نددت منظمات دولية، بانقطاع الاتصالات والإنترنت في قطاع غزة، الذي يتعرض لقصف إسرائيلي مكثف، والتي قد يشكل "غطاء لفظائع جماعية"، ويخفي أدلة ضرورية على انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب المرتكبة ضد الفلسطينيين.
انقطعت غزة عن العالم
مساء الجمعة، ودون سابق إنذار، قطعت شبكة الإنترنت والاتصالات الأرضية والخلوية عبر الشبكتين داخل غزة، وانقطعت غزة عن العالم.
[[system-code:ad:autoads]]
"فقدنا الاتصال بشعب كامل"، هذا ما دوّن البعض على مواقع التواصل الاجتماعي.
"الصمت يعم ويصم الآذان".. وهكذا وصفت سندي ماكين، المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي ما يحدث حين أعلنت فقدان الاتصال بفرق البرنامج في غزة.
وعند الساعة السادسة والنصف بتوقيت غزة من يوم الجمعة، نشرت شبكة الاتصالات "جوال"، بيانا على صفحتها على “فيسبوك” تعلن فيه انقطاعا كاملا لجميع خدمات الاتصال والإنترنت مع القطاع، وتقول إن القصف الشديد تسبب في تدمير جميع المسارات الدولية المتبقية التي تصل غزة بالعالم الخارجي.
وبعد ساعة من هذا الإعلان، نشرت شبكة "أوريدو"، المشغّل الثاني للاتصالات في غزة، بيانا على صفحتها على “فيسبوك” تبلغ فيه المشتركين بانقطاع كامل خدماتها عن قطاع غزة بسبب توقف الخطوط الرئيسية المغذية لجميع شبكات الاتصالات في القطاع.
وبعد الساعة السابعة بقليل من مساء الجمعة بتوقيت غزة، نشرت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بيانا تقول فيه إنها فقدت التواصل مع غرفة العمليات في القطاع ومع جميع طواقمها العاملة هناك.
وتحت قصف مكثف، وغير مسبوق في بعض مناطق القطاع، خاصة في الشمال، لم يعد بإمكان سكان غزة التواصل مع فرق الإسعاف والإغاثة لنقل جرحاهم والحصول على الرعاية الطبية، حتى على خدمة الاتصال المركزي 101.
وقصفت القوات الإسرائيلية المقاسم الرئيسية للاتصالات واستهدفت الهوائيات الخاصة بشبكات المحمول.
وأكدت تقارير لـ منظمة العفو الدولية أنه بات من الصعب على منظمات حقوق الإنسان توثيق الانتهاكات وجرائم الحرب ضد المدنيين في غزة، وذلك بسبب تعمد الاحتلال الإسرائيلي قطع الاتصالات الليلة الماضية خلال القصف العنيف الذى يشنه على القطاع منذ نحو 22 يوما، لطمس الأدلة ومنع توثيق جرائم الحرب ضد المدنيين.
وأضافت العفو الدولية أن المدنيين في غزة معرضون لخطر غير مسبوق وسط قطع الاتصالات خلال القصف وتوسيع الهجمات البرية.
وجرائم الاحتلال الإسرائيلى فى عدوان اكتوبر 2023 ليست الأولى، فالاحتلال تاريخ من جرائم الحرب ضد المدنيين فى الحروب الخمس التى شنتها على القطاع منذ 2008 (2008، 2012، 2014، 2021، 2022)، فضلا عن قيامها بانتهاكات عديدة منذ ما يقارب 5 عقود فى الضفة الغربية وقطاع غزة من خلال القمع والتمييز والانتهاكات الممنهجة لحقوق الفلسطينيين.
