تحركات متواصلة تقوم بها الحكومة المصرية هذه الأيام؛ لتأمين الاحتياطات الاستراتيجية اللازمة من القمح نتيجة حجم الاستهلاك الكبير الذي يقدر سنويا بحوالي 20 مليون طن، إضافة إلى التقلبات السياسية التي تشهدها المنطقة، حيث حذر البعض من أنها قد تستمر وتتصاعد.
مشتريات مصر للقمح
وتعمل الهيئة العامة للسلع التموينية أكبر مستورد حكومي لشراء القمح، على تأمين الاحتياطات الاستراتيجية اللازمة من القمح؛ نتيجة حجم الاستهلاك الكبير الذي يقدر سنويا بحوالي 20 مليون طن.
كثفت مصر مشترياتها الخارجية من القمح خلال شهر ونصف الشهر، سواء من خلال المناقصات العالمية أو الشراء بالأمر المباشر، ليصل إجمالي الكميات المتفق عليها منذ مطلع سبتمبر حتى الآن نحو 1.6 مليون طن، في مقابل نحو 120 ألف طن فقط تم الاتفاق على شرائها خلال نفس الأشهر المماثلة من 2022.
كما أن ثلاثة من التجار العالميين في القمح أرجعوا أسباب توسع مصر في شراء القمح مؤخراً إلى مخاوف الحكومة من تفاقم التقلبات السياسية في المنطقة، وفرض عقوبات على الدول التي تستورد منها الحبوب، بجانب تراجع الأسعار العالمية خلال الفترة الحالية 32% عن العام الماضي، لذلك؛ فهو وقت مناسب للتحوط.
ولم ترد وزارة التموين، على مصادر صحفية، للتعليق على أسباب تكثيف مشتريات القمح الفترة الأخيرة - بحسب "الشرق بلومبرج"، فيما بلغ نصيب المنشأ الأوكراني حوالي 726 ألف طن قمح بنسبة 12.9% من الإجمالي، وجاء إجمالي القمح المستورد من رومانيا عند 269 ألف طن بنسبة 4.51%.
وتُعد مصر أحد أكبر مستوردي القمح في العالم، كما أن مشترياتها تُتابع عن كثب كمرجع عالمي، وهي تشتري عادةً من الخارج ما يصل إلى 12 مليون طن سنوياً للقطاعين الحكومي والخاص.
وقفزت واردات مصر من القمح بنحو 30% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي إلى 8.34 مليون طن مقابل 6.43 مليون طن في الفترة ذاتها من 2022.
وأرجع نقيب عام الفلاحين حسين عبدالرحمن أبو صدام تكثيف الدولة شراء القمح من الخارج إلى "تعزيز المخزون الاستراتيجي من السلعة الأساسية، إلى جانب التحوط من الأوضاع الجيوسياسية التي يمر بها العالم، وتغيرات سعر الصرف".
ويكفي احتياطي مصر الاستراتيجي من القمح الاستهلاك المحلي 4.7 شهور، بحسب بيان لمجلس الوزراء الأحد الماضي.
وأوضح أبو صدام- خلال تصريحات له، أن لدى مصر عجزاً بين الاستهلاك المحلي والإنتاج يصل إلى 50%، إذ يتم استهلاك نحو 20 مليون طن سنوياً في مقابل إنتاج يصل إلى 10 ملايين طن، وهو ما يدفع القطاع الحكومي والخاص لاستيراد الفارق من الخارج.
التجار في سوق القمح
وقال أحد كبار التجار في سوق القمح عالمياً- خلال تصريحات له: "التقلبات السياسية في المنطقة تؤدي إلى تفاقم المخاوف من تطور الحرب وفرض عقوبات من الدول التي نستورد منها الحبوب، وهو السبب الرئيسي لاتجاه الحكومة لتوفير كميات قمح تكفي حتى 6 أشهر.
وأضاف: "لأول مرة تتجه هيئة السلع التموينية بمصر لشراء القمح بنظام سداد آجل لمدة 270 يوماً، إذ كانت أقصى مدة بالسابق تبلغ 180 يوماً، وهو ما ساهم في زيادة الكميات المُتعاقَّد عليها، والهدف من زيادة المدة الزمنية هو القدرة على توفير الدولار".
ويبدأ موسم زراعة القمح في منتصف شهر نوفمبر حتى نهاية شهر يناير، في حين يبدأ موسم الحصاد من منتصف أبريل حتى منتصف يوليو.
وقال بيان صادر عن رئاسة مجلس الوزراء، اليوم، إن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، تابع موقف تطوير المجمعات الاستهلاكية من خلال برنامج الشراكة بين عدد من هذه المجمعات والقطاع الخاص، إضافة لاستعراض عدد من ملفات العمل المختلفة.
جاء ذلك خلال ترؤس مدبولي اليوم الأحد اجتماعًا، بحضور وزير التموين والتجارة الداخلية الدكتور علي المصيلحي؛ لمتابعة موقف توافر السلع في المجمعات الاستهلاكية على مستوى الجمهورية، واستعراض جهود توفير الأرصدة الاستراتيجية من السلع الأساسية، وكذا إجراءات تطوير المجمعات الاستهلاكية.
وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء المستشار سامح الخِشن، إن اللقاء تناول أيضا مراجعة ما يتم من تنسيقات بين وزارتي "التموين" و"الزراعة"؛ بشأن إعلان السعر الاسترشادي لمحصول القمح، مُشيرًا إلى أن هناك توجيهًا بالعمل على تشجيع المزارعين على زراعة المحاصيل الاستراتيجية، عبر إقرار أسعار استرشادية مناسبة.
وقال أستاذ الاقتصاد الزراعي الدكتور جمال صيام، إن مصر تكثف مشترياتها الخارجية من القمح، وذلك لأن الدولة لجأت إلى سبل بديلة لتغطية ما تبقى من المخزون الاستراتيجى لها حتى لا تتعرض لنقص داخلى من سلعة معينة.
وأضاف صيام - خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن قيمة الاستهلاك الكلي من القمح في مصر يصل لـ 21 مليون طن، ننتج منها 10 ملايين طن فقط، حيث إننا نغطي 50% فقط من احتياجاتنا من القمح.
وأشار صيام، إلى أن الدولة تسير في طريقين لسد الفجوة الغذائية، وهما:
- التوسع الأفقي للمشروعات الزراعية.
- استراتيجية التنمية الزراعية المستدامة 2030 التي تستهدف أن نصل بالاكتفاء الذاتي من القمح إلى 70%.
واختتم: "الدولة المصرية تعمل في تحركات متواصلة لتأمين الاحتياطات الاستراتيجية اللازمة من القمح، وذلك وفقا لتوجيهات القيادة السياسية في هذا الشأن".
مخطط يستهدف مصر
ودخلت الحرب في غزة أسبوعها الثالث وسط تحذيرات متعددة من قبل عدة أطراف عربية وإقليمية ودولية من اتساع نطاق الحرب في ظل مساع إسرائيلية بفتح أكثر من جبهة قتال في نفس الوقت، وفشل جهود التهدئة بين قوات الاحتلال والمقاومة الفلسطينية.
وسبق وكشف الصحفي ومقدم التلفزيون الأمريكي، كلايتون موريس، حقيقة الأكاذيب التي يروج لها الإعلام الغربي وسبب إصراره على إلقاء اللوم على مصر وتحميلها مسؤولية عدم توفير الحماية للفلسطينيين في قطاع غزة مع تصاعد وتيرة الحرب.
وقال موريس، عبر مقطع فيديو تناقلته منصات تواصل اجتماعي، ونشر عبر تطبيق تيك توك، قبل بضعة أيام، إن ثمة مخطط أكبر مما يحدث في إسرائيل ترمي الولايات المتحدة لتحقيقه، موضحًا أن هناك أمرا كبيرا يوشك على الوقوع أكبر مما يحدث في غزة وتل أبيب، بل أكبر من إعلان الولايات المتحدة عن إرسالها حاملة طائرات ضخمة إلى إسرائيل، إذ تعطى التطورات الحاصلة لعبة أشبه بلعبة الشطرنج، وتعد العولمة بمفهومها الواسع هي رقعة الشطرنج التي تحرك على سطحها البيادق.
وكشف مقدم التلفزيون الأمريكي أن ما يجري على أرض الواقع يؤكد رؤيته ويبرهن عليها، مضيفًا أنه بينما يحاول العولميون تعزيز سلطتهم ونفوذهم يصبح البشر ضحية قسوة لا يمكن تصورها أو تحملها، ملخصًا ما يجري في الوقت الراهن باعتباره حربا عالمية أحادية القطب مقابل عالم يسعى نحو التعددية القطبية.
وأزاح موريس الستار عما توصل إليه بعد عودته من زيارة إلى مصر، مؤخرًا، بينما يترقب العالم ويتابع عن كثب مسألة الاجتياح البري المحتمل من جانب جيش الاحتلال لقطاع غزة، والذي أفادت مصادر بأنه تم تأجيله، في أثناء زيارته لمصر، لفترة قصيرة لأسباب تتعلق بالأحوال الجوية، واحتمالات سقوط الأمطار وتراكم السحب في شمال غزة خلال ذلك التوقيت، ما قد يعيق الطيارين الإسرائيليين من تنفيذ المهام المطلوبة، مؤكدا أن هذا التأجيل أشبه بالهدوء الذي يسبق العاصفة.
وعن موقف مصر من الحرب، قال موريس، إن القاهرة حذرة بشأن ما يعنيه هذا العدوان، لا سيما وأن ملايين الفلسطينيين قد يحاولون التدفق إلى مصر، وفي الوقت نفسه يقول وزير خارجية إسرائيل الأسبق، إنه يتعين على مصر أن تقوم بإنشاء مدينة ضخمة من الخيام في صحراء سيناء، على أن ينتقل الفلسطينيون إليها.
وتضمن الفيديو تصريح المسؤول الإسرائيلي الذي برر رؤيته بزعم أن الفلسطينيين يمكنهم العيش في تلك المناطق المفتوحة لحين تنتهي إسرائيل والمجتمع الدولي من تهيئة البنية التحتية وإنشاء مدن الخيام وتزويدها بالمؤن اللازمة من طعام وشراب، كما هو الحال مع اللاجئين في سوريا.