تواصل قمة البريكس التي تستضيفها مدينة جوهانسبرج أعمالها في الفترة من 22 إلى 24 أغسطس تحت عنوان "البريكس وأفريقيا: الشراكة من أجل النمو المتسارع المتبادل والتنمية المستدامة والتعددية الشاملة"، حيث دعا رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، أكثر من 60 رئيس دولة وحكومة من أفريقيا ودول نامية أخرى للمشاركة في القمة.
رسالة قوية لأمريكا
قمة بريكس تضم 5 اقتصادات هي روسيا والبرازيل والهند والصين وجنوب أفريقيا، وتستمر لمدة 3 أيام، وهذه القمة أول لقاء وجها لوجه لقادة المجموعة منذ جائحة كورونا، باستثناء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والذي تحدث عبر الفيديو.
وسيتعين على دول مجموعة بريكس الخمس الاتفاق على معايير الأعضاء الجدد، حيث تقدمت 23 دولة على مستوى العالم برغبتها في الانضمام إلى مجموعة البريكس، ومن بين هذه الدول “مصر والجزائر والسعودية والإمارات”، بالإضافة إلى “البحرين والكويت والمغرب وفلسطين، والأرجنتين وإندونيسيا” وغيرها من الدول الراغبة في الانضمام، ولكن نفت المغرب ذلك، حيث أفاد مصدر مأذون من وزارة الخارجية المغربية بأن التفاعل إيجابا مع الدعوة للمشاركة في اجتماع بريكس/أفريقيا، المرتقب في جنوب أفريقيا، أو المشاركة في هذا الاجتماع على أي مستوى كان، لم يكن واردا أبدا بالنسبة للمملكة المغربية.
ويقترح أعضاء في مجموعة "البريكس" زيادة استخدام العملات المحلية في التجارة البينية وإنشاء نظام دفع مشترك، وبالفعل بدأ العديد من دول "بريكس" في تسوية صفقات تجارية ثنائية بالعملات المحلية.
ومن المفترض أن يشارك الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بقمة البريكس، وتأتي المشاركة المصرية في إطار مساعي مصرية؛ لزيادة فرص التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة، في هذه القمة التي تحظى باهتمام عالمي.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن قرار روسيا بالتخلي عن الدولار كعملة عالمية لا رجعة فيه.
وهاجم بوتين في كلمته عبر الفيديو كونفرانس أمام قمة بريكس الـ15، والتي تقام حاليا في "جوهانسبرج" بجنوب أفريقيا، الدولار الأمريكي كعملة عالمية، داعيا إلى فك ارتباط اقتصادات العالم بالعملة الأمريكية.
وأكد الرئيس الروسي، أن قمة بريكس تعزز التعاون بين دول المجموعة، مشيرا إلى ازدهار التجارة بين البرازيل والهند وروسيا والصين وجنوب أفريقيا، وأشار بوتين إلى أن الاستثمار في دول بريكس زاد بمقدار 6 أضعاف.
وتحدث الرئيس الروسي في كلمة بالجلسة الافتتاحية، عن التقلبات في أسواق المالية والطاقة وغيرها من الأسواق، مؤكدا أن أسعار الغذاء ارتفعت والكثير من الدول تضررت من ذلك.
وأوضح أن العقوبات المفروضة على روسيا من قبل الغرب بسبب حرب أوكرانيا أعاقت صادراتها الغذائية، لكنه أشار في نفس الوقت إلى أن روسيا لا تزال مورد غذاء لأفريقيا يمكن التعويل عليه وستظل كذلك.
وأكد الرئيس الروسي خلال كلمته، أنّ الغرب عرقل صادرات روسيا من الأسمدة والأغذية وهو المسئول عن فشل صفقة الحبوب، مشيرًا إلى أنّ روسيا مستعدة لتوزيع الأسمدة المحتجزة في الموانئ الغربية مجانا، وأيضًا موسكو مستعدة للعودة إلى صفقة تصدير الحبوب إذا تم تنفيذها بالكامل.
رد فعل واشنطن
قال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي، أمس الثلاثاء، عن القمة الـ15 لمجموعة "بريكس" التي تستضيفها مدينة جوهانسبرج بجنوب أفريقيا، إن الولايات المتحدة لا تعتقد أن مجموعة البريكس أصبحت منافسا جيوسياسيا لها، أو شيء من هذا القبيل.
