حالة من الحزن والأسى عمت داخل قلوب الكثيرين؛ عقب الزلزال المدمر الذي ضرب المملكة المغربية ليلة السبت، وبلغت شدته 7 درجات على مقياس ريختر، وكان مركز الهزة الأرضية، في قرية "إغيل" بإقليم الحوز، وأسفر عن عدد كبير من الضحايا والجرحى والمفقودين.
وتعدّ ولاية الحوز، مركز الزلزال، والأكثر تضرّرا، حيث سقط 1293 قتيلاً، تليها ولاية تارودانت التي سقط فيها 452 قتيلاً، وفي هاتين المنطقتين الواقعتين جنوب غرب مدينة مراكش السياحية، دمّر الزلزال قرى بأكملها.
زلزال المغرب المدمر
أعلنت وزارة الداخلية مساء السبت أنّ الزلزال أسفر عن 2012 قتيلاً و2059 جريحاً، بينهم 1404 حالاتهم خطرة.
وأعلن ملك المغرب، محمد السادس، مساء السبت، الحداد الوطني لمدة 3 أيام على أرواح الذين قضوا من جراء الزلزال المدمر، كما أمر بتسريع عمليات الإنقاذ.
وأصدر الديوان الملكي المغربي، بيانا، نشرته وكالة الأنباء الرسمية، أشار إلى تعليمات أصدرها الملك محمد السادس؛ إثر ترؤسه جلسة ﻋﻣل ﺧﺻﺻت ﻟﺑﺣث اﻟوﺿﻊ ﻓﻲ أﻋﻘﺎب اﻟزﻟزال المؤلم.
وقد أكد ناصر جبور، مدير المعهد الوطني للجيوفيزياء في المغرب، أن زلزال الحوز كان الأشد قوة منذ فترة طويلة، مشيرا إلى أن أقوى الهزات الارتدادية وصلت إلى 5.9 على مقياس ريختر.
وحسب موقع “العربية”، قال: إن وقوع الزلزال لم يكن مفاجئا من حيث البؤرة، لافتاً إلى أن قوة الزلزال كانت مفاجئة، مقارنة مع زلازل تاريخية أخرى.
كما قال إن قوة الزلزال بلغ درجة لم تكن في الحسبان، حتى لمن درس الجيولوجيا وعلم الزلازل، مشيرا إلى أن قوته يمكن تفسيرها إلى أنه جاء متأخرا لسنوات بالنسبة للدورة الزلزالية القديمة.
وأوضح أنه بعد الزلزال الرئيسي، كانت الهزات الارتدادية متسلسلة ومستمرة بشكل كبير، وقوتها كانت عالية، حيث تم تسجيل هزة ارتدادية بقوة 5.9 على مقياس ريختر في إقليم الحوز.
وبيّن أن هناك استمرارية للهزات الارتدادية، لكنها متباعدة في الزمن، ولكن لا يمكن الشعور بها بنسبة 100%، كذلك أوضح أن هناك توزعا جغرافيا لهذه الهزات، على شكل إكليل، تحيط بالبؤرة الرئيسية للزلزال، لكنها تقل مع مرور الوقت.
يذكر أن هذا الزلزال يعتبر الأكثر دموية في المغرب منذ الزلزال الذي دمّر مدينة أغادير، على الساحل الغربي للبلاد، في 29 فبراير 1960، ولقي حوالي 15 ألف شخص، أي ثلث سكان المدينة، حتفهم.
وأعربت الولايات المتحدة الأمريكية عن استعدادها لتقديم مساعدات كبيرة للمغرب في أعقاب الزلزال المدمر الذي وقع بالقرب من مدنية "مراكش" وأسفر عن مقتل وإصابة آلاف الأشخاص.
وقال نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي جون فاينر - حسبما نقلت شبكة "سي إن إن" الأمريكية اليوم الأحد - "لدينا فرق بحث وإنقاذ جاهزة للانتشار يمكنها المساعدة ليس فقط في هذا النشاط، ولكن أيضا في الجهود الطبية وغيرها من أشكال المساعدة المختلفة".
وأضاف فاينر: "نحن مستعدون أيضا لتقديم التمويل اللازم في الوقت المناسب لمساعدة المغاربة على التعافي والتعامل مع هذه المأساة المروعة التي حلت بهم".
كما أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أمس (السبت) أن إدارته على اتصال بمسئولين في المغرب، وقال بايدن "إننا نعمل على وجه السرعة لضمان سلامة المواطنين الأمريكيين في المغرب، ونحن على استعداد لتقديم أي مساعدة ضرورية للشعب المغربي".
