تمر اليوم ذكرى مرور أربعة قرون على ميلاد عالم الرياضيات والفيلسوف الفرنسي بليز باسكال، مخترع الآلة الحاسبة وصاحب العديد من الإنجازات العلمية التي سنتناولها خلال الأسطر التالية.
وُلد بليز باسكال في مدينة كلير مون ـ فيراند بفرنسا يوم 19 يونيو عام 1623، وظهرت عبقريته في الرياضيات منذ صغره.
قام باسكال بنشر 18 كتيبًا ساخرًا سميت «الرسائل الريفية»، واستطاع من خلالها إيجاد أسلوب جديد في النثر الفرنسي، وقد لاقت شعبية عظيمة في عامي 1656 و1657.
[[system-code:ad:autoads]]
كما عالج بليز باسكال الهندسة الإسقاطية وتناول المخروطيات، وبعدها القطاعات المخروطية. بدأ اهتمامه بالهندسة من عمر الثانية عشرة عندما قرأ كتاب العناصر لأقليدس. وأكمل اهتمامه منذ عام 1639 بالنسبة للدائرة والمخروط والكرة والأمكنة الهندسية لنقطة متغيرة. لكن عمله بأشكال الهندسة لم ينل الإعجاب في عصره، إلى أن جاء "بننسيليه" في القرن التاسع عشر ليظهر أهمية باسكال.
قانون بسكال
أدَّت أعماله في مجال ضغط السوائل إلى إيجاد المبدأ المسمى «قانون باسكال»، الذي ظهر خلال الخمسينيات من القرن السابع عشر الميلادي. وينص هذا المبدأ على أن السوائل الموجودة في الأوعية المغلقة تنقل الضغوط الواقعة عليها من جهة معينة بشكل متساوي في كافة الجهات، كما يوضح العمليات التي تقوم بها ضاغطات الهواء، والمضخات الفراغية، والرافعات الهيدروليكية وغيرها. ساعدت تجارب باسكال على إثبات أن للهواء وزناً، وأن ضغط الهواء يمكن أن ينتج فراغًا، وبذلك أزال شكوك العلماء في ذلك الوقت في إمكان وجود الفراغ.
نظرية الاحتمالات.. مثلث بسكال
يمكن القول بأن بليز باسكال هو الذي أسس حساب الاحتمالات، حيث اقتصرت الاحتمالات على الألعاب وبعض أنواع التجارة وما شابه، إنما لم يكن هناك علم بالمعنى الصحيح يرتكز إلى أصول الرياضيات، إلى أن قدم باسكال وعالم الرياضيات الفرنسي "بيير دي فيرمات" نظرية الاحتمالات خلال الخمسينيات من القرن السابع عشر الميلادي ، وناقشا بعض تطبيقاتها.
فيما صمم بسكال عام 1654 تنظيمًا ثلاثيًا من الأرقام يكون فيه كل رقم مساويًا لمجموع الرقمين المجاورين له من جهة اليمين، وعلى جانبه الأيسر في الصف الذي يكون أعلاه مباشرة. ويمكن استخدام هذا التنظيم الذي سمِّي «مثلث باسكال» المستخدم في حساب الاحتمالات، إذ اهتم بخصائص السلاسل العددية الصحيحة وبالترتيب العددي والأعداد الطبيعية والأعداد المثلثية.
اسهماته في الضغط الجوي
أراد بليز باسكال إجابة سؤال كان يحير الفيزيائيين في زمانه. وهو لماذا يشير “بارومتر تورشيلي الزئبقي” دائمًا إلى 76 سم، وإذا استبدلنا الزئبق بالماء فإنه يشير إلى 10 متر. وما هو السر خلف هذه الأرقام الثابتة التي لا تتغير. وقام باسكال بإعطاء قريب له وكان متسلق جبال بارومتر زئبقي وطلب منه أن يخبره ماذا سوف تكون قرائته عند قمة الجبل. ووجد متسلق الجبال أن البارومتر لا يشير إلى 76 سم بل إلى 66 سم. وهنا أدرك باسكال أن الأرقام ليست ثابتة ولكنها تعتمد على ضغط الغلاف الجوي. وكلما صعدنا إلى أعلى فكلما قلَّ الضغط حتى ينعدم.
التحليل المتناهي الصغر
نشر بليز باسكال أعماله في مجال التحليل المتناهية الصغر في آخر حياته بين عام 1650 و 1660، واعتمد قليلاً على ستيفن ورينيه ديكارت وروبرفال وتورتشللي وغيرهم. لكنه سبق نيوتن، ولايبنتز، الذين أخذوا عنه أشياء كثيرة، كما تناول مفهوم الحدود، ومرائل التكامل.
الآلة الحاسبة
إحدى أوائل آلات باسكال الحاسبة
تعتبر هذه الآلة إحدى أوجه تقدم العلوم التطبيقية. إنها فعلا اكتشاف جدير بالاهتمام، فهو الذي أوصل الإنسانية إلى الحاسبات الحديثة وما يمكن أن تصل إليه في المستقبل. فقد وضع تصميمها ونفذ أول نموذج منها في روان سنة 1642 واستمر بعد ذلك لتسع سنوات في تطوير آلته، وهي آلة تقوم بإجراء عملية الجمع بشكل مباشر، أما الطرح فتتم بطريقة جمع المكمل العددي، إلا أن مرضه وعدم عثوره على مصمم ساعات كفء لم يمكنه من تنفيذ تصميم آليات الضرب والقسمة، لذلك كانت عمليات الضرب تتم بطريقة الجمع المتكرر، أما القسمة فتتم بطريقة الطرح المتكرر.