيم أو المسؤول عن تربيته وعده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمقام الأسمى يوم القيامة بمرافقته في جنات النعيم.
فضل كفالة اليتيم
أولًا: صحبة وقرب المنزلة من النبي -صلى الله عليه وسلم- في الجنة.
ثانيًا: تظهر المسلم الحق صاحب القلب الرحيم، والأخلاق الحميدة، والفطرة الحسنة.
ثالثًا: إقامة مجتمع مبنيّ على الحب، والرحمة، والمودة، خالٍ من الكراهية، والغضب، والحقد.
رابعًا: تعتبر من الأخلاق المحمودة في الإسلام ومن أفضل أبواب الخير.
خامسًا: تطهير وتزكية لمال المسلم.
سادسًا: فيكفالة اليتيممن البركة الكثير، حيث تحلّ البركة على كافل اليتيم وماله وأهله.
سابعًا: فيكفالة اليتيمطريقة حسنة لصرف المال في طاعة الله.
ثامنًا:كفالة اليتيمتحافظ على اليتيم من خطر الانحراف وسلوك طريق الباطل.
تاسعًا:كفالة اليتيمهي كأي عبادة تؤدّى لوجه الله تعالى، فهي ترفع الدرجات وتمحو السيئات وتزيد الحسنات.
سبب إباحة كفالة اليتيم وتحريم التبني
أكدت دار الإفتاء المصرية، أن الإسلام حث على كفالة اليتيم وتربيته والإحسان إليه والقيام بأمره ومصالحه حتى جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم كافل اليتيم معه في الجنة فقال: «أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى» رواه البخاري، وفي رواية مسلم: «أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فِي الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ».
وأضافت الإفتاء، أن الإسلام أوجب الجنة لمن شارك اليتيم في طعامه وشرابه؛ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ ضَمَّ يَتِيمًا بَيْنَ أَبَوَيْنِ مُسْلِمَيْنِ إِلَى طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْهُ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ألْبَتَّةَ» رواه أحمد.
وتابعت: وقال صلى الله عليه وسلم: «إن أحب البيوت إلى الله بيت فيه يتيم مكرم» رواه الطبراني من حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ -وَأَحْسِبُهُ قَالَ- وكَالْقَائِمِ لَا يَفْتُرُ، وَكَالصَّائِمِ لَا يُفْطِرُ» متفق عليه.
وأوضحت الإفتاء أنالتبنيهو اتخاذ الشخص ولد غيره ابنًا له، وقد حرم الإسلامالتبنيوأبطل كل آثاره، وذلك بقوله تعالى: «وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ * ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ» [الأحزاب: 4 - 5]، وأمر من كفل أحدًا أن لا ينسبه إلى نفسه، وإنما ينسبه إلى أبيه إن كان له أب معروف، فإن جُهل أبوه دُعِيَ مولًى وأخًا في الدين.
وأفادت: بذلك منع الإسلام الناس من تغيير الحقائق، وصان حقوق الورثة من الضياع أو الانتقاص وحفظ من اختلاط الأجانب وخلوتهم ببعضٍ المتمثلةِ في اختلاط المتبنَى بمحارم المتبني أو المتبناة بالمتبني وأبنائه وأقاربه، فهذا فساد عريض لا يعلم شره إلا الله تعالى الذي يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير.
واختتمت: أن مسؤوليات الكفالة في الإسلام هي كل مسؤوليات وواجبات التبنيعدا ما منعه الإسلام من تغيير الأنساب وما يترتب على ذلك من الآثار.
المدة الشرعية لانتهاء كفالة اليتيم
نوه الشيخ محمد وسام، مدير إدارة الفتوى المكتوبة بدار الإفتاء المصرية، بأن اليتيم يكون أحوج إلى الكفالة رعايةً وكفايةً وإصلاحًا في المرحلة التي تلي البلوغ؛ إذ هي أكثر مراحل العمر حرجًا، مشيرًا إلى أن الواقع يشهد بأن توقف الكفالة في هذه السن قد يكون سببًا في ضياعه وانقلابه على المجتمع الذى تركه دون أن يضع قدمه على الطريق أو تكتمل له عناصر النجاح.
وألمح «وسام»، إلى أنكفالة اليتيملا تتوقف ببلوغه سن الرشد، وإن زال عنه وصف اليُتْم عُرْفًا، أو بالتكليف الشرعي الذي يُقصد به خروجُه عن حد الصِّغَر، وإنما تستمر بعد بلوغه إلى وقت حصول رشده؛ كما في إيتاء الأموال في قوله تعالى: «وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ» [النساء: 6].