الجرائم وثقتها منظمات دولية، وفى إحدى تقارير "هيومن رايتس ووتش" الذى صدر عام 2017 تزامنا مع مرور 50 عاما على احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة، انتقدت المنظمة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدوليَّين تميّز الاحتلال من بينها القتل غير المشروع؛ التهجير القسري، الاعتقال التعسفي، إغلاق قطاع غزة والقيود الأخرى غير المبررة المفروضة على التنقل؛ والاستيطان، إلى جانب السياسات التمييزية التي تضر بالفلسطينيين.
وبحسب تقرير المنظمة الدولية، قتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 2000 مدني فلسطيني في الحروب الثلاثة في غزة (2009-2008، 2012، 2014) وحدها، وفي الضفة الغربية، استخدمت قوات الأمن الإسرائيلية القوة المفرطة بشكل روتيني في حالات فرض الأمن، أو استخدمت الذخيرة الحية لتقتل وتصيب بجروح خطيرة آلاف المتظاهرين، قاذفي الحجارة وآخرين، وكان يمكن استخدام وسائل أقل حدة لتفادي التهديد أو المحافظة على النظام.
لكن يعد عدوان أكتوبر 2023 هو الأعنف، حيث استشهد فيه أكثر من 7 آلاف فلسطيني معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى آلاف الإصابات.
وبالعودة للتاريخ، فمنذ عام 1967 قامت إسرائيل بنقل مدنييها إلى الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وانتهكت "اتفاقية جنيف الرابعة"، كما أنشأت في 1967 مستوطنتين في الضفة الغربية "كفار عتصيون وتلبيوت الشرقية"؛ وأنشأت بحلول عام 2017 حوالى 237 مستوطنة لإسكان حوالي 580 ألف مستوطن، وتطبق القانون المدني الإسرائيلي على المستوطنين، وتوفر لهم الحماية القانونية والحقوق والمساعدات التي لا تُمنح للفلسطينيين الذين يعيشون في نفس المنطقة والذين يخضعون للقانون العسكري الإسرائيلي، وتزود إسرائيل المستوطنين بالبنى التحتية والخدمات والدعم الذي تحرم الفلسطينيين منه، ما يخلق ويعزز نظاما منفصلا وظالما من القوانين والقواعد والخدمات.
منظمات دولية تندد بقطع الاتصالات في غزة
ويوجد إجماع في الفقه القانوني الدولي على أن الأراضي التي احتلتها إسرائيل سنة 1967 هي أراضٍ محتلة، وأن الاستيطان فيها غير شرعي بموجب الأعراف والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
ويرجع الخبراء، بصورة خاصة، إلى اتفاقية لاهاي واتفاقية جنيف الرابعة، اللتين نصتا على عدم قانونية الاستيطان، أي نزعتا الشرعية عن نقل السكان إلى الإقليم المحتل والاستيلاء بالقوة على الأملاك الخاصة فيه، إلاّ فيما يتعلق بتبريرات أمنية بموجب القانون الدولى.
كما صادرت السلطات الإسرائيلية آلاف الأفدنة من الأراضي الفلسطينية لصالح المستوطنات والبنية التحتية الداعمة لها، كما جعلت حصول الفلسطينيين على تصاريح بناء في القدس الشرقية وفي 60% من الضفة الغربية الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية الحصرية أمرا مستحيلا تقريبا.
وهدمت السلطات الإسرائيلية على مدى عقود منازل على أساس أنها تفتقر للتصاريح.
كما استبعدت إسرائيل بشكل تعسفي مئات آلاف الفلسطينيين من سجل سكانها، كما ألغت إسرائيل إقامة ما يزيد عن 130 ألف فلسطيني في الضفة الغربية و14565 فلسطينيا في القدس الشرقية منذ عام 1967، بحجة أنهم كانوا بعيدين لفترة طويلة.
وسجنت السلطات الإسرائيلية مئات آلاف الفلسطينيين منذ عام 1967، معظمهم بعد محاكمات في محاكم عسكرية.
