تتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا، منذ 2011، للوصول إلى اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، فيما لم تثمر هذه المفاوضات للوصول إلى حل، مع سياسة تعنت واضحة ومستمرة منذ 12 عاما من جانب أثيوبيا.
جديد أزمة سد النهضة
كما فشلت جولة المفاوضات الأخيرة التي اتفق عليها الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، في 13 يوليو الماضي، والتي نصت على استئناف مفاوضات سد النهضة، وإيجاد حل نهائي خلال مدة 4 أشهر، وذلك خلال زيارة آبي أحمد لمصر، على هامش قمة دول الجوار السوداني.
ولكن بعد فشل جولة المفاوضات، وتهديد سد النهضة، بكارثة إنسانية تضرب السودان حال انهياره، وجهت مصر، مؤخرا، رسالة إلى رئيس مجلس الأمن بشأن إعلان إثيوبيا الانتهاء من الملء الرابع لسد النهضة، أكدت بها أن تصرفات أديس أبابا الأحادية بشأن الملء والتشغيل للسد تشكل حربا وجودية لمصر وتهدد استقرارها.
وأكد الخطاب التي أرسلته وزارة الخارجية المصرية للمجلس أنه وللمرة الرابعة على التوالي يتم إبلاغ مجلس الأمن بانتهاكات إثيوبيا المتكررة للقانون والاتفاقيات الدولية، بما فيها اتفاق إعلان المبادئ لعام 2015 المتعلق بسد النهضة الإثيوبي، موضحة أن إثيوبيا أعلنت يوم 10 سبتمبر الماضي انتهاء المرحلة الرابعة من الملء الرابع لسد النهضة، مضيفا أن هذا يشكل خرقا مستمرا لإعلان المبادئ الذي يلزم إثيوبيا بالتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن القواعد التي تحكم ملء سد النهضة وتشغيله.
وشدد خطاب الخارجية على رفض مصر رفضا قاطعا لهذه الإجراءات التي تتخذها إثيوبيا وتتجاهل بشكل تام بيان مجلس الأمن، الذي دعا مصر والسودان وإثيوبيا إلى التوصل سريعا إلى صيغة نهائية لنص اتفاق مقبول وملزم للأطراف بشأن ملء سد النهضة وتشغيله وذلك في غضون إطار زمني معقول.
فيما قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في جامعة القاهرة، حول مستجدات الأوضاع حول سد النهضة، إن المياه مستمرة في التدفق أعلى الممر الأوسط بنحو 250 مليون متر مكعب يوميا، مشيرا إلى أن التخزين بدأ في سد الروصيرص بالسودان، منذ انتهاء التخزين الرابع في 9 سبتمبر الماضى بنحو 24 مليار م3 عند منسوب 625 متر فوق سطح البحر، وإجمالي تخزين 41 مليار م3.
سيناريوهات حل الأزمة
وأضاف شراقي، خلال منشور له عبر صفحته على فيسبوك، إن صور الأقمار الصناعية تظهر أنه بعد مرور 28 يوما من الملء الرابع، وتحديدا في 6 أكتوبر، تم فتح بوابات سد الروصيرس لتتدفق مياه الفيضان نحو سد مروى الذي يقوق بتصرف المياه لتصل إلى السد العالى مع منتصف الشهر الجاري، ورغم حجم التخزين الكبير، إلا أن التوربينات الإثيوبية في سد النهضة لا تزال متوقفة للأسبوع الثالث على التوالي مع استمرار غلق بوابتي التصريف.
وأوضح شراقي، أن هناك أضرارا بالغة ضربت المزارعين في السودان بسبب الملء الرابع لسد النهضة، موضحا أنه من حق هؤلاء المزارعين طلب تعويضات من إثيوبيا مقابل الخسائر الاقتصادية التي لحقت بهم، موضحا أن المعاناة مستمرة لكثير من المزارعين على النيل الأزرق نتيجة حجز مياه الفيضان لهذا العام في "سد النهضة" والذي تزامن مع نقص معدل الأمطار في السودان.
أما عن تحركات مصر المقبلة، توقع الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، إن مصر يمكن أن تتحرك دبلوماسيا على مستوى كبير بالتعاون مع الدول العربية الفعالة لمواجهة الأزمة مع إثيوبيا بخصوص سد النهضة، بسبب الإجراءات الأحادية غير القانونية من إثيوبيا، مشيرا إلى 3 مسارات أمام مصر، أبرزها أن تتحرك مصر عالميا عبر بوابة المشكلات الهندسية والفنية والبيئية الجيولوجية التي يتسبب بها سد النهضة وتهدد مصر والسودان.
وتوقع أن يتم إجراء جولة مفاوضات ثالثة في القاهرة، خلال النصف الثاني من أكتوبر الجاري، بعد فشل الجولتين الأخيرتين والجولة الرابعة والأخيرة في أديس أبابا قبل انتهاء مدة الأربعة أشهر التي أعلن عنها رئيس وزراء إثيوبيا لإنهاء الأزمة.