وأشار إلى أنكفالة اليتيمتنهي بحصول الأهلية الكاملة لليتيم، التي تبيح له أن يباشر كافة التصرفات بنفسه، وتسقط بها وصاية غيره عليه، وتنتهض بها مسؤوليتُه الكاملة عن كل ما يصدر عنه مِن أعمال، ويخرج بها اليتيم عن وصف "القاصر".
وتابع: أن الشريعة قصدت بـكفالة اليتيم: رعايتَه في جميع شؤون حياته ومعيشته مأكلًا ومشربًا وملبسًا ومسكنًا وتأديبًا وتعليمًا وتثقيفًا وزواجًا، وغير ذلك من ضروريات الحياة وحاجياتها؛ كما يصنع الوالدان بولدهما سواءً بسواءٍ؛ حتى يصل إلى مرحلة الاستقلال التامة نفسيًّا واجتماعيًّا وماليًّا بحيث يكون قادرًا على بناء أسرته قائمًا بشؤونه مُنفِقًا على نفسه وعلى من يعول.
واستطرد: وتحديد المرحلة أو السنّ التي يتم فيها استقلالُ اليتيم بنفسه رعايةً وكفايةً واكتسابًا بحيث تنتهي كفالته عندها: هو أمرٌ يخضع لحالته وقدراته الذاتية واستعداده النفسي، كما يخضع للعرف والنظام المجتمعي وطبيعة العصر الذي يحيا فيه.
وأفاد بأن كفالة اليتيم والصرف عليه ومَن في حُكْمِه -كمجهول الأبوين- لاينبغي أن ينقطع بمُجَرَّد بُلُوغِه الحُلُم، أو بُلُوغِه سِنًّا أكبر مع كونه ما زال مُحتاجًا إلى من ينفق عليه ويقف بجانبه، بل يستمر الصرف عليه إلى أن يصل إلى بَرِّ الأمان ويعتمد على نفسه؛ كأن يلتحق بإحدى الوظائف، أو يحوز من المشاريع ما يُدِرُّ دخلًا منتظمًا يكفيه ومَن يعوله، وكذلك اليتيمة أو مَن في حُكْمِها-كمجهولة الأبوين- يَظَلُّ الإنفاق عليها مستمرًّا حتى تتزوج بما يشمل توفير جهازها ومستلزمات زواجها.
كلمة اليتيم مفخرة
أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي الجمهورية السابق، على أن كلمة اليتيم مفخرة لأنها عنوان الإنسانية، مطلقاً دعوة بالتزامن مع يوم اليتيم تتضمن العناية بهم ورعايتهم.
وقال علي جمعة مفتي الديار المصرية السابق من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”:"كان ﷺ قد كتب الله تعالى له أن يكون يتيما، ونحن اليوم نُطلق دعوةً في الناس لـ يوم اليتيم ، تحت عموم قوله - سبحانه وتعالى - { وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ } نحتفل بيومٍ نحيي في الناس ما أمرهم به رسول الله ﷺ : (أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة) وأشار إلى السبابة والوسطى من يده الشريفة ، وقال ﷺ : (من وضع يده على رأس يتيمٍ كان له بكل شعرةٍ من رأسه حسنات) ،{ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ } ، { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى } ، { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ } .
وتابع عضو هيئة كبار العلماء: “الله يتكلم عن اليتيم وعن اليتامى -أغنياء أو فقراء- ثم بعد ذلك يأمرنا أن نجعلها قمة الإنسانية، فإذا أصلح الإنسان بينه وما بين اليتيم استطاع أن يُصلح فيما بينه وبين نفسه، وبينه وبين أهله وجيرانه، وجماعة العمل والمسجد ومن حوله من الناس، ليست المسألة مسألة مال ومادة، إنما أصلها هو الحنان والرحمة بكل أشكالها، و(الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) ”.
وأضاف الدكتور علي جمعة :"سيدنا رسول الله ﷺ كان يتيما، وعلى اليتيم أن يفخر بتلك الصفة التي أقامه الله فيها كرسول الله وجعله بابًا للثواب، ولا أرى رأي أولئك الذين يريدون أن يغيروا اسمه رفقًا عليه وكأن كلمة اليتيم مَسَبّة ؛ كلمة اليتيم مفخرة فهى صفة من صفات سيد الخلق ﷺ".
وشدد الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء والمفتي السابق على أن كلمة اليتيم مفخرة لأنها:
1- سبب للثواب ولأنه مدخل للجنة..
2- لأن الله تكلم عنها في أكثر من عشرين موضعا في القرآن الكريم.
3- لأنها عنوان الإنسانية.