يشهد سوق العقارات في مصر، ارتفاعا في الأسعار، نتيجة التحديات الراهنة، في ظل عدم استقرار أسعار مواد البناء، بالتزامن مع الضغوط التي تواجهها شركات العقارات، من أسعار مواد البناء، والأعباء التمويلية البنكية، ما تسبب في مشهد مضطرب في أحد القطاعات الحيوية، وأثار تساؤلا لدى المواطنين عن موعد استقرار سوق العقارات، وتهدد تلك الضغوط القدرة الشرائية سواء بالنسبة للإسكان المتوسط أو الفاخر.
أسباب ارتفاع أسعار العقارات
وقال أحمد فارس، الخبير العقاري، إن القطاع العقاري في مصر شهد خلال الفترة الأخيرة، ارتفاعات مستمرة في الأسعار، نتيجة مجموعة من العوامل، وفي مقدمتها ارتفاع مستويات التضخم عالميا ومحليا والذي انعكس بكل تأكيد على ارتفاع مستويات أسعار مواد البناء وهي أحد أهم مدخلات صناعة العقار في مصر، وتنعكس في ارتفاع أسعار العقارات.
وأضاف فارس، خلال تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن ارتفاع معدل التضخم السنوي، تسبب في ارتفاع أسعار مواد البناء، فقد ارتفع سعر الحديد لما يقار 40 ألف جنيه في الطن، وذلك بعدما كان في حدود 10 آلاف جنيه قبل الموجه التضخمية الأخيرة.
وأوضح، أنها لجانب أسباب التضخم، وبالتزامن مع انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار، أصبح العقار أحد الملاذات الآمنة لتوجيه السيولة كما يحدث مع الذهب والعملات الأجنبية، فقد لجأ الكثيرون ممن لديهم فوائض مالية إلى الاستثمار في العقارات لحفظ قيمة أموالهم بعد التراجع في قيمة العملة المحلية، هذا بالإضافة الي ثقه المصريين الدائم في العقار كاستثمار وادخار أمن ومربح.
وأكد أن القرارات الأخيرة التي منحتها الدولة في اجتماع رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي مع غرفه صناعه التطوير العقاري، مثلت دفعة قوية لإنقاذ القطاع العقاري في مواجهه التحديات التي يواجهها، وبلاشك يعتبر امتلاك عقار من أهم الأهداف التي يسعى إليها المصرين باختلاف الطبقات الإجتماعية والتوجهات ولكن يظل دائما امتلاط بيتك أو عقار باسمك هدف يسعى إلى تحقيقه الكثيرون.
تحديات تواجه سوق العقارات
من جانبه، قال شنودة أمين، المتخصص في ملف الاستثمار العقاري، إن سوق العقارات في مصر، يمتلك كثير من مقومات النجاح أولها وجود عدد كبير من شركات التطوير العقاري، التي تسعى لتقديم منتج عقاري فاخر ومتميز كما أنها تحرص على تقديم أفضل قيمة سعرية ، ولكن مع التحديات، تسبب ذلك في تراجع أرباح كثير من الشركات نتيجة تباطؤ حركة المبيعات خاصة بعد أزمة الدولار الأخيرة، لكن من ناحية أخرى هذا الفرق في سعر صرف الدولار قام بتشجيع الكثيرين من المصريين المقيمين في الخارج على الإقبال على شراء وتملك العقارات في مصر .
وأضاف أمين خلال تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن الفترة الأخيرة، كانت هناك تحديات بالقطاع العقاري، ولم تؤثر الأسعار على العميل فقط، وإنما على كل أطراف الصناعة، موضحا أن كل الأطراف في السوق العقاري، تتأثر بهذه الزيادة، بداية من موردين مواد البناء وأيضا المطور العقاري وكذلك عملية النقل وأيضا الإنشاءات، وهو ما يؤكد ان السوق العقاري في مصر يواجه مجموعة من التحديات مؤخرا نتيجة ارتفاع مستويات التضخم.
العوامل المؤثر في تسعير العقارات
وأوضح أن العوامل التي تؤثر في تسعير العقار في مصر:
1. مستوي الفائدة
بعد أزمة الدولار وارتفاع سعر الدولار الأخيرة قامت البنوك برفع الفائدة على الشهادات الاستثمارية إلى 25% وهي نسبة مغرية جدا أدت إلى تراجع الناس عن الاستثمار في العقار والتوجه فورا إلى شراء الشهادات. لكن يؤكد المتخصصون أن رفع العوائد على شهادات الادخار سيكون له تأثير على المدى القريب فقط لأن القطاع العقاري سيظل له جاذبيته الخاصة فهو بعكس الشهادات قصيرة المدى يعتبر استثمار متوسط إلى طويل الآجل.
