أعلن قادة إسرائيل أن حركة حماس "ستُمحى من على وجه الأرض" وأن غزة لن تعود أبدا إلى ما كانت عليه، بينما رد قادة حماس بأن الجحيم في انتظار أحفاد القردة والخنازير حال تفكيرهم في الاجتياح البري لقطاع غزة.. وتستمر التصريحات بين الجانبين، بينما يدفع الأطفال والنساء والشيوخ ثمنا باهظا دفاعا عن وطنهم وأرضهم، خاصة أن ألة الحرب دائرة وتطحن في القطاع جوا وبحرا، إلا أن قوات الاحتلال لاتزال تلوح باستخدام غاز الأعصاب في اجتياحها البري بعد أن حصلت على الأذن من الولايات المتحدة، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل أهداف هذه العملية واقعية، وكيف يمكن لقادة إسرائيل أن يحققوها؟.
عنف شديد في انتظار أهالي غزة
تصريحات الجانب الإسرائيلي تحمل عنفا شديدا، حيث قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بعد العملية التي نفذتها الحركة في 7 أكتوبر على إسرائيل، وخلفت أكثر من 1400 قتيل: "كل عضو في حماس هو رجل ميت"، متعهدا في وقت لاحق بتفكيك "آلة الإرهاب" التابعة لحماس وبنيتها السياسية.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف جالانت، قد تحدث عن استحداث "نظام أمني جديد" بعد تحقيق أهدافها في القطاع، وتنفيذ الهجوم البري، دون أن تكون هناك أي مسؤولية إسرائيلية عن الحياة اليومية فيه.
ويبدو هدف العملية التي أطلق عليها "السيوف الحديدية" أكثر طموحا بكثير من أي شيء خطط له الجيش الإسرائيلي في غزة من قبل، وربما يستمر لعدة أشهر.
حرب شوارع لإنقاذ الرهائن
بدأت إسرائيل في التمهيد للعالم أجمع بالغزو البري لقطاع غزة، بعد أن طالبت المدنيين بالنزوح إلى الجنوب قبل اجتياحها البري.
وينطوي الدخول إلى قطاع غزة، على ما يعرف بقتال الشوارع من منزل إلى منزل في المناطق الحضرية ، كما يحمل مخاطر هائلة على السكان المدنيين الذين يزيد عددهم عن مليوني نسمة، حيث قتل ما لا يقل عن 7000 شخص معظمهم من النساء والأطفال في غزة، ونزح مئات الآلاف من منازلهم.
وتواجه القوات الإسرائيلية مهمة إضافية تتمثل في إنقاذ أكثر من 220 رهينة محتجزين في أماكن مجهولة في أنحاء متفرقة من غزة.
ويقول المحلل العسكري في إذاعة الجيش الإسرائيلي، أمير بار شالوم: "لا أعتقد أن إسرائيل قادرة على تفكيك كل أجزاء حركة حماس، لأنها مبنية على فكرة "الإسلام المتطرف" - بحسب زعمه - لكن يمكنها إضعاف الحركة بقدر كاف بحيث لا تستطيع تنفيذ أي عمليات هجومية على الأرض".
المعركة البرية محفوفة بالمخاطر
تحيط بالعملية العسكرية عدة عوامل يمكن أن تخرجها عن مسارها، حيث من المتوقع أن تكون كتائب عز الدين القسام استعدت لهجوم إسرائيلي بإعداد العبوات الناسفة والتخطيط لنصب الكمائن، ويمكنها أيضا استخدام شبكة الأنفاق المعقدة والواسعة لمهاجمة القوات الإسرائيلية.
ففي عام 2014، تكبدت كتائب المشاة الإسرائيلية خسائر فادحة بسبب الألغام المضادة للدبابات والقناصة والكمائن التي نصبتها حماس، بينما قُتل مئات المدنيين في القتال في أحد الأحياء الشمالية لمدينة غزة.
وقد حُذر الإسرائيليون من الاستعداد لحرب طويلة، واستُدعي عدد قياسي من جنود الاحتياط إلى الخدمة بلغ 360 ألف جندي.
إنقاذ الرهائن حجة أمريكا وشركائها
على الرغم من كون أغلبية الرهائن هم من الإسرائيليين، لكن بينهم أيضا عدد كبير من المواطنين الأجانب ومزدوجي الجنسية، ما يعني أن العديد من الحكومات الأخرى - بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة - تتخذ حرب إسرائيل على حماس ذريعة لما لهم من مصلحة في هذه العملية، بضمان الإفراج الآمن عن مواطنيها.
وقال المتخصص الاستراتيجي الفرنسي، الكولونيل ميشيل جويا، إن الجيش الإسرائيلي أمامه خيار واضح، إما الحفاظ على حياة الرهائن، أو الذهاب "لإلحاق أكبر قدر ممكن من الأذى بحماس"، في ظل النداءات المؤلمة التي أطلقتها عائلات الأسرى، والتي تزيد من الضغوط على قادة إسرائيل.
تزايد الضغوط على مصر
تراقب دول الجوار عن كثب، ما يحدث في غزة، ويعد رد فعل تلك الدول ذو تأثير على الهجوم البري المحتمل - وفقا لتصريحات أوفير وينتر من المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي.
وقال وينتر: لقد أصبح معبر رفح الحدودي المصري مع غزة نقطة محورية إنسانية، مع وصول كميات محدودة فقط من المساعدات إلى غزة، حيث ينتظر مواطنون أجانب وفلسطينيون يحملون جوازات سفر أجنبية المغادرة عبر المعبر.
