حكى الشيخ يسري عزام، إمام وخطيب مسجد عمرو بن العاص، عن الصحابي الذي اهتز لوفاته عرش الرحمن مما جعل النبي صلى الله عليه وسلم يسبح ويكبر مرتين.
وقال “عزام”، إن هناك صحابيا جليلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لما مات قال النبي “سبحان الله” ثم سكت قليل وقال “الله أكبر الله أكبر” مرتين فقال له الصحابة لماذا يا رسول الله تسبح ثم تكبر فبشرهم النبي قال ان "عرش الرحمن اهتز لموت سعد بن معاذ".
[[system-code:ad:autoads]]
لماذا اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ؟
لما مات سعد بن معاذ اهتز لموته عرش الرحمن، هذا الصحابي الجليل الذي آمن بالنبي ونصره وكان مدافعا عن الإسلام بكل ما اوتي من قوة بماله ونفسه وجهده، فلما مات سبح النبي صلى الله عليه وسلم ثم كبر فقال النبي إن سعد بن معاذ عندما مات اهتز له عرش الرحمن، والسبب اهتزاز عرش الرحمن لموته لأنه كان صادقا ومن السابقين الأولين لمكانته عند الله جل وعلا، فالعبد الصالح عندما يموت يبكي عليه موضعين الموضع الاول موضع سجوده فى الأرض الموضع الثاني موضع صعود عمله فى السماء وهذا دليل على قوله تعالى على المجرمين (فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ).
ومعنى اهتزاز عرش الرحمن لموت سيدنا سعد بن معاذ اي ان الله عز وجل تبشبش لسيدنا سعد وفرح بقدوم سعد عليه وبدخوله الجنة فهو من باب البشرى لذا يقول الله فى القرآن الكريم (لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۚ)، قال العلماء والموت أولى درجات الأخرة فيبشرون من قبل الملائكة بالوجوه النضارة.
لماذا اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ وشيعته الملائكة ؟
إنه روي ان جبريل عليه السلام اتى رسول الله عليه الصلاة والسلام حين قبض سعد من جوف الليل معتما بعمامة من استبرق، فقال: يا محمد من هذا الميت الذي فتحت له أبواب السماء واهتز له العرش؟ فقام الرسول عليه الصلاة والسلام يجر ثوبه الى سعد فوجده قد مات.
ويقول الامام النووى فى شرح مسلم أن الاهتزاز كان بسبب فرحة الملائكة الحافيين حول العرش بقدوم سعد بن معاذ .
وكان سعد رضى الله عنه قبل وبعد الإسلام سيد قومه ورئيس الأوس وزعيم قبيلة بني عبد الأشهل، وعندما أسلم سعد بن معاذ في المدينة على يد سفير الإسلام مصعب بن عمير ، وحين أعلن إسلامه اشتغل بالدعوة إلى الله فى نفس اليوم الذى أسلم فيه فوقف على قومه، فقال : "يا بني عبد الأشهل، كيف تعلمون أمري فيكم؟" حينئذٍ ردَّ عليه قومه بما يرونه فيه، فقالوا: "سيدنا، وأوصلنا، وأفضلنا رأيًا، وأيمننا نقيبة". وفي ذات اليوم الذي أسلم فيه تبعه كل قومه وعشيرته وقبيلته بنو عبد الأشهل، فأسلموا جميعًا بإسلام سعد بن معاذ.
وعند موته رضى الله عنه شيع جنازته سبعون ألف ملك فقال رسول الله : "لقد نزل سبعون ألف ملك شهدوا سعد بن معاذ، ما وطئوا الأرض قبل ذلك اليوم".
وقال الرسول عليه الصلاة والسلام لام سعد بعد وفاة سعد :الا يرقأ دمعك ويذهب حزنك ان ابنك اول من ضحك الله له واهتز له العرش.
ودفن سعد بن معاذ فى البقيع و أثناء دفنه كان يتصاعد الغبار و معه رائحة المسك لدرجة أن النبى صلى الله عليه و سلم ظل يبتسم و يقول سبحان الله سبحان الله فيقول الصحابه فبكينا عند قبره من جمال رائحة المسك التى تتصاعد من قبره .
