مع حلول منتصف شهر نوفمبر من كل عام، يبدأ أهالى قرية نزلة الشرقى بهجورة بنجع حمادى شمال قنا، فى التحضير للجمعة الأخيرة التى تجهز فيها عائلات القرية ما لذ وطاب من أطعمة و الخروج بها إلى الشوارع، واستضافة كل من يعبر بالمنطقة عقب صلاة الجمعة، للتعبير عن شكرهم للمولى عز وجل على نعمة الشفاء من الكوليرا والطاعون.
عادة سنوية عمرها 83 عاماً
العادة السنوية التى تعبر عن كرم و أصالة أهالى قرية نزلة الشرقى بهجورة، مضى عليها حتى الآن 83 عاماً، بعدما كتب المولى عز وجل الشفاء والعافية من مرضى الكوليرا والطاعون، حيث يحرص أهالى القرية على تنفيذ نذرهم بشكل سنوى فى الجمعة الأخيرة من شهر نوفمبر، بإعداد موائد طعام وتقديمها للفقراء وعابرى السبيل والأيتام.
الموائد التى يبدأ التجهيز والإعداد لها فى الصباح الباكر، تخرج إلى الشوارع بعد أداء صلاة الجمعة مباشرة فى مشهد غير معتاد أو مألوف، إلا فى هذا اليوم من العام، حيث يخرج الرجال والنساء حاملين الموائد على صوانى دائرية، ووضعها فى الشوارع و أمام المساجد.
اختيار اليوم يرتبط بحصاد محاصيل زراعية
اختيار يوم الجمعة الأخيرة من شهر نوفمبر، لم يأتى من فراغ، فالشهر يرتبط بموسم حصاد بعض المحاصيل الزراعية، حيث ينتهى الأهالى من حصاد محصولى السمسم و الكركديه، و يستعدون لكسر محصول القصب، وبدء زراعة محاصيل جديدة، تدر عليهم دخل سنوى، فضلاً عن انتهاء المرض فى هذه الفترة منن العام ما يجعل وفائهم بالنذر بمثابة صدقة جارية تحميهم من الأوبئة و تحافظ على أبنائهم من الأمراض.
وقال على عبدالعاطى، مزارع، تشهد قريتى النزلة التابعة لقرية الشرقى بهجورة، عادة سنوية تتمثل فى خروج الأهالى بموائد الطعام إلى الشوارع والميادين الرئيسية وأمام المساجد، فى يوم الجمعة الأخيرة من شهر نوفمبر، وفاءًا لنذر قطعه آبائنا و أجدادنا على أنفسهم فى منتصف القرن الماضى، بتقديم الأطعمة للفقراء والمساكين فى هذا اليوم، حال شفائهم من مرضى الكوليرا والطاعون المنتشرين فى مصر خلال هذه الفترة والتى تسببت فى موت المئات من أبناء القرية.
نشارك أطفالنا احتفالنا بهذه المناسبة
وأضاف عبدالعاطى، استجابة المولى عز وجل لتضرع أهالى القرية بأن يمن عليهم بالشفاء والتعافى من هذا الداء، دفعهم لتنفيذ نذرهم بإطعام الطعام، ومن وقتها وأصبح هذا الأمر عادة سنوية لم تنقطع طوال السنوات الماضية والتى تزيد عن ثمانين عاماً، ومن وقتها نحرص على تنفيذ هذه العادة يوم الجمعة الأخيرة من شهر نوفمبر، كما نحرص على غرس حب هذه العادة فى أبنائنا الحرص من خلال مشاركتهم عملية التجهيز لمراسم هذا اليوم.
وأشار محمد عبدالستار، مدرس، إلى أن هذا اليوم من كل عام بمثابة عيد خاص لأهالى القرية، حيث يشهد استعدادات مسبقة، ويتصافح الجميع بفرح وسرور، كأنهم فى يوم عيد، مع تقديم التهانى لبعضهم البعض ابتهاجاً بالمناسبة السعيدة التى كانت بالنسبة للقرية يوم نجاة من وباء الطاعون و الكوليرا، إضافة إلى أن مشاهد الاحتفال والموائد خلال اليوم يشعر الأطفال بأن هناك شىء مختلف، ما يساعد فى الحفاظ على هذا الموروث الشعبى الذى توارثناه من آبائنا و أجدادنا.
نقدم صوانى الطعام للفقراء وعابرى السبيل
وأوضح عبدالستار، بأن معظم أهالى القرية يتجمعون حول المسجد الكبير بالقرية بـ " صوانى" الأطعمة التى تحتوى ما لذ وطاب من المأكولات، لتقديمها للفقراء والمساكين وعابرى السبيل فى هذا اليوم، فضلاً عن دعوة أصدقاء من أهالى القرى المجاورة لمشاركتهم فرحة هذا اليوم، الذى يتم بشكل سنوى عقب حصاد عدد من المحاصيل الزراعية.