وأضاف أوفير وينتر، أنه كلما زادت معاناة سكان غزة في أعقاب الحملة العسكرية الإسرائيلية، كلما زادت الضغوط التي ستواجهها مصر، لكن هذا الضغط على القاهرة لن يمتد بحيث تسمح بعبور جماعي لسكان غزة إلى شمال سيناء.
وتابع: الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حذر من أن أي محاولة لنقل سكان غزة إلى شبه جزيرة سيناء، لانها ستدفع المصريين إلى "الخروج والاحتجاج بالملايين".
كما تحدث العاهل الأردني، الملك عبد الله، عن أن أي محاولة محتملة لإخراج اللاجئين الفلسطينيين من غزة "خط أحمر"، محذرا "لا لاجئين في الأردن، ولا لاجئين في مصر".
دخول إيران طرفا يقلق أمريكا وإسرائيل
تخضع الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان لرقابة دقيقة، فقد وقعت عدة هجمات قتالية عبر الحدود شارك فيها حزب الله اللبناني، لكن وعلى الرغم من إجلاء السكان على الجانبين، إلا أن العنف حتى الآن لا يرقى إلى مستوى جبهة جديدة ضد إسرائيل.
ودخلت إيران، الراعي الرئيسي لحزب الله، طرفا في الصراع، مهددة بفتح "جبهات جديدة" ضد إسرائيل، وهو ما دفع الرئيس الأمريكي جو بايدن، لتحذيرها بقوله: "أي دولة، وأي منظمة، وأي شخص يفكر في الاستفادة من هذا الوضع، لدي كلمة واحدة له: لا تفعل!".
وأرسلت واشنطن حاملتي الطائرات الأمريكيتين، يو إس إس جيرالد فورد ويو إس إس أيزنهاور، إلى شرق البحر الأبيض المتوسط للتأكيد على هذه الرسالة، كما وضعت 2000 جندي أمريكي في حالة تأهب للرد على أي الأحداث متوقعة.
الجحيم بانتظاركم
خلال الأسبوع الماضي، نشرت سـرايا القدس مقطع فيديو حول التحضيرات للاجتياح الإسرائيلي البري لغزة، معلقة "الجحيم بانتظاركم".
ويظهر المقطع تمركز مقاتلي سرايا القدس في الأنفاق، إضافة إلى الأسلحة وتجهيزات الاتصالات بين المقاتلين.
مدينة تحت الأرض
الحديث عن مدينة تحت الأرض في غزة أحد أهم الأدلة على صعوبة المهمة البرية واستحالة التنبوء بنتيجتها، وهو ما يصيب الاسرائيليين بالقلق البالغ.
فهناك مئات الكيلومترات من الأنفاق القتالية التي ليس لدى القوات المهاجمة أدنى فكرة عن خريطتها، وعشرات الآلاف من المقاتلين المجهزين بآلاف الأسلحة المضادة للدروع والعبوات الناسفة والقناصات، وحتى الطائرات المسيرة القاصفة ينتظرون لحظة الدخول الإسرائيلي. تقول مصادر، إن جحيم حي الشجاعية صيف 2014 بالنسبة للجيش الإسرائيلي سيكون نزهة مقارنة بما سيواجهه في غزَّةَ إن دخل الآن، لكن أخطر ما يخبِّئُه الدخول إلى غزة براً هو احتمال اشتعال الجبهة اللبنانية، وربما السورية، وتدفق عشرات الآلاف من المقاتلين من اليمن مروراً بإيران والعراق وربما أفغانستان دعماً لحلفائهم في غزة، وهو المشهد الذي لا يفارق بال قادة تل أبيب، ومن خلفها واشنطن، التي تنصح إسرائيل بتنجنُّب المواجهة مع حزب الله، على الأقل في الوقت الراهن.
رسالة غامضة من حزب الله إلى اسرائيل
نشر "حزب الله" اللبناني، فيديو مدته 12 ثانية، ظهر فيه الأمين العام للحزب حسن نصر الله، يمر أمام عدسات الكاميرا دون ظهور وجهه، وفي الخلفية علم الحزب.
وأرفق الحزب الفيديو بآية من سورة الإسراء: "فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا".
كما أعاد نشر المقطع مرفقا بجملة باللغة العبربة مفادها: "انتظر حزب الله".
وتم نشر الفيديو في الوقت الذي يترقب فيه الجميع كلمة نصر الله الذي يلتزم الصمت منذ بدء "طوفان الأقصى" والمواجهات على الحدود الجنوبية.
الجو غائم لا يسمح باجتياح بري
تذرعت إسرائيل منذ أيام، بحجة لتأجيل اجتياحها البري، بإعلانها أن الطقس الغائم لا يسمح باجتياح القطاع، إلا أن الحقيقة تدور في فَلًك تحذيرات أمريكية وموقف عربي موحد مدين للمجازر بحق المدنيين، وخوفٍ من انتهاز جهات أخرى الفرصة للانقضاض على إسرائيل من جميع الجهات.
وبرر محللون الموقف بتراجع ثقة الجيش الإسرائيلي، بقدرته على اجتياح القطاع بعد تذكر التجارب السابقة، إلا أن الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي جو بايدن إلى اسرائيل، ربما تحدد ملامح الهجوم، بالضمانات التي ستمنحها واشنطن لحكومة الاحتلال.