وأضاف سوليفان، أن مجموعة البريكس في شكلها الحالي هي مجموعة متنوعة من الدول التي تختلف حول القضايا الحاسمة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وكانت رئيسة بنك التنمية التابع لـ"بريكس"، ديلما روسيف، أكدت أن العملات المحلية ليست خيارا بديلا للدولار، بل هي عملية لتجاوز النظام الأحادي القطب المهيمن في العالم.
وقالت روسيف، خلال مقابلة مع صحيفة "فاينانشيال تايمز" الأمريكية، إن "العملات المحلية ليست بديلا عن الدولار إنها بديل للنظام الحالي المهيمن وطريقة لتجاوزه، حيث سيحل محله نظام متعدد الأقطاب".
ووفقا لروسيف، سيسمح الإقراض بالعملة المحلية للمقترضين بتجنب مخاطر العملة وتقلبات أسعار الفائدة الحاصل في الولايات المتحدة.
وأشارت روسيف إلى أن بنك "بريكس" للتنمية الجديد يحترم سياسات كل دولة ولا يضع شروطا سياسية على القروض، إذ يحاول تمييز نفسه عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي من خلال عدم وضع قوائم بالشروط السياسية لمنح القروض.
واعتبر خبراء ومحللون مختصون في مجال الاقتصاد أن هذه الخطوة هي بداية الطريق لتقليل التعامل بالدولار دوليا وعالميا، خصوصا بعد استخدام واشنطن للدولار "كعصا ضد الدول" وأداة لتنفيذ أجندات سياسية وعسكرية من خلال آلية العقوبات الجائرة التي تفرضها في وجه خصومها حول العالم.
وتأتي خطوة مجموعة "بريكس" بالتزامن مع بدء التعامل الفعلي على مستوى العالم بالعملات المحلية مثل الروبل واليوان وغيرها، وانخفاض نسب احتياطيات الدولار في البنوك العالمية.
بينما قال الخبير الاقتصادي أحمد معطي، إن أمر التخلي عن الدولار وإيجاد عملة بديلة للعالم هو قرار ليس بهذه السهولة، واصفاً أن ذلك "أمرا مقبولا اقتصادياً "، أما فيما يخص ما قاله الرئيس الروسي بوتين فهو أمر طبيعي، حيث إن ذلك ما تتطمح إليه القمة في الاساس والدول الخمس المشاركة بها مثل الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا.
وأضاف معطي - خلال تصريحات لـ"صدى البلد"، أن الأمر يكمن هنا في تغيير فكر وتوجه العالم وتغيير الصادرات والواردات للتعامل بالعملة البديلة وهو ما سيأخذ الكثير من الوقت، فضلاً عن أن هناك دولاً لن توافق على ذلك ، كما أن الولايات المتحدة لن ترده لذلك حيث إن قوتها تكمن في الدولار الامريكي ، مشيراً إلى أنه طالما لايزال تسعير الذهب والنفط والأسلحة بالدولار سيظل قوياً.
وأكتمل معطي: تصريحات الرئيس الروسي بوتين ستنفذ حيث إنه أصبح يتعامل بالفعل بالعملة المحلية مع بعض الدول مثل الصين (اليوان الصيني - الروبل الروسي) وهو بدوره ما سيقلل الضغط على هيمنة الدولار ولكن لن يحسر الدولار، لافتاً إلى أنه حينما تم التعامل باليورو قُيل أنه سيلغي الاعتماد على الدولار ايضاً ولكن لم يحدث ذلك واستمر الدولار في قوته .
وتابع الخبير الاقتصادي: الجميع منتظر نتائج قمة البريكس ومن المتوقع أن يتم بالطبع إطلاق عملة بديلة موحدة للتعامل فيم بينهم ، فضلاً عن فتح التحالف لدخول أعضاء جدد ، وكذلك الاتفاق على تأسيس مشروعات بين الدول الموجودة بالبريكس وبعضها البعض ، وهناك أيضاً طموحات لاصدار جواز سفر يتيح السفر الى الدول الاعضاء والدخول بفيزا موحدة مثلما يحدث بمنطقة اليورو، وايضاً من المنتظر تسهيل اجراءات المستثمرين.