اشتهرت مصر، منذ آلاف السنين بالسحر، وكان السحر لدى القدماء المصريين، من الأشياء المهمة في حياتهم، بل ارتبط السحر لدى القدماء المصريين بالدين، وبناء عليه، ارتفعت مكانة الكهنة لدى الفراعنة بتعليمهم السحر، وكان السحر الأكثر شيوعًا عند المصري القديم هو السحر الدفاعى، بهدف طرد الأرواح الشريرة.
سر من أسرار الحضارة المصرية
قال مجدي شاكر كبير الأثريين لـصدى البلد على الرغم من تحقيق آلاف الاكتشافات الأثرية، وآلاف الأبحاث التى أجراها العلماء حول الحضارة المصرية القديمة، إلا أن السحر لا يزال سرًا من أسرار الحضارة المصرية القديمة، وما زال الغموض يحيط بطبيعة وماهية السحر عند الفراعنة.
ويذهب البعض إلى أن "لعنة الفراعنة" وهى واحدة من السحر من الأشياء الهامة عند القدماء المصريين، بل ارتبط السحر بالدين، وبناء عليه ارتفعت مكانة الكهنة لدى الفراعنة، بتعليمهم السحر، وعلى الرغم من تحقيق الكثير من الاكتشافات إلا أن السحر لا يزال سرًا من أسرار الحضارة المصرية القديمة.
نصوص غير مفهومة
وتابع مجدي كما ان المصريين القدماء احتاطوا لرحلتهم الأبدية بأنواع مختلفة من السحر، فكثيرًا ما نرى على جدران المقابر نصوصًا غير مفهومة بالكامل وكلمات لا تعطى معنى مفيدًا، وهى بلا شك نصوص سحرية وضعت لهدف معين هو حماية القبر وصاحبه، وربما تكون هذه الكلمات قد فقدت طاقتها السحرية، بعد أن اندثرت اللغة والكتابة المصرية القديمة، وربما تكون هذه النصوص أيضا لا تزال محتفظة بقدرتها السحرية الكامنة داخلها.
ومن هذه النصوص ما يعرف بـ"متون الأهرام" وهى تراتيل دينية وسحرية سجلت على جدران حجرات الدفن الموجودة أسفل أهرامات الملوك والملكات منذ أواخر عهد الأسرة الخامسة تحديدًا وعصر الملك "ونيس"
نصوص اللعنة
استطرد كبير الأثريين هناك ما يسميه العلماء باسم "نصوص اللعنة" وهى نوع آخر من السحر قام المصريون القدماء بكتابته على واجهات مقابر يتواعدون كل من يجرؤ على الدخول إلى مقابرهم قاصدين بها الشر والعذاب، هناك بردية شهيرة تتحدث عن ذلك الكاهن الذى فوجئ بخيانة زوجته له، فانتظر إلى أن نزل الشاب الخائن إلى المياه ليغتسل، وقام الكاهن بوضع تمساح صغير من الشمع فى الماء سرعان ما انقلب إلى تمساح ضخم افترس الشاب.
لا يزال السحر هو سر من أسرار الحضارة المصرية القديمة، فعلى الرغم من تحقيق آلاف الاكتشافات الأثرية، وفك طلاسم العديد من البرديات المصرية، مازال الغموض يحيط بطبيعة وماهية السحر عند قدماءالمصريين، ليبقى السحر هو الغموض الذي يحيط أسرار الحضارة المصريه.
بداية السحر في مصر القديمة
واضاف شاكر بدأ السحر في مصر القديمة منذ عصور سبقت عصر معرفة الكتابة، أي قبل حوالي 5200 عام، وكان يختص به طبقة معينة من الكهنة يطلق عليهم اسم الكهنة المرتلين أو "غريو حب" الكتابه الهيروغليفية، وهم من اختصوا بممارسة السحر، والذي لم يكن مجرد طقوس وهمية للتأثير على الأشخاص، فقد وصل السحرة عند الفراعنة إلى معرفة علوم ما بعد الطبيعة أو "الميتافيزيقا"، حيث تمكن السحرة من السيطرة على القوى غير الملموسة التي توجد في الطبيعة، وفي الأشياء سواء الجماد أو الحي، وكان التحكم بقوى فوق الطبيعة علما سريا لم ينقله السحرة إلا بشروط وعهود ومواثيق، ولم يتاح لأي شخص أن يكون ساحرا، فقد كان ينتقى السحرة وفقا لشروط معينة ليدخلوا إلى المعابد ويتعلموا فنون السحر.