وروى عن أنس أنه قال بعد وفاة سعد: أهدي للنبي جبة سندس، وكان النبى ينهى عن الحرير، فعجب الناس منها فقال: "والذي نفس محمد بيده، لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا".
من هو سعد بن معاذ ؟
سعد بن معاذ هو سعد بن معاذ بن النعمان من بني عبد الأشهل، من الأوس، بل سيد الأوس على حداثة سنه، أسلم ولمّا يجاوز الثلاثين سنة، على يد مصعب بن عمير سفير النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ في يثرب وداعيتها، وكان سعد قد جاءه مغضباً يريد زجره عن دعوته، ورده من حيث أتى، ولكن ما هي إلا كلمات يسيرة من الداعية الصادق، وآيات مباركة تلاها من كتاب الله سبحانه، حتى تبدل الحال رأساً على عقب، فدخل سعد في الإسلام، وأصبح إلى جانب مصعب من أعظم دعاته، وفتح الله على يديه فتحاً عظيماً، بانتشار الإسلام في المدينة، وتهيئتها لاستقبال النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ، لتكون عاصمة دولته الجديدة.
قال ابن إسحاق: «لما أسلم سعد وقف على قومه، فقال: يا بني عبد الأشهل، كيف تعلمون أمري فيكم؟ قالوا: سيدنا فضلاً، وأيمننا نقيبة. قال: فإن كلام رجالكم ونسائكم علي حرام، حتى تؤمنوا بالله ورسوله. قال: فوالله ما بقي في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا أسملوا».
فتهيئت بموقفه العظيم هذا «يثرب» لتصبح «المدينة المنورة» مهاجر النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ، ومقر دعوته ودولته، وعندما هاجر رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ وصحبه إليها كانت بيوت قوم سعد بن معاذ مفتحة الأبواب للمهاجرين، وكانت أموالهم تحت تصرفهم في غير مَنّ، ولا حساب.
موقفه مع النبي يوم غزوة بدر
وتمر الأيام وتقع غزوة بدر الكبرى، ويلمع نجم هذا الشاب العظيم مرة أخرى، من خلال مواقف كبيرة، تعكس عظمته، ورجاحة عقله، وبعد نظره. فقد خرج النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ، بنفر من صحبه قرابة ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلاً، بسلاح خفيف، يطلبون قافلة تجارية لقريش، ليستردوا بعض ما خلفه المهاجرون في مكة من أموال ومتاع، ولكن يشاء الله سبحانه أن يتبدل الحال غير الحال، ويجد المسلمون أنفسهم في مواجهة جيش يفوقهم عدة وعدداً بأضعاف، فاستشار النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ الصحابة، يريد أن يرى عزمهم على القتال، ويريد أن يعرف رأي الأنصار الذين كانت بيعتهم له في العقبة الثانية تنص على حمايته داخل المدينة، دون ذكر للقتال خارجها.
وكان له موقف رائع مع رسول الله يوم بدر فقال سعد : يا رسول الله، فوالذي أكرمك وأنزل عليك الكتاب لئن سرت بنا حتى تأتي برك الغماد من ذي يمن لنسيرَنَّ معك، ولا نكون كالذين قالوا لموسى من بني إسرائيل: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} ولكن نقول لك : واذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما متبعون، ولعلك أن تكون خرجت لأمرٍ وأحدث الله إليك غيره، فانظر الذي أحدث الله إليك فامضِ له، فصِلْ حبال من شئت، واقطع حبال من شئت، وسالم من شئت، وعادِ من شئت، وخذ من أموالنا ما شئت.
فقام سعد ــ رضي الله عنه ــ ليقول كلمات سطرها له التاريخ، حملت في طياتها صدق الإيمان، ومضاء العزيمة، وعظمة النفس، ساند بها قيادته الرشيدة، ونهض بهمة الجيش وعزمه، مما كان له الأثر البالغ في تحقيق النصر يومئذ: «يا رسول الله، لقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة. فامضِ يا رسول الله لما أردت فنحن معك فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غداً؛ إنا لصبر في الحرب، صدق عند اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله».
وما إن سمع رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ هذه الكلمات، حتى استبشر وبشره أصحابه بالنصر.