2. زيادة أسعار التكلفة
إن ارتفاع قيمة الدولار له تأثير مباشر على القطاع العقاري في مصر خصوصا التكلفة الإنشائية للمشروعات. فارتفاع أسعار المواد الخام ومواد البناء المستخدمة في المشاريع يضطر المطورين إلى رفع سعر الوحدات. وتعتبر أزمة ارتفاع أسعار مواد البناء هي أكبر تحدي يواجه القطاع العقاري. وعلى هذا الأساس يؤكد الكثيرون على أهمية دعم الدولة للقطاع الصناعي لتوفير مكونات التنفيذ للمشروعات المختلفة.
3. التغير السكاني
لا شك أن عدد السكان أو الأشخاص المستفيدة من أي سلعة أو خدمة يؤثر على السعر بصورة مباشرة. وفي حالة العقارات يكون التغير الديموغرافي الذي يحدث في أي بلد من أكبر العوامل التي تتحكم في الطلب عى العقارات مما يؤثر على الأسعار، وتفيد دراسة التغير السكاني في معرفة نوعية العقارات التي يكون عليها طلب أعلى وكذلك المناطق التي يميل إلى السكن فيها الناس مما يساعد المطورين والحكومة في عرض مشاريع عقارية ذات قيمة أعلى وتتناسب مع احتياج السكان. وهذا يؤدي إلى وجود توازن في السوق.
4. حجم النمو الإقتصادي
حيث انه من أهم العوامل التي لا يمكن التغاضي عنها عند تقييم أسعار العقارات هو حجة النمو الإقتصادي الذي تشهده البلد. فإذا كان اقتصاد الدولة في حالة حركة وتطور مستمر فبالتبعية يزدهر القطاع العقاري نتيجة لضخ استثمارات أكبر وجذب الاستثمار الخارجي أيضا الذي يوفر دخل أجنبي، لذا فإن متابعة حالة الإقتصاد العامة يمكنها أن تعطيك تصور عن صحة القطاع العقاري وتوجهات الأسعار الخاصة به.
5. بناء المدن الجديدة
حيث أن التوجه نحو بناء المدن الجديدة ليس بالأمر الحديث ولكن في العقد الأخير أصبحت رؤية المدن الجديدة بغرض التوسع العمراني الشامل الذي يوفر أماكن قابلة للعيش طوال السنة والتي تكون كاملة الخدمات والمرافق مما يسهل القرار على المواطن بالخروج من مناطق التكدس مثل القاهرة والجيزة، وبلاشك فإن إقبال الدولة على بناء مدن جديدة يفتح الأبواب أمام المطورين العقاريين بتنفيذ مشاريع ضخمة وقوية مما يدفع عجلة الاستثمار سواء الاستثمار المحلي أو الاستثمار الأجنبي، ولعل من أبرز المدن الجديدة التي بدأت في إظهار نتائجها هي العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة وكذلك المنصورة الجديدة.
أفضل وقت لشراء العقارات
وتابع: إن التساؤل الذي يشغل بال كل المنشغلين بقطاع العقارات وخصوصا العملاء الراغبين في شراء عقارات في مصر أو الدخول في استثمار عقاري هو هل من الممكن أن تنخفض أسعار العقارات أم ستستمر في الازدياد؟ خصوصا مع ما تشهده الحالة الاقتصادية والارتفاع في أسعار الدولار، موضحا أن المؤشرات العامة تشير الى أنه من المتوقع ارتفاع أسعار العقار نتيجة ارتفاع الدولار وهذه الزيادة تؤثر بدورها في ارتفاع تكلفة مواد البناء والأسمنت والحديد، إلى جانب ارتفاع قيمة الشحن والنقل.
واختتم: وكما يقال دائما أن أفضل فرصة للاستثمار هي الآن, لأنه وعلى الرغم من ارتفاع أسعار العقارات فمن المتوقع أن هذا لن يؤثر على الطلب على العقارات. ربما العكس صحيح فمتوقع ازدياد الطلب على العقارات المتوسطة وخصوصا الشقق في حين أن الإسكان الفاخر وذات المستوى العالي هي الوحدات التي يمكن أن تقع في أزمة تضخم نتيجة لتوفرها في السوق ولكن الطلب عليها سيبدأ في الانخفاض.