تحرص الحكومة على تعزيز المخزون الاستراتيجي من جميع السلع الغذائية خاصة القمح المخصص لإنتاج الخبز المدعم، الذي يصرف للمستفيدين على البطاقات التموينية بسعر 5 قروش للرغيف.
كمية ضخمة من القمح
وحجزت الحكومة 8 شحنات قمح من شركة روسية في صفقة مباشرة الأسبوع الجاري، بما يعادل 4% من واردات القمح السنوية لمصر، التي تعد أكبر مشتر للقمح في العالم، - وبحسب تجار لبلومبرج، تشمل هذه الصفقة نحو 480 ألف طن، وتم حجز شحنات الحبوب هذه لشهري نوفمبر وديسمبر.
وصرح وزير التموين والتجارة الداخلية الدكتور علي المصيلحي في سبتمبر الماضي، بأن الهيئة العامة للسلع التموينية في مصر، اتفقت على شراء 480 ألف طن من القمح الروسي في مفاوضات مباشرة.
وتجري مصر محادثات لشراء مليون طن من القمح الروسي، من خلال اتفاق بين حكومتي البلدين، لكن ليس من الواضح مدى قرب البلدين من التوصل إلى اتفاق.
وقفزت واردات مصر من القمح في عام 2023 بنحو 30% لتصل إلى 8.34 مليون طن مقابل 6.43 مليون طن، في الفترة ذاتها من عام 2022، وشكلت الواردات من روسيا نحو 80% من إجمالي الواردات المصرية، وفقاً لتقارير صحفية.
وتستورد مصر ما يصل إلى 12 مليون طن سنوياً للقطاعين الحكومي والخاص، فيما كشف وزير التموين، الشهر الماضي، أن هناك محادثات تجري حاليًا مع بنك أبو ظبي الوطني، بهدف تسهيل تمويلات لشراء القمح من كازاخستان.
وكشف تقرير لوزارة التموين والتجارة الداخلية أن مخزون القمح يكفى لـ 5 أشهر بجانب استمرار تعاقد الوزارة على شراء الأقماح المستوردة، فى إطار الحرص على تأمين مخزون استراتيجى من سلعة القمح طوال الوقت تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية.
وكانت الأقماح المخصصة لإنتاج الخبز المدعم على مدار السنوات الماضية وبالتحديد قبل عام 2014، تتعرض للهدر في كميات كبيرة تتراوح من 10 إلى 15%، بسبب سوء التخزين في شون ترابية وأماكن مكشوفة معرضة للأمطار والقوارض، حتى قامت وزراة التموين، تنفيذا لتوجيهات القيادة السياسية بتنفيذ مشروع قومي، بالتوسع في إنشاء صوامع حديثة تعمل وفقا لأحدث التكنولوجيا لتخزين القمح المخصصة لإنتاج الخبز المدعم، بجانب تطوير الشون الترابية وتحويلها إلى شون حديثة متطورة، ما ساهم أيضا في الحفاظ على كميات كبيرة من القمح التي كانت المهدر، حيث وصل إجمالي عدد الصوامع في مصر حتى 2023 إلى 83 صومعة.
وقامت الدولة بتطوير وإنشاء الصوامع مما ساهم في زيادة السعة التخزينية للقمح، كذلك رفع كفاءة وتأهيل شركات المطاحن، كما تم التوسع في زراعة القمح وبلغت المساحات المنزرعة قمح عام 2022 نحو 3.65 مليون فدان بزيادة 250 ألف فدان عن عام 2021، كما زادت حجم السعة التخزينية للقمح في الصوامع إلى 3.5 ملايين طن مقابل 1.2 مليون طن عام 2014 بزيادة تصل إلى 191.7%.
من جانبه قال أستاذ الاقتصاد الزراعي الدكتور جمال صيام، إن مصر لطالما كانت واعية وملمة بالأحداث الجارية والمستقبلية، فقد أدركت الدولة المصرية أن الحرب الروسية - الأوكرانية تأثيراتها ستنال من جميع الدول، مشيراً إلى أن الدولة لجأت إلى سبل بديلة لتغطية ما تبقى من المخزون الاستراتيجى لها حتى لا تتعرض لنقص داخلى من سلعة معينة.