تحدثت الكثير من البرديات المصرية القديمة، عن تحويل الجماد إلى كائن حي مفترس، وهو ما تأكده أسطورة موسى وسحرة فرعون ، المتوارثة في جميع الديانات،
خوفو والسحرة
وتابع ومن أشهر قصص السحر ما جاء ببردية "خوفو والسحرة"، عندما جاء ابن الملك خوفو بالساحر "جدي" الذي كان يعيش في مدينة "جد سنفرو" ويبلغ من العمر مائة عام، وسأله عن حقيقة تمكنه من السحر وقدرته على أن يقطع رأس إنسان أو أي كائن حي ويعيده مرة أخرى، وطلب منه الملك أن يفعل ذلك أمامه، وبالفعل قام "جدي" بقطع رقبة إوزة، وألقى بالإوزة في جهة ورقبتها في جهة أخرى، ثم أشار إليها، فعادت تطير وسط دهشة الحاضرين.
هذا وقد جاء في تاريخ مانيتون السمنودي، المؤرخ المصري الذي كان كاهنا في عهد الملك بطليموس الثاني، قبل حوالي 280 عام ق.م، أن الملوك الفراعنة كانوا يمارسون علم السحر، حيث كان كل ملوك مصر ملمين بعلم السحر كجزء من وظيفة الملك في مصر القديمة.
ومن أشهر الشخصيات التي ألمت بعلم السحر في مصر "إيمحوتب"، والذي بلغ من الشهرة والمكانة الرفيعة أنه كان في نظر الإغريق مساويا لرب الطب عندهم "أسكليبيوس″، فلم يكن إيمحوتب يقدم للناس ممارسات سحرية ساذجة، وإنما كان وزيرا في بلاط الملك زوسر، وهو مبتكر علم الهندسة المعمارية، وتشهد على ذلك تحفته المعمارية بسقارة، كما أنه كان رجل دولة من الطراز الأول، وفي عصر الدولة الحديثة أصبح "إيمحوتب" شخصية مقدسة في الأوساط العلمية، لدرجة أن الكتبة كانوا يسكبون من أجله قليلا من الحبر، قبل البدء في تدوين أي كتاب علمي، حيث كان سكب السوائل في مصر القديمة أحد أشكال القرابين.
العالم النجمي
وأوضح مجدي شاكر وكان العالم النجمي عند قدماء المصريين متداخلا مع عالمنا وليس منفصلا عنه، وهو العالم الذي تذهب إليه الأرواح بعد الموت، والمصدر الذي تأتي منه كل الأشياء، وفيه أيضا تكمن أسباب كل الأمراض، وكان الكهنة في مصر القديمة يقومون بمعالجة المرضى عن طريق الاتصال بهذا العالم، من خلال لغة الرمز، حيث يعيد التوازن مرة أخرى إلى منظومة الطاقة لدى الإنسان.
والرموز واللوحات المنحوتة التي عثر عليها في المقابر، تشير بشكل واضح إلى وجود السحر بمصر القديمة، وأنه كان جزءا لا يتجزأ من حضارة المصري القديم، وأنه من أشهر السحرة في مصر القديمه، الساحر "إس – آتوم"، والذي عاش في الفترة المتأخرة من حكم الملك نكتانبو الثاني حوالي 359 ق.م، ويرجع إليه الفضل في الحفاظ على اللوحة الشهيرة التي تعرف باسم لوحة "مترنيتش"، والتي تحوي أحد النصوص السحرية التي كانت تستخدم لأغراض العلاج من لدغات الحيات والعقارب.
وهناك أيضا "حور – ددف" أحد أبناء الملك خوفو، وكان من أشهر الحكماء في تاريخ مصر القديمة، وقيل إنه اكتشف العديد من كتب السحر القديمة، مما مكنه من معرفة علوم السحر، كذلك "خا – إم – واست"، وهو الابن الرابع لرمسيس الثاني، وكان كبير كهنة "رع" بمدينة منف، وقد كان مولعا بدراسة النصوص القديمة، ومنها كتب علم السحر، فبرع فيها واشتهر بالسحر والحكمة.
ومن أبرز السحره وأكثرهم قدرة "حارنوفيس"، والذي شهد معركة موردافيا في عام 172م، مع قوات ماركوس أوريليوس، وكان له دور بارز في انتصار الجيش الروماني، فعندما بدأ الجيش يعاني من نقص في المياه والإمدادات، أدى حارنوفيس طقوسا سحرية، هطلت بعدها الأمطار، وأنقذت جيش ماركوس أوريليوس من الهلاك، وأكمل المعركة وانتصر على أعدائه