قبل أيام قليلة، رحل عن عالمنا الكاتب الكبير يعقوب الشاروني عن عمر ناهز 92 عامًا.
قدم الشاروني العديد من المساهمات في المشاريع الثقافية المتعلقة بأدب الطفل، وأثرى مكتبة الأطفال بأعماله الإبداعية والثقافية المتنوعة.
مزج الخيال
الكاتبة عفت بركات تحدثت لـ “صدى البلد” وقالت: “تأثرت بالأستاذ يعقوب الشاروني منذ طفولتي، وكان له تأثير كبير على تحفيزي للكتابة، فعندما كنت طفلة صغيرة، بدأت الموهبة الكتابية تظهر فيَّ، واكتشفت يعقوب الشاروني عن طريق مكتبة الطفل الخضراء، إذ كانت مملكة الحكايات التي ألهمتني لكتابة القصص”.
وأضافت: “وكثيرًا ما أدهشني قدرته على مزج الخيال بالواقع، لأن صناعة الخيال عمل شاق للغاية، كما أن عقل الطفل الواسع الذكاء غير قادر على قبول ما يقدم له من إبداع إلا بشروط عديدة”.
وأوضحت: “عندما كبرت ودخلت عالم الكتابة للأطفال، كنت في بداية طريق طويل، وتم نشر العديد من الدواوين التي كتبتها. قبل أن أدخل عالم كتابة الأطفال، التقيت بالأستاذ يعقوب وتحدثنا كثيرًا، وقرأ أعمالي وأشاد بها”.
مهمة ليست سهلة
عفت بركات أشارت إلى أن يعقوب الشاروني ترك مساره في القضاء، في ذروة نجاحه، وتخلى عن كل المناصب ليكرس نفسه للكتابة للطفل.
وأشارت إلى أنه كان يدرك أن كتابة الأطفال ليست مهمة سهلة، وأن من يكتب للطفل يجب أن يكون على دراية بجميع مراحل الطفولة المختلفة.
قضايا يعقوب الشاروني
وتابعت: “طرح يعقوب قضايا كثيرة جدا، إذ كان حريصا جدا على أن يجلب معه دائما إصدارات من الكتب الموجهة للطفل المطبوعة خارج مصر، لكي يطلع لأطفال وكذلك دور النشر على الكتب وكيفية طباعتها للأطفال”.
وأشادت “بركات” بأسلوب يعقوب المتميز قائلة: “هو رائد الأدب العربي للطفل، ومن وجهة نظري هو من أهم أربعة مؤلفين للطفل على مستوى العالم، فأعماله مختلفة ومتنوعة، كما أن أسلوبه ثري في الحكي، بجانب أن له مذاقا جذبني عندما كنت طفلة، فأنا أرى الأطفال أشد ذكاءً من الكبار، فإذا لم يكن الأسلوب جذابا عندها لن يكملوا قراءة أعمال المؤلف وسوف ينصرفون عنها”.
ولفتت إلى أنه كان معنيًا بكتابة أعمال متنوعة عن البيئات المختلفة داخل جمهورية مصر العربية، وكان يعشق مصر جدا لأنه كان يقول إنها متنوعة البيئات والثقافات، وإذا عاش عمر على عمره فلن يستطيع أن يصف جميع الأشخاص على هذه الأرض الجميلة.
نصائح يعقوب الشاروني
وتحدثت عفت بركات عن نصائح يعقوب الشاروني المستمرة لمن يكتب للطفل.
وقالت: “كان يعتبر كتابة الطفل شبيهة بميدان الحرب، حيث يجب أن يكون المؤلف مستعدًا بجميع أسلحته، وهي الثقافة وفهم لغة كل طفل ودراسة تاريخه ورؤيته ومفرداته”.
وذكرت أنه كان يطرح قضايا متعددة وكان حريصًا على جلب إصدارات من كتب الأطفال الموجهة للعالم من خارج مصر، لكي يعرف الأطفال ودور دور النشر في إنتاج الكتب ببساطة.
وأنهت حديثها قائلة إن يعقوب الشاروني لم يوافق على أن يراه أحد في لحظاته الأخيرة قبل وفاته، وهذا بسبب ظروف مرضه.