واردات مصر من القمح
وأضاف صيام - في تصريحات لـ"صدى البلد"، أن قيمة الاستهلاك الكلي من القمح في مصر يصل لـ 21 مليون طن، ننتج منها 10 ملايين طن فقط، حيث أننا نغطي 50% فقط من احتياجاتنا من القمح، مؤكداً أن الدولة تسير في طريقين لسد الفجوة الغذائية، وهما التوسع الأفقي للمشروعات واستراتيجية التنمية الزراعية المستدامة 2030 التي تستهدف أن نصل بالاكتفاء الذاتي في القمح إلى 70%.
وأوضح الخبير الاقتصادي أن الدولة وضعت خطة من عدة محاور لتحقيق الاكتفاء الذاتي من بينها اتجاه الدولة المصرية للزراعة فى بعض دول القارة الأفريقية الخصبة مثل دولة تشاد، التى تتخذها مقرا لتوفير إنتاج من المحاصيل الزراعية.
فيما قال الخبير الاقتصادي ونائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية الدكتور أشرف غراب، إن قرارات مجلس الوزراء بخفض أسعار السلع وتعليق الجمارك والرسوم لمستلزمات الإنتاج يساهم في خفض معدلات التضخم.
وأضاف غراب - في تصريحات لـ"صدى البلد"، أن خفض أسعار بعض السلع الأساسية منها الفول، العدس، الألبان والجبن، المكرونة، والسكر، الزيت، الذرة، إضافة للدواجن والبيض الحل الأمثل لضبط الأسواق، وسوف يسهم في خفض معدلات التضخم خلال الفترة المقبلة، ويخفف من العبء المعيشي على المواطنين.
أوضح غراب، أن المبادرة جاءت في توقيت مهم للغاية خاصة بعد ارتفاع أسعار الكثير من السلع ما يسهم في خلق مردودا إيجابيا على ميزانية المواطن البسيط، موضحا أنها تسهم في السيطرة على الأسواق ومواجهة المحتكرين من التجار الذين يستغلون الظروف والأزمات ويقومون برفع الأسعار، موضحا أن المبادرة ستقضي على جشع التجار وستجبرهم على تخفيض الأسعار وأن يكون هامش ربحهم قليل فيستفيد ويفيد المواطنين في نفس الوقت ما يسهم في خفض معدلات التضخم.
وأشار غراب، إلى أن السلع التي تضمنتها المبادرة هي سلع أساسية وضرورية لا يستغني عنها المواطن وسيكون لها مردود إيجابي على ميزانية الأسرة بلا شك وخاصة محدودي الدخل وأصاب الدخول الثابتة، كما أنها ستعيد التوازن إلى السوق المحلي وضبط أسعار مختلف السلع والمنتجات، كما أنها ستخلق المنافسة بين التجار داخل السوق المحلي ما يسهم في مكافحة جشع التجار وخفض الأسعار، موضحا أن هناك بعض التجاري يستغل الأزمة الاقتصادية ويقوم بتخزين بعض السلع لتشح في الأسواق ويقل المعروض منها فيرتفع سعرها رغم أن بعض المحاصيل إنتاجها وفير وليس بها أزمة نقص.
وتابع غراب، أن القرار الأخر لمجلس الوزراء بتعليق الرسوم والجمارك على بعض مستلزمات الإنتاج لمدة 6 أشهر قرار قوي وجرئ، سيسهم في زيادة واردات خامات ومستلزمات الإنتاج كما يخفض من تكلفة الإنتاج، إضافة إلى أنه يسهم في زيادة معدلات التشغيل ما يساهم في زيادة المعروض من السلع بالأسواق وبأسعار رخيصة، موضحا أن مردود هذه القرارات سيظهر خلال الفترة المقبلة بخفض معدلات التضخم بلا شك.
فيما تراجعت الواردات المصرية من القمح في الفترة الأخيرة وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، حيث سجلت قيمة واردات القمح نحو 305 ملايين و804 ألف دولار في شهر يونيه الماضي، بينما كانت نحو 335 مليونا و970 ألف دولار في شهر يونيه عام 2022، بتراجع بلغ نحو 30 مليونا و166 ألف دولار.
وقالت بيانات جهاز الإحصاء، إن واردات مصر من القمح جاءت ضمن قائمة الواردات المصرية من المواد الخام، والتي بلغت قيمتها الإجمالية نحو 855 مليون و535 ألف دولار في شهر يونيه الماضي، مقابل مليار و170 مليون دولار في نفس الشهر عام 2022، بتراجع بلغت قيمته نحو 315 مليون دولار.