قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

رينيه غينون.. كيف اعتنق الفيلسوف الفرنسي الإسلام ودفن في القاهرة؟

×

في مدخل منطقة مقابر الدراسة في القاهرة الشرقية، واجه طالب أجنبي شاب سؤالًا يبدو مألوفًا. سُئل عن مكان مقبرة الشيخ عبد الواحد يحيى، وأجاب الشاب بكل سهولة. يقع قبر الشيخ عبد الواحد يحيى في مقابر الدراسة، وهو قبر بسيط محاط بسور مرتفع قليلاً، وله زخارف إسلامية بسيطة.

رينيه غينون، الفيلسوف الفرنسي، وُلد عام 1886م في فرنسا، وتربى في جو من التدين المسيحي. كان مهتماً بالجوانب الروحية منذ شبابه، وانضم في البداية إلى الكنيسة الغنوسطية الفرنسية ثم انفصل عنها.

كان للكنيسة الكاثوليكية في أوروبا موقفًا معاديًا تجاه آراء عبد الواحد يحيى (رينيه غينون السابق)، حيث اعتبروه تهديدًا أكبر من التهديدات السابقة. لم يُحظر قراءة كتبه فقط، بل حتى الحديث عنه تم تجنبه.

رينيه غينون

بعد تخرجه في عام 1908م، أسس غينون مجلة فلسفية علمية تسمى "المعرفة". تعاون في تحرير المجلة مع عالم فرنسي يُعرف باسم شمبر يونو الذي اعتنق الإسلام، وتغير اسمه إلى عبد الحق. كانت هذه العلاقة ذات تأثير عميق على غينون، حيث أوقدت فيه شرارة من نور الإسلام التي تزايدت مع مرور الوقت. كما تعرف أيضًا على عالم فنلندي يُدعى إيفان جوستاف، الذي كان من أبرز محرري مجلة فلسفية إيطالية تصدر في القاهرة باسم "النادي"، ونشر بعض الرسائل الإسلامية في تلك المجلة. أيضًا اعتنق الإسلام وتغير اسمه إلى عبد الهادي.

أعرب غينون عن اعتقاده بأن الحضارة الغربية متجهة نحو الانهيار إذا لم تتبنى الثقافات الشرقية بسرعة. بناءً على هذا الاعتقاد، اقترح ثلاثة سيناريوهات للغرب:

الأولى: أن يندثر الغرب في حالة من الدمار والبربرية، مع بقاء بعض الأفراد في حالة تدهور شبيهة بحالة الحضارات التي اختفت تمامًا من التاريخ.

رينيه غينون

والثاني: أن يتولاهم بالرعاية ممثلون للشعوب الشرقية، وإنه لتجنب السقوط الحتمي، فإن على الغرب أن يتمثل ذلك، وهو أمر لن يتحقق إلا بوساطة المرور بمرحلة انتقالية متعبة، ولكنها أحسن على كل حال من نتيجة الفرضية الأولى.

والثالث: هي أحسن الفرضيات، وتتمثل في أن يجد الغرب في نفسه مبادئ للتطور في اتجاهات أخرى، تعيده لحالة العقلانية الحقيقية والطبيعية، وتقضي على كونه مجرد فرع مقطوع عن شجرة الإنسانية، وهي الحال التي أصبح عليها منذ نهاية القرون الوسطى.

رينيه غينون

اعتناق رينيه غينون الإسلام

عندما اعتنق غينون الإسلام، اندهش الكثيرون من الدارسين الغربيين وشككوا في صدق اعتناقه. ومع ذلك، لم يشك أحد في صدق إسلامه، حيث اختار بوعي وتواضع أن يخضع لشرائع الإسلام ويعيش حياة مسلمة. وعلى الرغم من المعاداة التي واجهها من قبل الكنيسة الكاثوليكية في أوروبا، انتشرت كتبه في جميع أنحاء العالم وترجمت إلى العديد من اللغات.

ومع ذلك، لم تترجم كتب غينون إلى اللغة العربية، على الرغم من أهمية أفكاره وتأثيره الكبير في الفلسفة الدينية. تظل هذه النقطة غريبة، خاصةً أن العربية هي لغته الأم ولغة الإسلام. قد يكون ذلك نتيجة لعدم وجود ترجمات موثوقة أو نقص في الاهتمام بأفكاره في العالم العربي.

بشكل عام، تبقى مرجعيات غينون الفكرية محل اهتمام ودراسة، حيث كان يروج للتفكير الروحي والثقافي المتعدد الأبعاد ويعتبر أحد الشخصيات البارزة في دراسات التوحيد والتراث الروحي.