وفي سياق متصل ، أكدت مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية سامانثا باور ، أن الوكالة على استعداد لتقديم الدعم والمساعدة للمملكة المغربية للتخفيف من آثار الزلزال المدمر.
وقالت باور ، حسبما أفادت قناة " الحرة" الأمريكية ، إن الوكالة على اتصال وثيق بالمسؤولين في المغرب ، مشيرة إلي استعدادها لتقديم الدعم في حال طلب منها ذلك .
كما أعلن وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، اليوم الأحد، أن بلاده سترسل فرق بحث وإنقاذ ومساعدات أخرى إلى المغرب، في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضربه، وتسبب في مقتل وإصابة آلاف الأشخاص، وذلك بعد أن تلقت مدريد طلبا رسميا للمساعدة من الرباط.
وذكر ألباريس - في تصريحات أوردتها صحيفة "ذا لوكال" الإسبانية - أنه "تلقى اتصالا هاتفيا من نظيره المغربي في الساعات الأولى من صباح اليوم يطلب فيه المساعدة"، مشيرا إلى أن "هذا يعد رمزا للتضامن الإسباني والصداقة التي توحد الشعبين الإسباني والمغربي".
وأكد ألباريس أن المساعدة ستكون بالقدر الذي يحتاجه المغرب، موضحا أنه في البداية سيتم إرسال فرق البحث والإنقاذ للاستمرار في عمليات العثور على أكبر عدد من الأشخاص الذين ما زالوا على قيد الحياة لإنقاذهم.
كما أوضح أنه عندما يحين وقت إعادة الإعمار؛ فإن المساعدات الإسبانية ستكون موجودة أيضا، ولم يقدم ألباريس المزيد من التفاصيل، إلا أن متحدثا باسم وزارة الداخلية، قال: إن الحكومة تستعد لإرسال 65 فردا من وحدة الطوارئ العسكرية الإسبانية على الفور إلى المغرب للمساعدة في جهود البحث والإنقاذ.
خسائر بـ 150 مليار
في هذا الصدد، قدر الباحث المتخصص في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، أبو بكر الديب، الخسائر الاقتصادية المبدئية للزلازل الذي ضرب المغرب بـ 150 مليار دولار، مطالبا المجتمع العربي والإسلامي والدولي بمد يد العون وتقديم مساعدات عاجلة للأشقاء بالمغرب .
وقال أبوبكر الديب، خلال تصريحات لــ"صدى البلد" إن الخسائر لحقت بالنية التحتية والأساسية والمرافق وقطاعات اقتصادية كالاستثمار والسياحة وغيرها، متوقعا تضرر اقتصاد المغرب الذي يمثل خامس أكبر اقتصاد إفريقي من حيث حجم الناتج المحلي الإجمالي، بحجم ناتج محلي إجمالي يصل إلى نحو 134.2 مليار دولار خلال عام 2022، وهو ما يأتي بعد نيجيريا، ومصر، وجنوب أفريقيا، والجزائر، الدول الأربع الأكبر من حيث الناتج المحلي الإجمالي على الترتيب، وفقا لبيانات البنك الدولي.
وأضاف الباحث الاقتصادي، أن الزلزال تسبب في انهيار العديد من المباني العامة والخاصة والتاريخية فى البلاد، فضلا عن تعليق الإنتاج الصناعي في العديد من المصانع، وتضرر البنية التحتية ما يرفع فاتورة إعادة الإعمار.
ولفت أبو بكر الديب، إلى أن الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات والأعاصير، تسبب أضرارا اقتصادية هائلة، فضلا عن مخاطرها البشرية، ناهيك عن تدمير البنية التحتية مثل المساكن والمدارس والمصانع والمعدات، والطرق والسدود والجسور ورأس المال البشري، وفقدان العمال المهرة، مشيراً إلى أن الزلزال العنيف ضرب مواقع عدة.
وتوقع أبوبكر الدبب، نجاح جهود الحكومة المغربية في النهاية باحتواء وامتصاص آثار هذه الكارثة، وأشار إلى أن هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، قدرت بشكل مبدئي الخسائر الاقتصادية المحتملة لزلزال المغرب المدمر، بنحو 2 % من الناتج المحلي الإجمالى للبلاد، علاوة على الأضرار البشرية الكبيرة.
وطالب أبوبكر الديب، بالتوسع في التأمين ضد الكوارث الطبيعية، وخاصة الزلازل، مع التغيرات المناخية، وربما يكون هناك موجة لجوء من المغاربة إلى أوروبا.