وعلى مدار سنوات، مارس الغرب سياسة ازدواجية المعايير و فشل في كبح تجاوزات الاحتلال، واليوم مع عدوان 2023 على غزة ترفض العديد من الدول الغربية وقف إطلاق النار، كما نشهد تكميما للأفواه التى تتضامن مع المدنيين العزل من النساء والأطفال، وترفض إقامة مسيرات لدعم هؤلاء، بل وتفض التظاهرات التضامنية بالقوة.
زاستجاب إيلون ماسك منذ ساعات قليلة لمطالب توفير خدمة الإنترنت الفضائى Starlink في غزة بعد أن قطع العدوان الإسرائيلي الاتصالات على القطاع، وانتصر ماسك لهاشتاج #starlinkforgaza من خلال استجابته التي أعرب فيها عن محاولته التواصل مع المنظمات المساعدة لهذا الأمر المعترف بها دوليا ودعمها.
ووفقًا لما ذكره موقع "the Indian express"، فإن إسرائيل طلبت من إيلون ماسك منذ أكثر من أسبوع أن يصلها بالإنترنت الفضائى خلال الحرب، حيث كشف منشور لوزير الاتصالات الإسرائيلى، شلومو كارهى، عبر منصة "إكس" عن مساعى بلاده للحصول على خدمة Starlink للإنترنت الفضائى.
وأشار إلى أن "Starlink" ستساعد فى ضمان تدفق الإنترنت على بلدات إسرائيلية قريبة من "مناطق الصراع"، إلا أن "ماسك" لم يستجب لهم وتجاهل الأمر تماما على منصة X.
فيما صرحت وزارة الاتصالات الإسرائيلية، بأنها تناقش هذا الأمر وأن هذه الخطوة ستضمن حصول البلدات الواقعة على الخطوط الأمامية على خدمة إنترنت مستمرة.
وأضاف متحدث باسم وزارة الاتصالات الإسرائيلية فى ذلك الوقت، أن هذه ستكون المرة الأولى التي ستعتمد فيها إسرائيل على Starlink، الذي سيكون بمثابة نسخة احتياطية في حالة تعطل الأنظمة الأخرى.
ومع ذلك، فإن موقف ماسك جاء مختلفا وسريعا في الرد على دعم غزة، وذلك بعد أقل من 24 ساعة من مطالبات المستخدمين له بتوفير الخدمة هناك، حيث قال إنه مستعد للتعاون مع منظمات المساعدة الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة لتوفير الإنترنت، وهو الأمر الذى لم يحدث في السابق، حيث لم يغرد بأى شيء عن إسرائيل وتجاهل الأمر بالكامل على منصة X، ما يعكس موقفا ينبأ بالخير حتى الآن.
كما أتاح "ماسك" أيضا دعم فلسطين على منصة X، إذ لا يطبق خوارزميات تقييد الرأى التى استخدمتها منصة فيس بوك، كما أنه أزال مؤخرا علامة التوثيق الزرقاء للحساب الرسمى لـ أفيخاى أدرعى، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى للإعلام العربى، وهو ما أثار حالة من السعادة بين العديد من مستخدمى منصة التواصل الاجتماعى.
بعد انقطاع شبكة الإتصالات والإنترنت عن قطاع غزة لحوالي يومين - منذ مساء الجمعة - قالت وسائل إعلام فلسطينية في وقت مبكر من اليوم، الأحد، إن الشبكة تعود تدريجياً إلى القطاع.
وقال مرصد "نت بلوكس"، المعني برصد الوصول إلى شبكة الإنترنت، إن الاتصال بالإنترنت في قطاع غزة قد تم استعادته.
وكتبت الشركة على موقع إكس -تويتر سابقا -: "تظهر بيانات الشبكة أن الاتصال بالإنترنت يعود إلى قطاع غزة".
وأبلغ نشطاء من القطاع عبر مواقع التواصل الاجتماعي - في الساعات المبكرة من فجر اليوم- أنه أصبح بالإمكان استخدام الإنترنت والاتصال بالناس عبر الهاتف.